من مؤشرات رفاه التونسيين التي يمكن المفاخرة بها اقليميا ودوليا، أن 80٪ من التونسيين يمتلكون مساكنهم وهي نسبة تحققت بفضل تحسّن وتطوّر حجم القروض السكنية، وكذلك ارتفاع دخل المواطنين نتيجة الزيادات السنوية في الأجور خلال العقدين الأخيرين. واذا كانت هذه النتيجة وليدة توسّع الطبقة الوسطى في تونس والتي تتميز بدخل مرتفع والتي أصبحت تمثل قرابة 80٪ من المجتمع التونسي، فإن ضعاف الدخل وأصحاب الأجور المتدنية وجدوا ملاذهم عند رئيس الدولة، سواء من خلال المساكن التي يتم منحها للعائلات المعوزة وفاقدة السند، أو أيضا من خلال عديد الآليات والقروض المخففة التي تسند الى صغار الأجراء الذين تتراوح رواتبهم بين مرة وثلاث مرات الأجر الأدنى المضمون للحصول على مساكن اجتماعية تنجزها في الغالب شركة البعث العقاري العمومية التي تعتمد أسعارا معقولة. واذا كان ما تحقق مهمّا بكل ا لمقاييس فإن امكانيات دعمه باتت صعبة لعدة اعتبارات بدت في السنوات الاخيرة، ورغم جهود الحكومة وتدخلاتها عصيّة عن الحلّ وتتمثل في التباعد بين أسعار السوق العقارية وبين مستوى دخل وامكانيات معظم التونسيين بما في ذلك الطبقة الوسطى التي بدأت تفقد قدرتها على امتلاك مسكن في ظل ارتفاع أسعار المتر المربع للمساكن وتجاوز متوسط السعر 100 ألف دينار. والخشية اليوم أن يتواصل نسق الارتفاع ويتأثر ببورصة أسعار بعض المشاريع العقارية الخليجية في ضواحي العاصمة والتي وجدت اقبالا حتى من التونسيين رغم أسعارها المشطّة. إن جزءا مهمّا من مكوّنات الطبقة الوسطى الضامنة للرفاه والاستقرار، أصبحت غير قادرة حتى على توفير نسبة التمويل الذاتي المفروضة للحصول على قرض سكني من البنوك والمؤسسات المالية. إن عجز هذه الفئة وضعف نسبة المساكن الاجتماعية قد يخلق تراجعا في حجم الطلب على المساكن وهو ما قد يهدّد الباعثين العقاريين والبنوك التي تموّلهم لإنجاز مشاريعهم السكنية. إن المطلوب اليوم من البنوك والباعثين العقاريين والهياكل الادارية ومنظمة الدفاع عن المستهلك العمل على كبح جماح ارتفاع الأسعار لأن الانفلات قد يسبب أزمة قد تمسّ بدرجة أولى البنوك التي تموّل الباعثين والمواطنين.