كذا كنت طفله كذا كان وقع الزّمان رفيقا وكان المكان على حين غفله... كذا كنت تأتي صباحا إليّ بوجه مطير ولحظ حرير وقلبي يطير كأحلام نحله... كذا كنت تجري كذا كنت أجري زماني زمانك وقلبك مُهري وما كان يكبو ولا كان يرهب ولا كان يشكو ولا كان يغضب وما من حصى كي يكلّ ويتعب فكلّ النجاد تصير مهادا وكلّ الحزون تناديه أهلا كذا كنت تمشي كذا كنت أمشي خطاي خطاك وهدبك رمشي سناك نجومي وضوؤك يعشي تحطّ السّنونو على راحتيك وتطلقها كي تنام بعشّي كذا كنت تعطو شذى وبشاما وكنت أنا في رباك خزامى وعند الربيع تصير غماما فتورق روحي وتشرق شمسي كذا كنت تغفو غزالا غريرا وكنت أغار عليك كثيرا وكنت إذا شاغلتك الظباء أحطّ وأعلو وسرّك أفشي كذلك كنّا عصافير عدن وكان الزمان مواويل مزن وما كنا نبكي ولا كنا نحزن وما كنا نشكو ولا كنا نبرم وما كان غيم يجيئ بدجن كذلك كنا فراشا صغيرا وكان الزمان قميصا حريرا وكنا عراة وكنا حفاة ولكننا في غناء وعرس... كذاك كبرنا وشاب الزمان وغام الفضاء وضاق المكان وطارت عصافيرنا في ثوان ونامت بقفر وحطت بحبس ولكننا بين حين وآن نعود خفافا كما كنا أمس... ونركز مهرا ونقفز تلاّ وتغدو وأغدو على حين عفلة