حوار وإعداد فاطمة بن عبد الله الكرّاي نقل سفراء غربيون عن السفير الفرنسي سوفا نيارك، صاحب التقرير المتشنّج ضد سياسة تونس بداية الستينات، أنه قال: «لقد ذهبنا بعيدا ضد بن صالح» وقد نقلها هؤلاء الديبلوماسيون الى الوزير أحمد بن صالح... وكان «سي احمد» قد فسّر ذلك في حلقة الامس... وذكر في آخر الحلقة بأنه لم يتعرّض الى أي نقد او مصادمة جمعته حول تلك الخيارات من أي مسؤول تونسي... مضيفا : «هذا، لأنني لم أنفّذ الا ما وافقت عليه كل المؤسسات الدستورية والحزبية انطلاقا من حماس رئيس الدولة المتواصل اذّاك..» وهنا أردف صاحب المذكرات بالقول، بخصوص ملف العلاقات مع فرنسا بالقول: «أمّا ما لا أنساه فهو موقف ميشال دوبريه باسم فرنسا ومسعاه لرد الفعل او لإصلاح مخلّفات تقرير «جان سوفا نيارك» في تونس... وذلك باسم دولة فرنسا دون شك... هكذا يغلق ملف العلاقة مع فرنسا نسبيا لأننا سوف نتعرّض الى مواقف أخرى تجاه بن صالح بالذات، من ساسة فرنسيين وآخرين تونسيين إبان الازمة... نحن مازلنا نراوح من حيث الظرفية الزمنية في سنة 1964 وهنا نبدأ ملفا آخر لطالما مثّل أهمية بالنسبة ل«سي احمد» بن صالح النقابي و«سي احمد» بن صالح رجل الدولة، ونقصد ملف المغرب العربي الكبير... يقول صاحب هذه المذكرات انه و«ابتداء من ذاك العام (1964) وقع حدث هام، وهو لأول مرة في تاريخ شمال افريقيا او المغرب الكبير، حيث دعوت اخواني وزراء الاقتصادية لكل من ليبيا والجزائر والمغرب، الى اجتماع في مكتبي بتونس برعاية رئيس الدولة (بورقيبة) هذا الاجتماع الذي خصّص لبداية العمل على وضع الحجر الأساس للمغرب العربي الكبير Le grand Maghreb. وانتهى الاجتماع بصدور بيان من هنا (تونس) في هذا المعنى وفي طريق هذا الهدف: وحدة المغرب الكبير، وذلك بتأسيس هيئة دائمة مقرها في تونس لبداية العمل من اجل هذا الهدف الكبير». قلت في سؤال استيضاحي: ومن يرأس هذه الهيئة؟ فقال: كنت رئيسها الاول على أساس ان رئاستها (الهيئة الدائمة) متداولة بيننا نحن الوزراء الاربعة... وقد وقعت مباركة كل هذا في حفل استقبال أقامه رئيس الدولة (بورقيبة) للمجموعة الحاضرة في هذا اللقاء. وقد شرعنا بالوقت في تعيين ممثلين من كل بلد، ووضعنا جدولا لاجتماعات لجان مختلفة، لجان فنية طبعا، ونقول باختصار انه تم بعد ذلك وفي وقت قصير مثلا تكوين مؤسسة تنسيق للطيران المدني ومقرّها الجزائر وكذلك مؤسسة تنسيق النقل الحديدي ومقرها الجزائر ايضا، ولجنة تنسيق النشاط الصناعي وكان قرارها الاول بصفة ابتدائية رمزية لكنها عملية تخصص : فمثلا في المغرب الاقصى تتم صناعة البلور المسطّح وفي تونس يُصنّع البلور المصنّع من قوارير وأكواب... وقد وقعت جلسات تقريبا كل ستة أشهر وهي اللجنة الدائمة للمغرب الكبير، مرة في المغرب ومرة في ليبيا وأخرى في الجزائر بعد تونس، حتى وصلنا الى سنة 1966 حيث وقعت جلسة اللجنة الدائمة في الجزائر برئاسة محمد الشرقاوي الوزير المغربي للاقتصاد وطبعا بحضور الوزير الجزائري وحضوري شخصيا وكذلك الوزير الليبي... وقد جاءت هذه الجلسة بُعيد الانقلاب في الجز ائر الذي أطاح ب«أحمد بن بلّة» وجاء بومدين الى السلطة»... فكيف تمت الجلسة... مفاجآت وأنباء تُذكر لأول مرة سوف تؤثّر في مسيرة المغرب الكبير... سنقرؤها إن شاء الله، في هذا الركن غدا...