حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي يقول «سي أحمد بن صالح» مواصلا حديثه عن العلاقة مع السويد وتاريخ ارتباط الصداقة بين البلدين: «توطّدت بين تونسوالسويد، علاقة طيّبة ومتينة، بل إن علاقة صداقة حميمية جمعتني مع الوزير الاول «إيرلندار» وخلفه «أولوف بالما» الذي كان وقتها سكرتير (أي ما يناسب رئيس الديوان أو الرجل الثاني من حيث المهام) وقد أصبح بالما وزيرا أوّل في ما بعد... لما كنت في المنفى...». هنا، وبعد كشفه لعديد النقاط في المشهد التعاوني بين تونس، وبقيّة البلدان التي أشار الى البعض منها، من خلال القصص الفارطة لحلقات ماضية، سألت «سي أحمد» بن صالح عن ردّ فعل فرنسا، خاصة وأن السياسة الفرنسية ما بعد الاستعمار، كانت ترنو الى الابقاء على المشهد الاقتصادي والسياسي والثقافي لمستعمراتها السابقة، حتى يكون مرتبطا بها: أي بفرنسا. عن هذا السؤال، الذي قد يكون انتظره، يقول «سي أحمد» وقد فضّل أن يبدأ بقصّة توحي بالكثير مما تضمّنه سؤالي: «وقع في هذا المضمار حدث، فخلال فترة السنوات الاربع الاولى من حياة المخطط، ألقى رئيس الدولة خطابا في البرلمان، يتحدّث فيه عن مسيرة العام المنقضي، وكيف كان التطبيق والانجاز (...) وكنت كما هي العادة مع الرئيس بورقيبة، أعطيته بسطة عن وجه من وجوه الخروج من سيطرة الاستعمار، كان ذلك خلال جلسة عمل مع الرئيس قبيل الخطاب في البرلمان، وقلت له خلال الجلسة: سيّد الرئيس، «هذه الأرقام والمعلومات»... وقد أردت أن أبيّن له أن التجارة في تونس (التونسية) قبل الاستقلال وبعده بسنوات قليلة جدا، كانت تعتمد نسبة للتبادل (التعامل) مع فرنسا تصل الى 76٪ والبقية كانت تعاملات تونس مع دول أخرى، في تلك الفترة، قلت له، تحوّل التعامل التجاري (استيراد) مع فرنسا من 76 بالمائة الى 34٪ أو 36٪، أي النصف أتذكّر أنه وبمناسبة خطاب رئيس الدولة في البرلمان بمناسبة نهاية السنة الادارية، ضمّنا تلك الارقام في خطاب رئيس الجمهورية، وبعد 24 ساعة بالضبط، حدث أن دعاني أخي د. محمد بن صالح من ضمن ضيوفه في بيته على عشاء، وكان من ضمن الضيوف سفير الهند بتونس وقتها، وخلال مأدبة العشاء، وبعد أن بادلته التحيّة، اتّجه السفير نحوي بالكلام وقال لي: «لن يغفروا لك ذلك أبدا، يا سي أحمد». «On ne vous pardonnera jamais ça si Ahmed» وهو يقصد الفرنسيين الذين لن يغفروا تغيّر نسبة التجارة التونسية مع فرنسا، وكيف أضحت النسبة تتناقص في غير صالح فرنسا...». كان «سي أحمد» بن صالح، في ذاك التاريخ، وزيرا للمالية والتخطيط التي أضيف إليها بعد مدّة قصيرة من إنشائها، الصناعة والتجارة وهنا شدّد صاحب المذكّرات ليكشف بأن «كل الصناعات وقطاع البناء والتجارة الداخلية والخارجية، كلّها من صلب اختصاص وزارة التخطيط والمالية وكذلك السياحة كما ذكرت سابقا... وكذلك المناجم... ولكن تطوّرات كبيرة سوف تعرفها هذه القطاعات، طوال الستينات... والأكيد هنا، أن أي نوع من أنواع الرضاء الفرنسي، لم يكن له أثر، خاصة مع تلك المتغيّرات... وقد ذكرت لك خلال الحلقة الماضية، كيف أن تشييد ميناء صيد بحري في قليبية، قلبته «النفوس» المرتبطة أو التي تقع تحت تأثير فرنسا، الى أن بن صالح أنشأ قاعدة بحرية عسكرية، بلّغته الى كاتب الدولة لرئاسة الجمهورية... كما بيّنت ذلك،وأعطيت معلومة خاطئة الى رئيس الجمهورية».