سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأول مرة (266): هكذا ذكّرني بيار «غرابار» بكلمات حول الاستقلال والعمل قلتها منذ 1962 بسويسرا
حوار وإعداد : فاطمة بن عبد الله الكراي في هذا الركن من المذكّرات يستذكر «سي احمد» بن صالح سبل التعاون بين تونس وكوكبة من البلدان أساسها السويد والنمسا وفنلندا والنرويج... وقد استذكر فيما استذكر كيف أن تونس ومن خلال هذا التعاون متعدد الأطراف استعملت الطاقة الشمسية منذ الستينات، حيث كان الفيزيائي الدكتور البشير التركي هو المشرف على المشروع... وقد بدأ المشروع (وتوقف هناك على ما يبدو) بتسخين الماء في الثكنات العسكرية عبر الطاقة الشمسية. ومن هنا كشف «سي احمد» النقاب عن ان مشروع استعمال الطاقة الشمسية في بلادنا بدأ مبكرا... «كما عمدنا كذلك الى تحلية الماء الصالح المستخرج من آبار عميقة جدا،كان ذلك في قرية من قرى قفصة (جنوب غرب) حيث كانت نسبة الملوحة قد بلغت 8غ (في المتر المكعب) وكانت هذه التقنية قد أشرف عليها كذلك الدكتور البشير التركي من خلال استعمال الطاقة الشمسية» وأضاف «سي احمد» بن صالح وقد سألته حول تونس، وكيف كانت من خلال هذه العلاقات المتنوعة مع بلدان عبر العالم، هي أول بلد في المغرب العربي الذي «يُمضي اتفاقية مع اللجنة الأوروبية La commission Européenne (قبل ان تتحوّل الى سوق) وقد تلتها زيارة رسمية لبورقيبة الى بروكسيل مقر اللجنة الأوروبية» وكان «سي احمد» بن صالح هو الذي أمضى هذه الاتفاقية... وأضاف «كانت عندي نظرية لا تعجب الأوروبيين أو الحاضرين، في الملتقى الذي أقيم للغرض... قلت: نحن نتمنى ان تكون علاقاتنا مع أوروبا أمتن جهويا، اي ان تكون تونس وايطاليا واسبانيا والبرتغال والمغرب واليونان والجزائر اي المغرب العربي وجنوب أوروبا ثم تكون المجموعة مرتبطة بأوروبا...». ينتقل «سي احمد» بن صالح بعد سؤاله عن سلسلة العلاقات التي قدّها مع الزمن وجمعته بشخصيات عالمية مثل «كرايسكي» و«إيرلندار» وغرابار» رئيس سويسرا الذي يحدّثنا عنه الآن يواصل «سي احمد» استذكار المحطات والشخصيات في شكل متداخل بين القصص التي جمعته بالشخصية المعنية والشخصية المؤثرة في مجرى القصة... «بيار قرابار» تعرّفت عليه يقول سي احمد وقد كان على ما أظن لا يزال رئيس مقاطعة «Vaud» «فو» بسويسرا... وكان رئيس جامعة لوزان السويسرية حين دعاني أوائل الستينات (على الارجح سنة 1962) لإلقاء محاضرة ببهو الجامعة «بلوزان»... قبلت الدعوة، وذهبت الى سويسرا، وقد افتتح «بيار قرابار» Pierre Graber الجلسة او المحاضرة، ليقدّمني الى جمع الحضور... ثم أعطاني الكلمة، فقمت الى المكان المخصص لإلقاء محاضرتي وكانت جملتي الاولى التي استهللت بها المحاضرة تقول ما يلي: «نعم... الآن وقد اكتسبنا استقلالنا، فإن واجبنا الاول الآن، هو ان نتعلّم من جديد سُبل العمل وقوة العمل»... Voilà, la Tunisie est indépendante, il va nous faloir à nous tunisiens, réapprendre à travailler... ومرت السنوات وفي حفل للتوديع سوف نتحدث عنه لاحقا، فاجأنا بيار غرابار نوعا ما بقبوله الحضور (...) قال لي «غرابار» وقتها وهو في التقاعد بعد ان تقلّد مناصب وصلت رئاسة الجمهورية: إنني سيد احمد لن أنسى ذلك الشاب الذي دعوته سنة 1962 ليلقي محاضرة بُعيد تقلّده مسؤولية التخطيط والمالية والاقتصاد ليلقي محاضرة في جامعة لوزان، ولعلي كنت أعرف أشياء طيبة عنه... من خلال ما يقوله عنه بعض النقابيين السويسريين الذين عرفوه، فيأتي هذا الشاب ويقول: إننا الآن في تونس المستقلة، سوف نعمل على اعادة تعلم العمل»... ويواصل غرابار : لا يمكنني ان أنسى هذه المقولة... مضيفا: عندما كنت وزيرا للخارجية، جاءني نظيري التونسي (غرابار يتكلم) ليطلب مني تسليم احمد بن صالح، وقال انه يعلم انه في سويسرا فقلت له: أنا لا أعلم إن كان بن صالح في سويسرا أم لا... ولو كان فعلا في سويسرا، فلا يمكن ان تتوقع أني سأسلّمه..». والحقيقة يواصل «سي احمد» بن صالح كلامه عن «غرابار» : قضيت جل وقت الاحتفال معه في مؤسسة «فيباد» وكان غرابار، قد تقلّد عديد المسؤوليات في بلاده، من وزير للخارجية الى رئاسة الجمهورية...» وفي هذا المجال سوف يكشف «غرابار» عن أمر أخفاه لمدة، ولكنه قاله ل«سي احمد» عند حفل التوديع الذي أقيم له بمناسبة رجوع «سي احمد» في 1988 الى تونس سنراه خلال القصة التي سيكون في سياقها إن شاء الله.