رئيس الجمهورية: أهالي قابس تظاهروا بشعور مفعم بالمسؤولية والوطنية،ونحن اليوم في ظل حرب تحريرعلى كافة الجبهات لتفكيك شبكات الفاسدين    رئيس الجمهورية: البلاغ غيرالمسؤول الذي يتضمّن إقصاء إحدى الدّول الشّقيقة يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    شبكة تونس الخضراء تدعو لطرح حل جذري للمشكل البيئي في قابس وفق جدول زمني واضح يضمن تفكيك الوحدات الملوِّثة بشكل تدريجي ومدروس    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحين الى اتباع الممارسات الجيدّة لمكافحة الذبابة المتوسطية المتكاثرة على الفواكه    لو فيغارو: مديرة متحف اللوفر قدمت استقالتها بعد سرقة المتحف وتم رفضها    النجم الساحلي يستقبل الأولمبي الباجي من أجل تدارك هزيمته في كأس الكاف    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    نتنياهو يرفض التواجد التركي في قطاع غزّة    مصر.. اكتشاف تمثال ونفق يقرب العلماء من مقبرة الملكة كليوباترا    نابل : انطلاق موسم جني الزيتون    بوسالم .. وفاة استاذة جامعية إثر سقوطها من الطابق الثاني بعمارة    في افتتاح تظاهرة «عين المحبة» في موسمها الثاني...تكريم المطربة القديرة «سلاف»    مهرجان «الرمّان» بالقلعة الصغرى ..أنشطة رياضية صحيّة، ندوات علمية تاريخية وسهرات موسيقية    اكتشاف جين نادر يضاعف إنتاج القمح 3 مرات... التفاصيل    عاجل: مفتي الجمهورية: الخميس 23 أكتوبر أول أيام شهر جمادى الأولى 1447 ه    التركيز في عصر الألعاب: ماذا يحدث لأدمغتنا أمام الشاشات؟    اجتماع وزاري تونسي ليبي وهذا أبرز ما جاء فيه.. #خبر_عاجل    عاجل/ قابس: مسيرة تُطالب بتفكيك الوحدات الصناعية للمجمع الكيميائي    رئيس البرلمان يلتقي ممثلات عن هيئة مكافحة الفساد السابقة    عاجل/ وفاة عون أمن في حادث مرور..    عاجل/ شملت 25 متّهما: قرار قاضي التحقيق في قضية ضبط 400 كلغ "زطلة" بميناء سوسة    أهالي قابس بصوت واحد ..أنقذوا ما تبقّى من حياة فينا    المؤتمر الثامن للطب العام والعائلي: مقاربات طيبة ونفسية واجتماعية للتهرم المتزايد للسكان في تونس    الحمامات تستضيف الملتقى الجهوي الأول للموسيقى بنابل في دورة تحمل اسم الفنان رشيد يدعس    المنستير: انطلاق أشغال مشروع بناء دار الثقافة بقصرهلال بكلفة 4 ملايين و879 ألف دينار    عاجل: نجم تونس حنّبعل المجبري في دائرة الاتهام بسبب تصرّف غريب!    عاجل/ ترامب: حلفاءنا يرحّبون بالذهاب الى غزّة والقضاء على "ح.م.اس"    القصرين: عملية بيولوجية جديدة لمكافحة الحشرة القرمزية    إسرائيل تسلم جثامين 15 فلسطينيا من قطاع غزة    14 عملا مسرحيا في المسابقة الرسمية لمهرجان مواسم الإبداع في دورته الثالثة    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من الجولة الثالثة    ما حقيقة دهس مواطن بسيارة أمنية في قابس؟.. مصدر أمني يكشف #خبر_عاجل    الليغا: ريال مدريد يعترض على إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي    تحضيرا لتصفيات مونديال كرة السلة 2027: المنتخب التونسي يخوض 4 مباريات ودية بتركيا    كيفاش تحافظ على زيت الزيتونة ويقعد معاك مدة طويلة؟    عاجل : دراسة صادمة... لحوم البقر والأسماك تسبب أعراض الاكتئاب    بن عروس: الشروع في تأمين عيادات في اختصاص جراحة العظام بالمراكز الوسيطة بالجهة    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسها: الخطوط التونسية تطلق عروضا استثنائية لمدة 77 ساعة    البطولة العربية للجيدو للاكابر بالعراق: تونس تتوج بذهبية مسابقة الفرق للسيدات    قابس: تنفيذ الاضراب العام الجهوي مع تواصل العمل ببعض القطاعات الحيوية    النائب محمد زياد الماهر: يجب معالجة المديونية المجحفة للدول النامية    طقس اليوم: الحرارة تصل إلى 34 درجة وأمطار ضعيفة بأقصى الشمال    عاجل: حضّروا كلّ الوثائق...التسجيل للباك يبدأ غدوة    الهاني: استغربنا من الزيادة في الأجور في مشروع قانون المالية    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي الإفريقي في مواجهة الإتحاد المنستيري    عاجل: ساركوزي يتوجّه الى السجن ويحمل في يده 3 أشياء...ماهي؟    تونس تتألّق في الصين: 7 ميداليات في بطولة العالم للووشو كونغ فو    لقاء ترامب وبوتين المرتقب "يتعثر"    ساناي تاكايشي أول امرأة في تاريخ اليابان على رأس الحكومة    أصداء التربية بولاية سليانة .. مهرجان circuit théâtre    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    عاجل: اصطدام بين المترو رقم 3 و5 .. إصابات وحالة هلع!    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة بهذه المناطق مع أمطار متفرقة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمس الصاخب: الروتين والبيروقراطية مرة ثانية
نشر في الشروق يوم 13 - 02 - 2010


بقلم: نور الدين صمود
يَخلعُ بعض الناس على البيروقراطية رداءَ النظام والترتيب، وبذلك تصبح «كلمة حق أريد بها باطل، كمن يريك تمرة ويطعمك بعرة» وقد فنّدنا في الحديث السابق هذه الحجة الواهية بشتى البراهين، ولمن لم يقتنع بما ذكرنا سابقا ممن يتشبثون بالروتين ولا يريدون التفريط فيه، ويحسبونه أمرا قانونيا «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»، كأنه «تنزيل من حكيم حميد»، لا يمكن مناقشته أو إلغاؤه أو نسخه، وبما أن جميع العقلاء مقتنعون بوجوب التخلص من المعرقلات فإنني سأواصل مقاومتها بشتى الحجج والبراهين، وإلا صدق فينا قول المتنبي:
وليس يصحُّ في الأفهامِ شيء
إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ
وأود أن أذكر هنا بعض المظاهر الروتينية التي يجب العمل على إزالتها، وهذه أمثلة منها:
تعمل الجهات المكلفة بالسهر على مسالك السير والسفر والتنقل بين الجهات، وتسعى جاهدة إلى توسيع الطرقات التي تجوبها السيارات والحافلات من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وتُضاعف حجم الطرقات أربع مرات أحيانا: مسلكان للذهاب ومسلكان للإياب، وتأتي الأموال التي تصرف عليها من مداخيل (الفينيات) التي يدفعها المواطنون في مقابل السير عليها، ولكن نفس تلك الإدارة التي وسعت الطريق، تنسى السبب الذي من أجله قامت بتلك الأعمال الحضارية الجبارة فتُبقي نفس العلامات وعليها 50 كلم فقط لا غير، غافلة عن أنها وضعت منذ عهد الاستعمار لتحديد السرعة عندما كانت تلك الطريق لا تتسع لأكثر من سيارة واحدة أو كريطة يجرها بغل، فكيف نأمر رجال «الرادار» بمراقبة السرعة في تلك الطرقات مراقبة صارمة لمعاقبة من تتجاوز سرعته الرقم الذي كتب على العلامة في غابر الزمان وسالف العصر والأوان؟ وكأن تلك الطرقات ما زالت على حالتها القديمة، ودار لقمان ما زالت على حالها.
وسأذكر مثالا واحدا على ذلك وهو الطريق التي يسلكها المسافر بين مدينتي: سليمان وبرج السدرية، التي وقع توسيعها في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، ولكن السرعة فيها ظلت محددة كما كانت قبل التوسيع الكبير، أضف إلى ذلك أنه يوجد على يمين الذاهب نحو العاصمة جدار يفصل بين تلك الطريق والسكة الحديدية، وعلى يساره أرض شاسعة لا يمكن أن يفاجئ السائقَ منها أحدٌ، فلماذا صرفت الدولة المليارات على هذه الطريق الواسعة، ثم فرضت على أصحاب السيارات عدم مجاوزة ال50 كلم وأمرت الجهات الساهرة على تحديد السرعة معاقبة المخالفين؟ ومن أمسكه الرادار متلبسا بجريرة تجاوز هذا القدر فالويل له من العقاب بدفع المال وسحب رخصة السياقة لمدة لا يعلمها إلا الله، فتتعطل مصالحه إن كان يشتغل لحسابه أو تتعطل مصالح الجهة التي تشغله إن كان يشتغل لحساب غيره.
إن بعض السيارات لا يمكن لها أن تسير مسافة طويلة في سرعة منخفضة، إذ أن فيها ما يسمَّى (بالسانكيام فيتاس) أي درجة «السرعة الخامسة» التي تريح السيارة أثناء سيرها وتمكن من اقتصاد كمية لا بأس بها من البنزين، في زمن أصبح فيه ثمنه كالدر الثمين، وفي هذا النوع من السيارات ما يُشعر السائق آليًّا، بوجوب الزيادة في السير لأن سيارته لا تطيق السير مدة طويلة في هذا المستوى البطيء فتأخذ في الاهتزاز والارتجاج طلبا للزيادة في السرعة، فيبقى السائق حائرا بين نارين: نار متطلبات السيارة، ونار الرادار الذي لا يرحم، ولو كان الرادار بشرا لتسامح في كثير من هذه التجاوزات لأنه يرى أن الطريق خالية من السيارات فلا مدعاة للتشبث بتطبيق قانون تحديد السرعة، وهكذا تكاد بعض السيارات تقول لسائقها: أرجعني إلى البلاد التي صنعتني حيث أجد الطريق التي أستطيع أن أجري فيها بالطاقة التي خلقت لها لا بطاقة العاجزين الذين يشترون وسائل النقل اللائقة بعصر السرعة ويمهدون لها الطرقات اللائقة بها ثم يفرضون على سائقي السيارات السير بسرعة الجمال والحمير.
أضف إلى ذلك أن المكلفين بمراقبة السرعة ليس لديهم أي اجتهاد، وهم عبيد ما تقوله الآلة، وأضرب على ذلك مثلا بمعاقبة الذين يجاوزون ال50 كلم المسجلة على اليافطة، قرب العلامة التي تشير إلى وجود مدرسة وعليها صورة (طفل وطفلة)، والمخالفة هنا تستوجب تسليط أقصى العقاب إذ قد ينتج عنه قتل طفل اليوم ورجل الغد، ولكن لماذا لا يجتهد المكلف بالمراقبة، فيعفي السائق من»الخطية» إذا كان الوقت ليلا، أو كنا أثناء عطلة مدرسية لا يمكن أن يوجد أثناءها أطفال في ذلك الوقت، فلماذا لا يتجاوز عن كل ما هو «روتيني بيروقراطي في ذلك الوقت؟.
وأخيرا يبدو أن مقاومة الروتين أمر صعب جدا حتى على الذين يقاومونه بدليل أنني لم أتخلص من كلمتي الروتين والبيروقراطية الدخيلتين في العربية، فقد تمسكت بهما، ولم أُحاول اقتلاعهما من هذا المقال، ولذلك أبدأ باقتراح تعريب هذين اللفظين الدخيلين في العربية وأقترح إبدالهما ب«الرتابة والمكتبية» لكي لا يصدق فيَّ قول أبي الأسود الدؤلي:
يا أيها الرجُل المعلم غيرَهُ
هلاَّ لِنفسك كان ذا التعليمُ؟
لا تنه عن خُلُقٍ وتأتي مثلَه
عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
ابْدأ بنفسك فانهها عن غَيِّها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهُناك يُقبل ما وعظتَ ويُقتدَى
بالعلم منك وينفع التعليمُ
فلنكن جميعا، من القمة إلى القاعدة، حربا على «الرتابة والمكتبية»، لنتمكن من القضاء على أمثال هذه المظاهر التي لا يرتضيها أحد في عهد السرعة الملائم لمنجزاتنا فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.