[email protected] بعد بدايتهم التعيسة في «الكان» قدّم لاعبونا مردودا مرضيا أمام الكامرون بما أهّلهم ل«يسردكوا» على الإعلام صحبة مدربهم ويدّعون أنهم «وطنيون» أكثر من الجميع وكأن هذه الوطنية معروضة في «السوبر ماركت» ليلمسها الجميع وتتقاذفها الألسن هنا وهناك في مجال غير مجالها.. وبعد مقابلة الكامرون «اكتشف» لاعبونا «حقّهم» في الكلام والردّ على المشكّكين بما أنهم استطاعوا (يا لرجولتهم وقوتهم وبطشهم) إحراز هدف في مرمى الكامرون وحتى لا ندخل في متاهات ضيّقة جدا وأنفاق تفوح منها الروائح الكريهة سعدنا جدا بالدرس الذي جاءنا مرة أخرى من السّماء وأعفانا مهمة التعليق على من لا يفيق.. فأبناء الجزائر تكفّلوا بهذا الدرس عندما أزاحوا المرشح الأول للقب الافريقي ونعني به منتخب الكوت ديفوار بطريقة أدهشت العالم وأكدت أن الكرة ليست فنيات وخططا فنية، ووعودا بمنح ملكية.. وإنما هي قبل وبعد كل شيء.. «رجولية».. فزملاء المبدع الزياني خسروا لقاءهم الأول في «الكان» على يد مالاوي بثلاثية نظيفة لكنهم عادوا ليقتلعوا ورقة العبور ثم ليقدموا درسا تاريخيا في الكرة و«القليّب» وقلب المعطيات والفنيات وحب الوطن واحترام الجمهور ليستحقوا ذلك اللقب الذي التصق بهم وهو «محاربو الصحراء» فلا سلاحف ولا نسور ولا طيور ولا «جرابع» ولا قردة.. ولا هم يحزنون.. إنهم «محاربون» وإنّهم إسم على مسمّى.. كلّهم استأسدوا وكلّهم كانوا رجلا واحدا فوق الملعب.. فلا خلافات ولا حركات مجانية ولا تداخل في الأدوار.. ولا نقاش بيزنطي مع الحكم ولا نرفزة ولا مدرب يهشم «القاريطة».. ولا طبيب يحلّ محلّ المدرب.. ولا معدّ بدني يقف ليتدخل في أي لقطة ولا مرافق فريق مهمته الأساسية تقبيل المدرب.. ولا.. ولا.. كلهم كانوا هادئين، صامدين، رائعين.. رجالا.. هنيئا لك يا جزائر الأحرار بأبنائك الأبرار.. حتى وإن خسروا حتى وإن خرجوا.. حتى وإن سقطوا.. لأنهم لم يناقشوك في منحة.. ولا ألّبوا عليك الجمهور.. ولم يأخذوا منك أطنانا من المأكولات.. ولا طلبوا منك أن تغلقي أفواه الاعلاميين وأصوات الحقّ صونا للعرض.. بل هم استبسلوا حتى يردّوا عنك شماتة الشامتين.. وانتظارات الفاشلين ممّن منّوا أنفسهم بسقوط مدوّ للجزائر حتى تتساوى الأحزان في هذه «الكان».. درس اللاعبين والاطار الفني مرّ الى المعلقين أيضا.. فقد سمعنا صوت عبد الحفيظ الدراجي ينخفض الى أدنى درجة عندما تتغرغر أسماء اللاعبين داخل حنجرته.. وعندما تقفز الجزائر من قلبه مباشرة الى لسانه.. في وقت سمعنا أبناءنا من المعلقين من ينطلق في شتم الحكم.. واتهام مساعده.. منذ الدقيقة الأولى للمباراة.. رجاء أعيدوا إلينا الحلم.. أعيدوا إلينا الأمل.. أعيدوا إلينا الرجاء.. فبيننا وبينهم ألف سماء... ومليون ونصف المليون من الحروف الأبجدية التي خطّها الشهداء.. مغسولة ومطهّرة بالدماء.