يعرض هذه الأيام طلبة المراحل النهائية في المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية مشاريع تخرجهم في مختلف الاختصاصات. الشروق زارت نموذجا من هذه المعاهد لتنقل صورة لما يحدث في مجال يبدو من أهم ما يمكن أن يسهم في دفع البلاد عموما الى موقع أرقى. كان سياق تحولنا الى «ISET» رادس غداة مقابلة كرة القدم التي جمعت بين المتخب التونسي ونظيره الكامروني وكان الحديث يدور شديدا بين عامة الناس عن الكرة حتى لكأن رفعة الوطن حصرت في جلد مدور منفوخ يولجه ثلة من الشباب في سبعة أمتار...!! في ال ISET وأثناء المدة التي قضيناها هناك اختلف المشهد كليا... صدقا لم نسمع كلمة واحدة في أحاديث الشباب والحاضرين عن الكرة ولهيبها... هنا في هذا المعهد يسترد المشهد الوطني التونسي توازنه ونتحقق من أن في البلاد شواغل حقيقية أكثر أهمية وجدية من الكرة... في المشهد أساتذة وأولياء وشباب طالبي تأنق للمناسبة ببدل ورابطات عنق أضفت على السياق لونا يجمع بين هيبة الأناقة وجمال العلم... مشاريع تخرج عديدة عرضها الطلبة أمام لجان تقييم وصناعيين وكشف الكثير منها عن تمكن من ناحية التكنولوجيا وأهلية للإستنباط والتجديد بل عن نبوغ ممكن. السيد عز الدين الهاني أستاذ الدراسات الكهربائية أخبرنا أن مسؤولا بارزا من مؤسسة صناعية عالمية مختصة في انتاج الكوابل تتعامل مع شركة آرباص الأوروبية للطيران حضر عرضا لمشروع تخرج أنجزه طالبان من ISET رادس وتمثل في استنباط نظام مراقبة آلي تكنولوجي للتثبت من سلامة المنتوج الصناعي وموافقته للمواصفات المقررة في كل مرحلة من مراحل تصنيعه. أستاذ الدراسات الكهربائية أعلمنا أن هذا المسؤول لاحظ أن المشروع واعد وعبر عن رضاه عن تجربة التعاون مع مؤسسة ال ISET واستعداده لانتداب أحد القائمين بالمشروع مبرزا اهتمامه بتبني مشاريع تخرج أخرى... السيد سليم العمادي وهو مسؤول عن وحدة الإنتاج المستقلة في موسسة صناعية فرنسية منتصبة بتونس متخصصة في تصنيع معدلات الحرارة Les thermosthatsقال لنا إنه معجب بمستوى حرفية اثنين من جملة ثلاثة مشاريع تخرج تبنتها مؤسسته ويتمثل أحدها في استنباط تقنية تحد من الفواضل المعملية عند تصنيع معدلات الحرارة التي ينتجها. وهذا الأمر قال محدثنا سيساهم في الرفع من مستوى تنافسية المؤسسة التي ينتمي اليها. وأضاف أنه قرر تبني مشاريع أخرى للتخرج سيكون أحدها للثلاثية القادمة. أساتذة الدراسات التكنولوجية حدثونا عن مشاريع تخرج أخرى قيمة كثيرة منها إبداع آلة «محوسبة informatisé لمراقبة درجة ضغط الخزانات وطاقة الخزان في تحمل ضغط المادة المخزونة فيه وهذه الآلة هامة جدا في صناعة الأوعية الخازنة وسلامتها علما بأن هذه الآلة كانت موجودة بصيغة ميكانيكية قبل أن «يحوسبها» مشروع التخرج الجديد. يمكن أن نذكر في هذا السياق كذلك انجازا تكنولوجيا متميزا أبدعه باحثون وإطارات في اختصاص الدراسات الكيميائية والهندسة الكهربائية ويتمثل في تقنية لتطهير المياه المستعملة بالأشعة البنفسجية بدلا من تطهيرها بالمواد الكيميائية التي قد تخلف ضررا. اللافت للانتباه فيما عايناه أثناء عروض مشاريع التخرج هو حضور بعض من الصناعيين. العدد لم يكن كبيرا نسبيا لكنه حسب قول أحد أساتذة قسم الدراسات الميكانيكية يشهد تزايدا مستمرا ونجاعة أكبر وفي هذا السياق يقول محدثنا ان بحوزته عديد طلبات التبني الهامة وعرضا عاجلا من شركة مختصة في صيانة ماركة سيارات عالمية لانتداب ثمانية إطارات تقنية من خريجي مؤسسة ال ISET برادس... كما علمنا أن في الأفق عروضا أخرى ممكنة والأمل أن يزيد نسق عروض الانتداب هذه ومطالب تبني مشاريع التخرج وأن تزيد استفادة كل الأطراف المعنية بشأن التجديد التكنولوجي ومناعة الذكاء والمهارات العالية خاصة مع جهد «الشروق» ووسائل الإعلام عامة في الكشف عن القيمة الموضوعية الحقيقية للكفاءات التكنولوجية التطبيقية عند شباب المعاهد العليا للدراسات والتجديد التكنولوجي.