حوار وإعداد: فاطمة بن عبد الله الكراي لامني الأستاذ أحمد بن صالح بخصوص عنوان حلقة أمس... فأما العنوان فهو صحيح، لكنه لم يكن على لسانه، بل كان على لسان «إيرلندار» الوزير الاول السويدي، ولأن فحوى العنوان «كنت أوّل شخصية غير سويدية تشارك (...) في الهيئة الملكية للتعاون الدولي» لم يكن واردا على لسانه، ومن منطلق التعفّف الذي يتوخّاه «سي أحمد» بن صالح دوما، فإنني وللأمانة أورد هنا في مطلع هذه الحلقة الكلام الذي قاله «إيرلندار» لبن صالح: «إنّك، سيد أحمد بن صالح، أوّل شخصية غير سويديّة، يحضر في لجنة ملكيّة سويديّة، وأنت ستحضر الآن معنا، في هذه اللجنة الملكية الجديدة، التي سترعى سياستنا في مجال التعاون الدولي في التنمية». وتواصلت علاقات «سي أحمد» متميّزة مع السويديين، وكان في زيارة أخرى الى السويد،وقد زارها اكثر من مرّة، إذ يقول: «بدأ إيرلندار يفكّر في خروجه من الحكم (ظلّ ايرلندار وزيرا أول طيلة 25 سنة بلا انقطاع)، وفي فترة من الزمن (الستينات) أقام ايرلندار حفل استقبال على شرفي، وفي بداية اللقاء، قال لي: «قرّرت أن أعيّن أولوف بالمة وزيرا للتعليم»... وقد تحادثنا عن أهمية هذه الوزارة في حياة أي بلد، وفي مسيرة أي نظام...قلت له: أنا كمسؤول عن المالية، لم أسمح لنفسي مرّة واحدة أن أقول «لا لوزير التعليم. فقال لي: كيف... كيف؟ فأعدت على مسامع ايرلندار نفس كلامي... فقال للتوّ: «انتظر...انتظر»... وغادرني وسط الحفل، ثم رجع ومعه وزير المالية (نظير «سي أحمد» وقتها)،وفي حماس شديد وبلهجة حادّة نوعا ما، قال لي: «أعد علينا ما قلته لي منذ قليل... أعده أمام وزير المالية...» فقلت له: «لا أتخيّل أنني قلت أمرا خارقا للعادة»... ثم أعدت ما كنت قلته، حول علاقتي كوزير للمالية مع وزارة التربية وكيف أنني لا يمكن أن أرفض طلبا لهذه الوزارة من «المالية»... فابتسم أولوف بالمة وزمزم وزير المالية (حيث لم يعجبه الأمر...)... وزير المالية السويدي «سترونغ» بقي في نفس منصبه لمدّة 19 سنة... وبدون انقطاع... وتواصلت العلاقة بيننا، الى حد أنه وعندما أرفع السماعة لأحيّيه يقول لي: «آلو... شقيق» «Allo, Brother» وعندما بلغ عمره سبعين عاما، نشروا عنه كتابا،ساهمت فيه من ضمن من ساهموا وكتبت عنه...». طبعا تواصلت علاقات «صاحب المذكّرات» مع السّويديين من «إيرلندار» الى «بالمة» و«أندرسون» و«ألفا ميردا» (صاحبة نوبل للسلام) وكانت مسؤولة أممية في مجال منع انتشار السلاح... وكان زوجها قد حصل على جائزة نوبل للاقتصاد... اضافة الى الاستاذ «غوردلوند» وكذلك جماعة مؤسسة «داغ هامرشولد»... ويواصل «سي أحمد» كشف النقاب، بعد السؤال، عن طبيعة علاقاته مع السويديين وكيف وصلت الى حدّ أنه أصبح وكأنه واحد منهم... يقول صاحب المذكّرات، متذكّرا قصّة أخرى طريفة، تكشف مدى عمق العلاقات التي قدّت عبر السنين والتجارب: «(...) في كل مؤتمر للحزب الاشتراكي السويدي، كنت أُدعى، كل مرّة الى هذا المؤتمر، (كضيف صديق)، وكان أولوف بالمة، وزيرا أول بعد، وكان أحد قياديي الحزب، الذي رافقني الى النزل الذي نزلت به، وقال لي (مسؤول في المكتب السياسي للحزب): «سيد أحمد بن صالح، كلّفني الاخوان في الحزب، لأقول لك: هناك تكتّل داخل الحزب، يريد أعضاؤه أن يتخلّصوا من أولوف بالمة»... ويقصد فريقا داخل الحزب، وأضاف موضّحا: هذا لأن بالمة يعتني بالسياسات الخارجية والأوضاع الخارجية، وافريقيا»، وهم يطلبون مني (بصفة شخصية) حتىأتحدث الى أولوف بالمة وأقول له حتى يعالج الموضوع... وذلك عبر إلقاء خطاب يعتني فيه بالأولويات السويدية (أي بالشأن الداخلي)... وفعلا، كان الأمر كما قالوا وأبلغوني به، عبر هذا المسؤول الذي رافقني، حيث ألقى بالمة في افتتاح المؤتمر، خطابا رائعا لكنه كان عن السياسة الخارجية والأوضاع العالمية... كان إيرلندار حاضرا، بصفته شيخ الجماعة (فقد كان متقاعدا)... وجاء خطاب بالمة خاليا، بالفعل، من الهموم السويدية البحتة.. وصادف ان كان ضيوف أجانب، حاضرين في المؤتمر، أقام لهم (لنا) عشاء على شرف الضيوف. ضيوف المؤتمر وكانت المأدبة، موائد موائد، وكانت الطاولة التي يترأسها بالمةوزوجته، قد جمعتني به أنا أيضا وكنت الى جانبه، ومعنا رئيس المؤتمر الافريقي ANC (جنوب افريقيا لأن مانديلا كان في السجن السجن وقتها...). فهل يقوم «سي أحمد» بمهمّة لفت نظر بالمة بودّ الى قضية الخطاب عن الأحوال الداخلية للسويد؟