شرح الخبير الروسي ريناد نظامدينو في حديث خص به «الشروق» ببيروت موقف بلاده من الملف النووي الايراني مؤكدا أن موسكو تقف ضد أي محاولة لضرب ايران محذرا من أن مثل هذه الخطوة ستكون وخيمة العواقب على المنطقة والعالم .. السيد نظامدينو، رئيس قسم الاعلام للمجلس الاسلامي الروسي تحدث كذلك عن القضية الفلسطينية والوضع في القوقاز ومستقبل العلاقة الروسية-الأمريكية. وفي ما يلي هذا الحديث. بداية، كيف تحللون موقف موسكو من الملف النووي الايراني .. وما مرد الغموض الروسي في التعاطي مع هذا الموضوع ؟ روسيا لها موقف مزدوج .. فمن جهة هي لا تريد ان تخسر ايران كصديق لها .. ومن جهة ثانية هي لا تريد أن تخسر علاقاتها مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي .. وهذا يعود ايضا الى أن هنالك بعض القوى التي تؤيد المشروع الصهيوني في موسكو ولكن بشكل عام أقول ان الحكومة الروسية لها علاقة جيدة مع ايرانوروسيا تعتبر ايران شريكا استراتيجيا في الشرق الأوسط وقوة اقليمية في المنطقة .. اذا كانت العلاقة جيدة كما تقولون فلماذا تماطل روسيا في بناء مفاعل بوشهر الايراني؟ هذا في اعتقادي يتعلق أساسا بالضغوط الأمريكية والأوروبية والاسرائيلية .. هناك ضغوط «من تحت» ضد روسيا حتى لا تشغل مفاعل بوشهر .. لكن روسيا لن ترضخ وهل ان هذه الضغوط ستنجح في رأيكم في جر روسيا الى تأييد توجيه ضربة عسكرية لإيران كما تلوح بذلك واشنطن وتل أبيب؟ روسيا ضد الحرب على ايران لانها لا تريد توترات على حدودها الجنوبية .. لا أظن ان الحرب واردة مع ان أمريكا واسرائيل تهددان بها بين الفينة والأخرى .. وهذا الأمر في اعتقادي يقود الى كارثة كبيرة في المنطقة والعالم بأسره .. وهو ما لن يكون في صالح أمريكا بالتأكيد خاصة انها تعاني اليوم من ورطة كبيرة في العراق وأفغانستان القنابل لا تحل مشكلة البرنامج النووي الايراني .. والضربات الجوية لن تحل المشكل بل ستعقد الأمور كذلك لا أتصور ان امريكا قادرة على القيام باجتياح بري لايران في ظل الوضع الذي تعيشه اليوم . اذا كانت لروسيا حساباتها في الملف النووي الايراني فلماذا لا تبادر الى اتخاذ موقف اكثر جرأة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ولماذا تكتفي بامساك العصا من الوسط؟ .. نعم أشاطرك هذا الموقف .. فالوارد ان روسيا ما تزال اليوم في حيرة من أمرها. فهي بين ضغوط اللوبي اليهودي الذي لا يريد أن تقيم روسيا علاقات جيدة مع العالم الاسلامي وبين مصالحها بالمنطقة العربية والاسلامية... وهذا كله يضع روسيا في وضع صعب في ما يتعلق باتخاذ القرار في القضية الفلسطينية مع أننا نعتبر بضرورة وأهمية ان تبقى روسيا دولة عظمى وقطبا قويا في العالم. وهذا يحتّم عليها اقامة علاقات جيدة مع العالمين العربي والاسلامي... لأن هذا من مصلحة روسيا حتى تسترجع مكانتها في الشرق الاوسط. كخبير روسي كيف تحلل أزمة القوفاز من حيث أبعادها وتداعياتها... وكيف توصف الوضع بهذه المنطقة بعد مرور نحو عام ونصف على الحرب الروسية الجورجية؟ جورجيا هي قاعدة أمريكية في القوقاز ودائما ما يكون هناك نوع من الاقتراب من جورجيا لحالة القوقاز لأن جورجيا لها حدود مع الشيشان... وهناك بعض القوى تريد الانفصال... نحن نقول إن الوضع ليس مستقرا لأن هناك دائما انفجارات تقف وراءها بعض الاعراق في الشيشان وداغستان وهناك حرب ضد السلطات الروسية وهذا كله يزيد في توتير الاوضاع في القوقاز. روسيا لا تريد التصعيد والمشكلة هي في رئيس جورجيا الذي أشعل الحرب في أوسيتيا الوسطى.. والآن جورجيا تعتبر هذه الارض محتلة من قبل روسيا ودائما تسعى الى السيطرة على هذه المنطقة لكن شعوب أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا لا تقبل بهذا الوضع.. ولا ترى مستقبلها الا في اطار علاقات جيدة مع روسيا... وبالتالي فإن التعنت الجورجي في التعامل مع هذا الملف قد يقود الى انفجار الوضع مجددا في أية لحظة.. لأن روسيا لا يمكن أن ترضخ لمطالب الرئيس الجورجي بخصوص أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. شهدت الفترة الاخيرة محاولات للمصالحة بين واشنطنوموسكو... كيف تنظرون الى هذه الخطوات والى مستقبل العلاقة بين البلدين؟ أمريكا تنظر الى روسيا باعتبارها القوة الوحيدة في العالم التي تشكل خطرا عليها والتي تهدد الامن القومي الامريكي لأن روسيا مازالت لها أسلحة نووية قوية... وبالتالي فإن استراتيجية أمريكا هي تقسيم روسيا الى أجزاء... وهذا ما ورد في خطة أمريكية صدرت مؤخرا تقول بأنه يجب ان تكون هناك عدة دول مكان روسيا... وهذا غير مقبول بالنسبة الى الروس وحتى للمسلمين منهم لأن ذلك ليس من مصلحتهم بالمرة... روسيا هي اليوم قوة عظمى.. ومن مصلحة أمريكا أن يكون هناك تقارب بين البلدين وليس تضارب وتوتر لأن ذلك لا يخدم لا أمريكا ولا روسيا ولا كل بلدان العالم.