حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي ولج صاحب المذكرات ملف المغرب العربي او المغرب الكبير، وبدأ الحديث عن آليات التعاون بين أقطار المغرب العربي، تونسوالجزائر والمغرب وليبيا... كان ذلك سنة 1966، حين انعقدت الجلسة المغاربية الدورية بالجزائر على إثر الاطاحة بالرئيس أحمد بن بلاّ، وكان رئيس الجلسة مغربيا... وقعت إذن جلسة اللجنة الدائمة في الجزائر برئاسة محمد الشرقاوي الوزير المغربي للاقتصاد، وطبعا بحضور الوزير الجزائري وبحضوري شخصيا وكذلك الوزير الليبي للاقتصاد... وكانت هذه الجلسة هامة جدا لأننا أقرينا فيها مشروعا متكاملا للحلقة الأساسية، للتوحيد المتدرّج للمغرب الكبير». قلت لصاحب المذكرات: هل أقررتم أجندا متكاملة للعمل من أجل التوحيد؟ فقال: «تقرر هكذا، أن يعرض هذا المشروع بعد موافقة الهيئة الوزارية (المجتمعة) الى رؤساء الدول لعرضه على البرلمانات حتى نسرع جميعا في خطواتنا الى توحيد المغرب الكبير... وقد تبيّن في أثناء هذا الاجتماع الهام ان أجواء متشنّجة كانت موجودة بين الجزائر والمغرب الأقصى وقد تبيّن ذلك على ما أذكر في موقف متردد من طرف الأخ بلعيد عبد السلام وزير الاقتصاد الجديد (الجزائري) زمن بومدين، كما تبيّن جزئيا عندما كان من المفترض ان يجلس رئيس اللجنة مقابل رئيس الدولة المضيفة، حيث دعانا بومدين الى الغداء، كل المجموعة الوزارية بالمغرب الكبير وكان ترتيب المائدة يقتضي ان يكون، إذن، رئيس اللجنة الدائمة للمغرب الكبير «محمد الشرقاوي» مقابل رئيس الدولة الجزائرية (المضيفة للإجتماع) ولم يكن الأمر كذلك حيث كان الاسم الذي كتب على البطاقة في المكان المقابل لبومدين هو «أحمد بن صالح» فلاحظ محمد الشرقاوي ذلك الأمر، على مسمع الجميع وقال لي: «من حسن الحظ أنك أنت الذي كنت في هذا المكان، وإلا أثرت مشكلة تشريفاتية».. وطبعا مرّت الأمور هكذا، ومرّرناها بأنني كنت الرئيس الذي سيخلف الشرقاوي بعد ذلك الاجتماع، وشعرنا طبعا وكما يُقال في الأحاديث الجارية أن «المسألة فيها واو».. مع الملاحظة أن الذين يخلطون أحيانا في أسباب التعطّل الذي لا يزال قريبا من المطلق، في توحيد ما للمغرب الكبير، لا بدّ وأن يتذكروا أن ذاك التاريخ (سنة 1966) لم تكن مشكلة الصحراء (الغربية) موجودة.. مع العلم طبعا وأن الجفاء تأكد وتواصل ولا يزال».. ويضيف «سي أحمد» وكأنه يستدرك أمرا: «تواصل العمل بصفة دورية نوعا ما، لأنه ولا رئيس دولة في المغرب العربي الكبير قدّم المشروع الذي ذكرته، المشروع المتدرّج نحو الاندماج، إلى البرلمان... ولكن تواصلت أعمال اللجنة الدائمة بعد خروجي من الحكومة ودخولي إلى «المرافق السجنية». يقول هذه الجملة ويضحك، ثمّ يضيف بأنه وبطبيعة الحال، لم يتابع المسيرة بعد ذلك.. هذا شأن المغرب الكبير في قصّة المذكرات، أما الملف الموالي فهو علاقة تونس، وأحيانا المغرب العربي برمّته، مع المجموعة الأوروبية.. وعن سؤال في هذا المجال يقول «سي أحمد» بن صالح: «توجهنا في مجال المغرب العربي الكبير، لم يمنعنا من ربط الصلة مع اللجنة الأوروبية في «بروكسيل» (المجموعة الاوروبية) وقد كنت تعرّفت حتى قبل تكوين المجموعة الاوروبية، وقبل بداية العمل الاوروبي على المؤسسة الاولى في توحد أوروبا وأعني «الفحم» و«الفولاذ» ومقرها بروكسيل ورئيسها «بول فينيه» Paul Finet وقد تيسر لي التعرف على المؤسسة وعلى رئيسها وربما كان لذلك بعض التأثير في ما سعينا اليه بالنسبة الى المغرب العربي الكبير، ونعني مسيرة أوروبا. وكنت في «السيزل» ببروكسيل وكنت أعرفه شخصيا... وكأننا رأينا مثالا أمامنا يتجسّد رأيت شخصيا في الخمسينات كيف تكوّنت النواة... نواة أوروبا.. الموحدة.. اذن وفق ذلك ربطنا الصلة في الستينات مع المؤسسة الاوروبية في بروكسيل وأذكر ان بورقيبة زارها (اللجنة الاوروبية) لما كان الرئيس في زيارة رسمية لبلجيكا وقد دُعي للاتصال بالمجموعة وقد كان لي أن وقّعت اتفاقا مع المجموعة الاوروبية باسم تونس وأظن انه وفق ذلك كانت تونس أول بلد يوقّع اتفاقا مع أوروبا كمجموعة...» لم تعرف تونس الستينات خطوات باتجاه توحيد المغرب الكبير فقط ولا أوروبا فحسب، مثلما أورد منذ قليل صاحب هذه المذكرات بل ان «سي احمد» بن صالح، يقصّ علينا لاحقا علاقات تونس مع الفضاء الافريقي...