دعوني أركن اليوم في هذا الركن الى البحث عن جواب مضادّ لأنفلونزا الخنازير الضاحكة على ذقون البلهاء منا لهذا السؤال: «إذا كان إنتاجنا المحلي من الاشاعات والاكاذيب يغطي الحاجة الى مطلع الالفية الرابعة، فلماذا كل هذا الاصرار على توريدها من الخارج. وكل هذا الافراط في استهلاكها علفا مركبا في أوساط تلك القطعان التي ضحكت على ذقونها الخنازير؟ في تراثنا الأدبي أثبت بشار بن برد أن الأذن تعشق قبل العين أحيانا. وبالتالي ما الذي يمنعها من أن تعلف قبل الفم أحيانا. ومن أن تجوع قبل البطن أزمانا وأزمانا؟ أما في تراثنا الشعبي فكل من يعشق ويأكل بأذنه ويجوع منها فيُعرف ب «الوذاني» عفانا وعفاكم الله من شرّه خاصة إذا كان مسؤولا، أو «هبّاطا» في سوق الجملة للاشاعات والاكاذيب، بحرا وبرّا وجوّا. ذاك رأس الجواب. أما ذيله فيقول نحن بين الامم، ربما الأمة الوحيدة التي سمّت الكذب بالريح بجميع أنواعها من ألطفها نسمة الى أشدها عصفا. ومن أبردها صقيعا الى أحرها «شهيلي» ب«شرشها» و«شلوقها» و«برّانيها» بكل تلك التي تجري بما لا تشتهي السفن. ويشتد صفيرها في كل خواء وفراغ حيث مجراها ومرساها الكذب عندنا ريح. والريح عند غيرنا طاقة، فلا غرابة إن اعتمد من لا طاقة ذاتية له بيننا على هذه النوعية من الريح كطاقة بديلة مستدامة في قضاء الشؤون والمآرب وتحريك الدواليب، حتى وإن كانت أشد تلويثا للمحيط والفتك به من الفسفور الابيض المخصب ويبقى المهم في الصورة دوران الناعورة.