أعطتني سامية زوجة صديقي وناشر كتابي المستقبلي محمد صالح الرصاع، سلحفاة صغيرة أصغر من قطعة الدينار الفضية، وضعتها في حوض في الحديقة، (أقول وضعتها مؤنثة، لأن صغار السلاحف لا تختلف الذكور عن الاناث في البداية قبل النضج الجنسي ثم تبدأ الاختلافات في الظهور. حيث تكبر الذكور أسرع من الاناث كما أن الذيل عند الذكر يصبح أطول من ذيل الأنثى، وعند الذكور نجد أن المخالب أطول من الأنثى و حجم قبة الأنثى أكبر من الذكر) وبما أن سلحفاتي ما زالت صغيرة لمعرفة الجنس، قررت أنها ستكون أنثى،. أصبحت هذه «الفكرونة» الصغيرة. شغلي الشاغل، أتفقدها حال ما أستيقظ، غيرت فكري بأن السلاحف حيوانات بطيئة بلهاء، ربما ساهم هذا الاعتقاد بطؤها الشديد في حركتها، بالعكس هي حيوانات لطيفة وجذابة, ولماذا العجلة ؟ أعتقد أنه يمكن اقامة علاقة ود بيني وبينها، فقد لاحظت أنها تميز بين وجودي ووجود آخر، عندما أحملها لا تخفي رأسها، لكن أي حضور غريب تختفي وتكف عن الحركة. و السلحفاة حيوان معمر. . قد يصل عمره الى مائة و أربعين سنة. . لذلك فمع مرور الزمن يمكن أن تزداد الألفة بيني و بينها, وتصبح عشرة عمر، يعني ممكن أن أعيش معها مائة وأربعين سنة، وأواصل الكتابة على صفحات «الشروق» لأحكي عن أولاد أولادها. وضعت لها في الأول ورقات من الكرنب، لكنها لم تأكل منه الكثير، وضعت سلطة خضراء فأحبتها، في بعض الأيام تلتهم كل ما أضع من سلطة، وأيام أخرى لا تأكل شيئا ، ثم فتحت الأنترنيت لأتعرف على حياة السلحفاة وعاداتها، ووجدت أنها تأكل كل الخضراوات والطماطم والفقوس، والفواكه والبيض والخبز، فكرونتي تحب التفاح، وتحتاج للماء لأن السلحفاة حيوان برمائي، وضعت الماء صارت الفكرونة تشرب كل ما أضعه، وضعت اناء متسعا كفاية لتستطيع ارتقاءه والخروج منه، فأصبحت تجلس أو تنام وسط اناء الماء , أعجبتني استقلاليتها وكأنها وحدها في الوجود، كنت أستهزئ بمن يتحدث مع كلابه أو قططه، صرت لا شعوريا أحيي سلحفاتي كل صباح «صباح الخير فكرونتي» لا أجدها عندما أبحث عنها متأخرا في الليل، تختفي, لكن صدفة نسيت قطعة قماش بجانب منطقتها فأصبحت تنام عليها وأحيانا تحتها، ربما أنها تبحث عن الدفء. تنتمي السلاحف الى عائلة الحيوانات البرمائية. حتى ولو عاشت في البر. ويوجد كميات كبيرة منها في فلسطين، تتواجد هناك بين النباتات وبين الصخور، وقد وجدت نفس النص عن السلحفاة، أحدهم يحكي أنها في فلسطين، والآخر أنها في اسرائيل، قال محمود درويش إنّ شعراء اسرائيل يكتبون عن الأرض، عن الشجرة، عن المكان. يحاولون أن يتفوقوا شاعرية على الفلسطيني صاحب المكان. لقد ابتلعوا وطنا بأسره. بكل ما فيه من حيوانات وسلاحف. يريدون أن يسرقوا الأشياء والأماكن، حتى السلحفاة ليس للفلسطيني حق بها بما أنها تنتمي للأرض، وربما عندما يذكرون السلحفاة يقصدون الأمة العربية. السلحفاة تختبئ في الشتاء في حفر تحت الأرض, وتنام هناك لأشهر طويلة. عند نهاية الشتاء تخرج من الحفرة الى الخارج، وهذه الفترة هي فترة تكاثرها. ترافق المغازلة لدى السلاحف أصواتا عالية مثل العشاق. يتبع الذكر الأنثى ويضربها بمساعدة درعه. وتسمع أصوات الضرب عن بعد. كما تحصل المغازلة في شهر ماي وحتى شهر جوان، تضع الأنثى من ثلاث الى خمس بيضات في حفرة تحفرها في الأرض. تترك الأنثى البيضات ولا تحرسها. بعد ثلاثة أشهر تفقس السلاحف الصغيرة ويكون درعها لينا في الأول. بعد وقت معين فقط يصلب درع السلاحف. لكن وبشكل عام لا تعيش السلاحف كمجموعات، يفقسوا ويذهب كل في حاله. استقلالية تامة ،لا يحتاجون لبعض الا فترة التزاوج، يبحثون عن بعضهم البعض. ويمكن معرفة عمر السلحفاة حسب عدد الحلقات المحيطية التي على درعها، في الخمس سنوات الأولى من عمرها، ثم تتلاشى الفروق ويصعب معرفة عمر السلحفاة. ويعتبر الصينيون السلحفاة البرية فألا حسنا ويستبشرون بها. لذلك توجد تماثيل للسلاحف في الحدائق الصينية، ويقولون بأن وجود تمثال للسلحفاة السوداء يجلب المال والحظ السعيد. أما عندنا نحن العرب فهي تمثل طول العمر والبطء.. وأهم مكان تتجمع فيه السلاحف: محمية رأس الحد للسلاحف في سلطنة عمان. و تعتبر المحمية واحدة من مجموعة محميات طبيعية. تمتد على مساحة 120 كيلومترا من الشواطئ والأراضي الساحلية وقاع البحر وخورين. وذلك بهدف الحفاظ على تلك الانواع الفريدة من السلاحف. وتقع رأس الحد شرق مدينة صور وهي جزء من مجموعة شواطئ تعشيش السلاحف لكنها تجتذب أكبر عدد من السلاحف الخضراء المعششة في عمان. مما جعلها ذات أهمية كبرى لاستمرار حياة وبقاء هذا النوع من السلاحف المهددة بالانقراض. وفي كل عام تعشش في هذه المنطقة حوالي 6000 الى 13000 سلحفاة، تفد الى عمان من مناطق أخرى بعيدة مثل الخليج العربي والبحر الأحمر وشواطئ الصومال. وقد وجدت كتابا كتبه الأمريكي روبير بارتليت وزوجته باتريسيا بعنوان «اذا أردت تزويج سلاحفك» سأقرأه لاختيار عريسا مناسبا لسلحفاتي في شهر أفريل. {وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم أمثالُكُم}