النبضات المليئة بالحياة لا تسكت «بالمدينة العربي» رغم ارتفاع درجات الحرارة بل لعلّ هذه الحرارة هي التي حوّلتها قبلة لعديد الحرفاء والزبائن. تونسيون وسواح أجانب يدخلون أسواق المدينة العربي لا رغبة في الشراء فحسب وإنما هربا من أشعة الشمس الحارقة وطمعا في الاحتماء خاصة وان درجات الحرارة تبلغ أقصاها في بعض الأحيان. يحدثنا عم البشير وهو من أقدم تجار بالأسواق أن هذا المكان بحكم طبيعة بنائه المعماري يبرد كلما ارتفعت درجات الحرارة بالخارج (خارج الأسواق) تنخفض الحرارة بالداخل ويدعم أحمد وهو أحد بائعي إطارات البلور هذه الفكرة قائلا: «مقارنة ببقية التجار نحن نعتبر أنفسنا في «نعمة» خاصة وان طبيعة المكان وكيفية بناء السوق تفتح أبوابا لنسمات باردة قد تلفحنا من حين إلى آخر وتخفّف عنا وطأة الحرارة بل أكثر من ذلك فنحن كتجار بالمدينة العربي محميون لا في هذا الفصل فحسب بل حتى في الشتاء إذ نكون في مأمن حين تنزل الأمطار. **لكن ولكن ليس كل تجار المدينة العربي يعايشون على ما يبدو نفس الوضعية. كمال مكرازي مثلاوهو أحد أصحاب المحلات يؤكد قائلا: «صحيح ان المار أو المتجول يظن أن الأسواق مكان بارد وأعتقد أن هذا مجرد انطباع خاطئ فالمحلات ساخنة ربما يعود إلى قدمها خاصة وأنك قد تجد فوقها بناءات أخرى عالية تحجب النسمات الباردة. نحن كتجار بالمدينة العربي نعاني من ارتفاع درجات الحرارة. الأسوأ من كل هذا أن بعض المنتوجات التي تباع هناك تضاعف الحرارة. عبد القادر أحد بائعي منتوجات الجلد يكشف مثل هذه الحقيقة قائلا: «منتوجات الجلد خاصة إذا كان المحل ضيقا تخزن أشعة الشمس التي يبلغ تأثيرها أقصاه من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثالثة مساء وتضاعف (أي منتوجات الجلد) من تأثير لهيبها ومع اكتظاظ الحرفاء تصبح ظروف عملنا صعبة. المشكل ان ضيق أرجاء المحل هو الذي يمنعني من ادخال مكيّف هوائي لتلطيف الجوّ». وبطريقة فيها مقدار كبير من التذمر يقول عبد السلام أحد بائعي الفضة: «رغم ان البناء يحدّ قليلا من تأثيرات أشعة الشمس لكن هذا لا ينطبق على كل تجار الأسواق. سوء حظي مثلا جعلني في مكان غير مظلل فهو عرضة لأشعة الشمس وتحت تأثير ضجيج العربات المتنقلة واكتظاظ الحرفاء». ولئن أكد بعض بائعي النحاس أن هذا المنتوج يضاعف بدوره من تأثيرات الحرارة بما أنه يعكس أشعة الشمس وسط المحلات إلا أن وليد بائع منتوجات نحاس بؤكد ان صاحب المحل الذي يوفر مثل هذه المنتوجات عليه احكام التصرف والاسراع بوضع «مظللات» تقيه الأشعة رغم كل شيء تبقى وضعية تجار المدينة العربي أحسن من بقية التجار خارجها الذين لم يجدوا من حلّ سوى الاستنجاد بمكيفات التبريد. * رضا بركة