يتواصل هذه الأيام توريد العجول من الأوروغواي ومن بعض البلدان الأوروبية، وهي عجول صغيرة السّن يقع تسمينها لدى مربين خواص لعدّة أشهر ثم يُباع لحمها لدى القصّابين إلى جانب بقية اللّحوم الأخرى. وبما أنه لا يمكن التمييز عند الجزّار بين لحم البقري المحلي ولحم هذه العجول المستوردة، فإن المواطن يتساءل إن كان لحم عجول الأوروغواي وأوروبا تتوفر فيه المواصفات نفسها المتوفرة في لحومنا المنتجة محليا خاصة من حيث السلامة الصحية والمذاق وغير ذلك.. وتجدر الاشارة إلى أن المصالح المعنية بوزارة الفلاحة وضعت منذ مدة برنامجا لتوريد 20 ألف عجل معدّ للتسمين (نصفها من الأوروغواي والنصف الآخر من أوروبا) وصل جانب كبير منها إلى بلادنا وتم تسمينه وبيع لحمه في حين يتواصل توريد كميات أخرى، هذا إضافة إلى توريد كميات من اللحوم المبرّدة واللحوم المجمّدة. ويأتي كل هذا قصد تعديل سوق اللحوم الحمراء التي تأثرت بتراجع الانتاج المحلي وعزوف عدد من المربين عن تسمين العجول بعد غلاء أسعار العلف. تونسية يؤكد المهنيون في قطاع بيع اللحوم الحمراء (الجزّارة) أن لحوم العجول المستوردة من الأوروغواي وأوروبا هي لحوم تونسية بنسبة كبيرة بما أن التوريد يشمل عجولا صغيرة السنّ ثم يقع تسمينها لدى مربين تونسيين وبأعلاف تونسية وفي بيئة تونسية.. وبالتالي تصبح شبيهة بالعجول المولودة ببلادنا ولا فرق بالتالي بين لحمها ولحم الأبقار التونسية سواء من حيث المذاق والنكهة أو من حيث السلامة الصحية.. كما لا يوجد أي فارق من حيث الأسعار، ذلك أن التكلفة هي نفسها.. لون ذكرت مصادر من قطاع القصابين أن المواطن يلاحظ أحيانا فوارق بين اللحوم المحلية ولحوم العجول المستوردة وذلك من حيث اللون.. إذ أحيانا يكون لون لحوم العجول الموردة مائلا إما إلى البياض أو الاصفرار وإما إلى السّواد.. ويرى المختصون أن نوعية بعض العجول المستوردة تتأثر بالعلف الذي تتغذى منه.. فإذا اعتمد المربي بكثرة على الأعلاف الجافة (شعير فول) يميل لون اللحم بعد ذبحه إلى البياض، أما إذا اعتمد على الأعلاف الخضراء (أعشاب ڤرط) أو الأعلاف المركبة بكثرة، فيميل لون اللحم في هذه الحالة إلى الأحمر القاني أو الأسود.. وهذه التأثيرات نادرا ما تحصل مع العجول المحلية التي عادة ما يكون لونها موحدا مهما كانت الأعلاف، لكن المختصين يؤكدون أنه لا تأثير لتغير اللون على النكهة والمذاق ولا على السلامة الصحية وفق ما ذكره السيد محمد علي بالصيود رئيس الغرفة الوطنية للقصابين. شحوم قال السيد نورالدين العبيدي نائب رئيس الغرفة الجهوية للقصابين بتونس إنه حصل في البداية إشكال حول هذه العجول المستوردة.. إذ اتضح في الماضي أنه بعد تسمينها تكون كمية الشحم بها كبيرة.. وقد اتضح أن ذلك بسبب اعتماد بعض الدول على طريقة التعقيم الجيني لهذه العجول الذكور منذ الصغر حتى تصبح غير قادرة على الانجاب عندما تكبر.. وهذه الطريقة تساعد على تسمين العجل بسرعة وعلى زيادة لحمه ووزنه أكثر من العجل غير المعقّم.. غير أن المربين التونسيين لم يكونوا في البداية على علم بهذا الأمر ولم يأخذوا احتياطاتهم عند تقديم الأعلاف فسمنت العجول أكثر من اللاّزم وتكونت لديها كميات كبيرة من الشحوم مما أثر على الاقبال على لحومها من قبل التونسيين. وأضاف العبيدي أنه تم الاتفاق بين الجهتين التونسية والأجنبية على عدم اعتماد طريقة التعقيم الجيني، وهو ما حصل فعلا في ما بعد حيث أصبحت العجول المورّدة الآن عادية ولا تثير أي اشكال.. وتحرص المصالح الطبية والبيطرية التونسية على التنقل إلى الدول المعنية لمعاينة احترام هذا الشرط قبل ركوب العجول البواخر، إضافة إلى مراقبة الجوانب الصحية الأخرى. وأكد المتحدث ان هذه الطريقة في المراقبة معمول بها أيضا عند توريد اللحوم المجمّدة والمبرّدة إذ يقع التثبت دوما من اتباع طريقة الذبح والسلخ الإسلامية في الدول المعنية وذلك عن طريق لجان مختصة قبل التوريد. أسعار تباع لحوم العجول المورّدة بنفس أسعار اللحوم المحلية، وهذا طبيعي حسب المهنيين في القطاع لأن تكلفة الشراء التي يتحملها الجزّار أو شركة بيع اللحوم بالجملة هي نفسها عند شراء العجل حيّا، وهي تكاليف مرتفعة في كل الأحوال مما يفسّر الارتفاع المتواصل لسعر البيع عند الجزّارة والذي أصبح يثير تذمّر المواطن في الأيام الأخيرة لأنه لم يتعود على شراء اللحم ب15 و17د للكلغ ولا بد من التفكير في الحلول الكفيلة بإعادة الهدوء إلى أسعار اللّحم.