تونس الشروق كتب نورالدين بالطيب: لم أكن أتصوّر أنّ هناك شيئا أسمه «حديقة الأزهر»في القاهرة، ففي زياراتي السّابقة لم تكن هذه الحديقة موجودة وقد تطلّب إنشاؤها سنوات من العمل لتهيئة حديقة في أعلى منطقة من القاهرة لتطلّ على الأزهر الشريف والجناح الفاطمي من مدينة المعز وقلعة صلاح الدّين الإيّوبي. فهذه الحديقة التي تلقّب بجنّة القاهرة من أهم الإنجازات المصرية في القرن العشرين في مجال مقاومة التلوّث إذ انّ القاهرة تعدّ من أكبر المدن في العالم التي تعاني من التلوّث بسبب سكّانها الذين يصلون الى العشرين مليونا وانعدام المساحات الخضراء التي تمتصّ التلوّث ووقود السيارات والمعامل وغير ذلك من أسباب التلوّث فحظ المواطن المصري من سكّان القاهرة لا يتجاوز موطن قدم من المساحات الخضراء لتكون القاهرة بذلك أكثر مدينة في العالم افتقارا للمساحات الخضراء. الحديقة هذه الحديقة تمتدّ على مساحة 30 هكتارا وقد تبرّع بها إمام الطائفة الإسماعلية كريم شاه الحسيني (أغا خان الرابع من باكستان) إذ يعدّ هذا العقار الذي أقيمت عليه الحديقة من ممتلكات الطّائفة الإسماعلية وقد تمّ التفويت في هذه المساحة سنة 1984 بمناسبة مؤتمر تنمية المدن الذي أقيم في القاهرة وقد بدأ الإعداد لهذه الحديقة بإزالة القمامة والحجارة التي تراكمت على مدى 500 سنة وقد أقيمت على إرتفاع 360 قدما وكانت طيلة سنوات مصدرا للغبار والتلوّث المتصاعد من جبل القمامة وقد تمّ اكتشاف سور القاهرة الذي تمّ بناؤه في العهد الأيوبي كما تمّ اكتشاف بعض الأحجار الثمينة الشّاهدة على القرن الثاني عشر وزمن صلاح الدّين الأيوبي. وتطلّ الحديقة المزروعة في أعلى مناطق القاهرة على المأذنة الجميلة للأزهر ومسجد السلطان الحسن ومساجد العهد الفاطمي كما تطلّ على قلعة صلاح الدّين الأيّوبي والمساكن العشوائية المحيطة بجبل المقطّم وسكّان المقابر أسفل الحديقة وهي تمكّن الزّائر من مشهد بانورامي نادر لقاهرة المعزّ . مكوّنات المشروع الذي صمّمه مهندس مصري وتديره أيضا شركات خدمات مصرية يتكوّن من مساحات خضراء ومطاعم ومقاه الى جانب بحيرة اصطناعية وبمكوّناته الجميلة المصمّمة على نفس النّمط المعماري القاهري يكون هذا المشروع البيئي والترفيهي قد منح القاهرة رئة حقيقية تساهم في التخفيف من معاناة السّكّان بسبب التّلوّث غير المسبوق في أكبر مدينة في إفريقيا. حديقة الأزهر هي فعلا جنّة حقيقية تطلّ على القاهرة المعزّية جوهرة الشّرق بسلسلة مآذنها التي تصل الى الألف والتي تمثّل تاريخا من المعمار والتقوى والتصوّف إذ لا يخلو مسجد من مساجد القاهرة من حكايات وأسرار وأعاجيب هندسية بديعة.