...جلس على كرسيه وأصلح جلسته وشغّل سيارته فامتزج صوت المحرّك بصوت ذاك الجهاز المجاور لمقوده ودون تردد عدّل موجات ذاك الأثير على «الزيتونة» وأطلق سيارة أجرته باحثا عن رزقه متمتما «اللّهم عليك توكّلت»... وعلى نفس المشهد انطلق الآخر الى مقر عمله... وانزوت تلك السيدة في مكتبها تبحث هي الأخرى عن موجات «الزيتونة» وفي أذنها سمّاعة مشدودة الى حاسوبها وأبحرت تشتغل... سويعات مرت في الانصات الى قصص الانبياء وما تيسّر من القرآن الكريم، لتنتقل الموجة من الزيتونة الى «94.9» ومع اذاعة «موزاييك» يمر اليوم. صابر الرباعي، يارا وإليسا وفضل شاكر دون التخلي عن ايقاع المزود هذا ما توفره موزاييك مع بعض البرامج الترفيهية والرياضية والاجتماعية... هكذا اذن يقضي التونسي صباحه مع اذاعة الزيتونة ويقضي بقية النهار مع موزاييك... مشهد نقلناه من بعض السيارات الخاصة وأصحاب سيارات أجرة ومن بعض المكاتب لنقف عند نفس المشهد في مختلف هذه المحطات». لا أشعر بالراحة النفسية والاطمئنان والانشراح الا اذا ما استمعت كل صباح الى بعض الأحاديث النبوية وقصص الانبياء على موجات الزيتونة... هكذا تحدث الينا السيد محمد صاحب سيارة أجرة وهو يهم باستقبال أحد حرفائه... مضيفا: حتى حرفائي يطلبون مني تعديل «الموجة» على «الزيتونة» وخاصة في الصباح... أما في المساء فيقول محمد «موزاييك» هي الاذاعة المفضّلة لديّ لأنها ترضي تقريبا جل الأذواق من المزود الى الشرقي والغربي وخاصة صابر الرباعي ولطفي بوشناق اللذين يطربانني... وأشعر بالرغبة في العمل عندما أستمع اليهما... وعلى ايقاع «أجمل نساء الدنيا» المتأتي من جهاز السيد محمد الذي عدّل على 94.9 توقفنا عند السيدة أحلام التي كانت رابضة سيارتها على قارعة الطريق في انتظار خروج ابنها من المدرسة وقادنا اليها صوت مذياعها فخلنا أنها بصدد الاستماع الى شريط مسجل لكن السيدة أحلام كانت تغنّي صحبة محمد عبده «الأماكن» على اذاعة موزاييك... خفّضت من صوت المذياع قائلة «... بالرغم من ان موزاييك تحرجنا وخاصة في برنامج «فوروم» من خلال التطرق الى مواضيع حسّاسة تخجل أحيانا لكن تبقى هي المفضلة لدي لأني أجد فيها الاغاني المحبّذة لنفسي... موزاييك في آخر النهار الزيتونة في أول النهار ترافقني الى عملي ثم موازييك في آخر اليوم وأحيانا الجوهرة، هكذا تحدث الينا السيد «خميس» من داخل سيارته، مؤكدا ان «الزيتونة» هي الأقرب الى قلبه لأنها تحمل في جوهرها مادة دينية تنير القلوب وتوجه العقول»... «... هي الأولى» وعلى ضوضاء منبهات السيارات التي اختلطت بصوت الأثير داخل تلك الزحمة حيث تعطّلت حركة المرور من شدة الاكتظاظ كانت الفرصة سانحة للاقتراب من صاحب سيارة أجرة، وعن موجات إذاعته قال. الزيتونة أولا وثانيا ثم تأتي الاذاعات الأخرى أبدأ بها صباحي ثم أحاول تعديل الموجة فيما بعد على الجوهرة وحيانا موزاييك إذا تخلّت عن «الميوعة» ومواضيعها المخجلة هكذا كان رأي السيد شعيب حول الاذاعة المفضلة لديه، في حين أكد لنا السيد علي أن الزيتونة وموزاييك يرافقانه في سفره خاصة وأن ضرورة العمل تفرض عليه التنقل من مكان إلى آخر وإذا ما تعطلت هذه الموجات يعدّل إذاعته على الوطنية. وهو ما أكده زميله أيمن يدرس ويشتغل في نفس الوقت، مضيفا أن موزاييك والزيتونة يؤنسانه في وحدته وأحيانا يستمع إلى الإذاعة الثقافية لكن تبقى موزاييك إذاعته المفضلة لأنها ترضي ذوقه الفنّي مع موسيقى الراي والمزود وبعض الأغاني الخفيفة. داخل المكاتب كانت جالسة على مكتبها غائبة عن هذا العالم محلّقة في عالمها الخاص تشتغل وحاسوبها أمامها وسماعتها في أذنها تستمع إلى إذاعتها. «صباح الزيتون» مع الزيتونة.. بهذه الكلمات استقبلتنا السيدة فاطمة في مكتبها قائلة وهي تبتسم «لا يعني أني أستمع إلى الإذاعة أهمل عملي.. بل بالعكس إنها تزيد من نشاطي وإقبالي على العمل بأكثر حيوية.. الزيتونة في الصباح مع برامجها الدينية ثم الوطنية في منتصف النهار وأكمل يومي على موجات «موزاييك».. تضيف فاطمة مع «موزاييك» أستمع إلى كلّ الأغاني التي أحبّذها صابر ولطفي والجسمي.. وعلى إيقاع «ورد الشفايف» غادرنا المكان وفي النفس شيء من تلك الموجات.. وذاك الأثير الذي يبقى بالرغم من التطورات التكنولوجية الحاصلة اليوم أنيسا في كل زمان ومكان.