سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (290): بن صالح يجيب القرّاء عن تساؤلاتهم: سياسة عبد الناصر ردّ فعل إيجابي جدا... وعميق
حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي يواصل الاستاذ عمار بن الطاهر الزغلامي، طرح أسئلته على «سي أحمد» بن صالح، وفي السؤال الرابع يطرح ما يلي: «ما هو موقف المناضل السيد أحمد بن صالح من القومية العربية زمن القائد جمال عبد الناصر»؟ «سي أحمد» بن صالح، الذي يعتبر من الشخصيات التونسية المحبوبة من مصر عبد الناصر، بدا وهو يستمع الى السؤال وكأنه يستذكر أمرا أو قصة لم يأت عليها عبر هذا الركن... وبعد لحظات صمت تلت استماعه الى نص السؤال الرابع للاستاذ الزغلامي يقول وقد آثر البدء بقصة أول لقاء له بالزعيم جمال عبد الناصر فقال: «أول لقاء لي مع عبد الناصر، كان، عندما جاء الى تونس بعد انتهاء حرب بنزرت وقد جاء للمناسبة أحمد بن بلاّ كذلك... كان سلام فقط هو الذي جمعنا حين رأيته مباشرة، لأول مرة. ولكن في ما بعد، ولما أراد بورقيبة أن يصلح الامور التي تعكّرت مع مصر، ذهبت الى مصر على رأس وفد كبير بطلب من بورقيبة... عندما حللت بمصر، استقبلني الرئيس جمال عبد الناصر في منزله بحضور الاستاذ الشاذلي القليبي والسفير حمادي بدرة... وكانت الأجواء، وكأنها طبيعية من حيث العلاقة و«اللهجة» المستعملة في الترحيب والسلام وكان القبول أخويا من الاشقاء في مصر... أكنّ للزعيم جمال عبد الناصر كل تقدير واحترام... وبقيت على ذلك الموقف أبدا... وواضح أن الأخوة المصريين في العهد الناصري، شاعرون بهذا الامر، فقد دعيت، عندما كنت في المنفى للاحتفال بمرور (كذا) سنة على قيام الثورة في مصر... «ثورة 23 يوليو»... وكانت الندوة برئاسة الاستاذ حسنين هيكل، حيث كانت لي بالمناسبة سهرة شيقة مع علي صبري الوزير الاول عهد جمال عبد الناصر... وقد ساهم الحاضرون والمشاركون (جلّهم) في عهد عبد الناصر كل من موقعه... وهم يعتبرون من الاقارب... ووفق ما عنده من معلومات مسبقة، كان استقبالي من لدن جمال عبد الناصر في منزله بداية الستينات... وكان الحديث وديا، وقد ذكرت من باب الفكاهة، أنني قلت لعبد الناصر، إننا نسعى الى توطيد العلاقة الثنائية في الميادين الاقتصادية والفلاحية والصناعية، وقد ذكرت هذا بعواطف أخوية، فأجابني جمال عبد الناصر قائلا: «يا أستاذ أحمد... التجربة المصرية فريدة من نوعها»... فواصلت كلامي عن أهمية التعاون بين بلدينا، فأعاد عليّ كلامه: «التجربة المصرية فريدة من نوعها»، وهنا اعتبرتها من باب المزح، حين قلت له هذه المرة: «لنكن فريديْن من نوعنا معا...». فعمّ الضحك، وكانت الاقامة كما الاستقبال خلال تلك المهمة، من أفضل ما يكون... ورجعنا الى تونس على أساس أننا أعدنا التقارب والأخوة الى مسارها الطبيعي بين تونس برئاسة بورقيبة ومصر وبرئاسة عبد الناصر... هذا الكلام قلته سابقا كما قلت أيضا أنه من جملة الاسباب التي جعلت بورقيبة يطلب مني شخصيا بأن أقوم بمهمة إعادة الصلة الأخوية مع مصر، وبطبيعة الحال مع رئيسها، تبيّن أمر كنت غافلا عنه... أن لدى «بن صالح» رصيد عند الأخوة المصريين... بخصوص الموقف الذي دفعت باتجاه أن يأخذه «السيزل» CISL في بروكسيل إبان العدوان الثلاثي... فقد كانت المداولات والاخذ والرد في النقاش في مستوى «السيزل» قد تمخّضت عن صدور لائحة مساندة للشعب المصري في إقدامه على تأميم قناة السويس... فكانت ضربة قاصمة للاستعمار... كل أنواع الاستعمار... أما بخصوص جمال عبد الناصر وسياسته الداخلية، فأنا أعتبر أن توجّهه في مجال السياسة الداخلية التنموية، هو رد فعل إيجابي جدا وعميق لمسيرة مصر التي تاهت في العهد الذي سبق الثورة... في ما لا يلتحم بآمال الشعب المصري بعد التحرّر من الاستعمار... وجاء السؤال الخامس والاخير حول الخروج من السجن وفترة الجزائر ليقول بالنص: الخروج من السجن والذهاب الى الجزائر الشقيقة زمن الرئيس هواري بومدين كانت ضبابية، ما مردّ ذلك؟ عن هذا السؤال يقول «سي أحمد»: «أقول للأخ عمار الزغلامي، في ما يخص الجزائر، فأنا أعتبر أي بلد مغربي (شمال افريقي) هو بلدي... ثم إني مدة الثورة الجزائرية كنت أعتبر نفسي ويعتبرني الاخوة الجزائريون في قيادة الثورة، واحدا منهم... واحد منهم ومسؤول قام بما يلزم من واجباته في صالح الثورة الجزائرية، الذي هو صالح المغرب العربي كله... لذلك لا أطبّل في ما يتعلق باستقبال المرحوم العزيز هواري بومدين ورفاقه فهو الذي استقبلني قائلا: «انت واحد منّا»... ولهذا لا أطيل في هذا الموضوع لأنني عشت في الجزائر مع عائلتي وأنا واحد من المناضلين الجزائريين...