يعدّ مهدي كروبي من أبرز الشخصيات السياسية والدينية الايرانية لاحقا وسابقا، دائم الحضور والتأثير، كان حارسا أمينا للثورة الاسلامية، حيث عمل مع المرشد الأعلى الراحل الخميني، ولاحقا مع علي خامنئي الى أن اضطر الى الاستقالة من جميع مناصبه على اثر رسالتين وجههما الى المرشد الأعلى (أي علي خامنئي) انتقد فيهما النظام واتهم في الرسالة الاولى منهما نجل المرشد ذاته بقيادة شبكة تدعم الرئيس أحمدي نجاد وتقمع المحتجين. محسوب في ايران على التيار الوسطي وسبق له ان دعا الى عدم الافراط في التشدد، ناصحا الاصلاحيين بعدم التورط في معاداة مؤسسات البلاد الرسمية، لكنه في نهاية الامر أصبح يصنف في خانة «الأعداء» بالنظر الى مواقفه المنتقدة للنظام ومؤسساته. ومن بين أشد انتقاداته اتهامه للرئيس محمود احمدي نجاد ب«طلبنة» النظام (نسبة الى حركة طالبان)، وفي ذلك اشارة صريحة لتوجهاته القائمة على الاعتدال خاصة في التعامل مع الغرب. كما خرج الرجل عن المألوف حين قال ان ايران اليوم لا اسلامية ولا جمهورية، وان النظام القائم فرط في مبادئ الثورة وجيّرها لحسابه. هاجم في أكثر من مناسبة أداء مرشد الثورة وتحيزه للمحافظين، وهو أمر كلفه منذ سنوات قليلة مضت وضعه تحت الاقامة الجبرية. من عرفوا الرجل يقولون عنه انه أقرب في شخصيته ومواقفه الى شخص ومواقف الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، يتبنى طروحاته ويميل الى البراغماتية في توجهاته السياسية الأمر الذي مكنه من استقطاب المزيد من الأنصار وجعله يحظى بالاحترام والثقة في أوساط التيار الاصلاحي. ومن ثمة كان واحدا من مرشحي التيار لانتخابات الرئاسة الأخيرة التي فاز فيها أحمدي نجاد. بكل المقاييس الراهنة وبالنظر الى مواقفه من النظام ومن المرشد الأعلى للثورة الاسلامية، يمكن تصنيف كروبي ضمن «المتمردين» على السائد والمألوف في إيران، فالرجل الذي عمل طويلا مع قائد الثورة الاسلامية الخميني، والذي حظي بثقته وتجرأ في أكثر من مناسبة على انتقاد أداء القيادة العليا والمؤسسة الدينية، وهو أمر كان الى وقت قصير من المحرمات في إيران. يقف مهدي كروبي اليوم وقد تجاوز العقد السابع ب 3 سنوات في قلب العاصفة فإما ان ينتهي به المطاف الى انتزاع مكانته السياسية والدينية (بعد ان بات مغضوبا عليه من قبل المؤسسة الدينية) واستعادة أمجاده بعد ان تنكّر له الحظ في أكثر من مناسبة. وإما ان تقذف به (مجددا) العاصفة السياسية الراهنة الى الإقامة الجبرية وتجميد نشاطه السياسي. وتقول آخر الأخبار انه تعرض أمس الى إطلاق نار على سيارته، وقبلها تعرض للاعتداء من قبل أنصار نجاد. وكما تنقل كروبي بين مناصب عليا في المؤسسة الايرانية الرسمية، تقلب وانقلب وفق مبدإ الثابت والمتغيّر في السياسة من الولاء للنظام الى عداء لا أحد يعلم مآله حتى يهدأ غبار المعركة السياسية في إيران.