هي جماعة من الأدعياء سعى كل فرد منها، لأنانيته المفرطة وحب الذات الطاغي أن يكون كل شيء بالمعهد، مديره حتى والمدير موجود أو على الأقل ناموسه (أي سكريتيره فوق الرتبة) وأن يكون له الرأي الأول إذا أخذت الآراء.. لقد أقامت هذه الجماعة من نفسها مهرجانا متحركا، لافتا للأنظار فأعطى كل واحد لنفسه قيمة غير محدّدة المواصفات، فلا يحتاج فيها لبطاقة شخصية ولا حتى لضمانة من أحد. فإذا به ينتفض يفتي في التربية جاعلا من نفسه دون غيره وصيا على حقوق التلميذ يرعاه في الدراسة وفي المبيت. فهو بلا مؤاخذة تنقصه المعرفة والتخصّص والخبرة من أي نوع.. فقط يكفي أن يملك من الصفاقة ما يغنيه عن الثقافة والمعرفة فهو يتمتع بمقدرة مسيلمة على التلون وعدم الصدق، فلا غرابة أن يصبح مع علي ويمسي مع معاوية إنه حزب (أبو هريرة) الذي سأله القوم ذات يوم: «مالنا نراك تأكل على سماط معاوية وتصلي وراء علي وتختفي ساعة النزال» فرد قائلا: «إن الصلاة وراء علي أقوم والطعام عند معاوية أدسم والبعد عن الهيجاء أسلم». فلا غرابة أن يدعي أحدهم يوما لنفسه باعا وخبرة طويلة في علم الاجتماع البشري منتحلا لنفسه درجة علمية في هذا الاختصاص من جامعة على الهوا.. وأخطرهم من قد يخترع لنفسه دورا سياسيا في جبهات عالمية من حيث شارك في التوقيع على عريضة الدفاع عن حقوق البراغيث في القفز من ذقن إلى ذقن.. مع قلة المحصول تشتد المنافسة والحاجة تدفع للابتكار. إنها جماعة ما عرفت التعاون يوما ولا قدرت أن تعمل مجتمعة مع الغير حتى أنك متى دعوت إلى مصلحة ما تفيد التلميذ وتعلي من شأنه المعرفي تصدّت لها (أي الجماعة) وأصلتها حربا حامية وجعلت أكبر همّها هدمها وتخريبها. فلا همّ لها سوى إضاعة الوقت تصرفه في الأحاديث الفارغة والتلهي بتتبع أعراض الغير من مكان إلى مكان.. فليتها أدركت قيمة هذا الوقت إذ أنه ألذ وسيلة للنجاح وخير طريقة لرفعة الفرد والمجموعة. فلو أحصى الواحد من هذه الجماعة ما أهدره من وقت في مثل هذه السفاسف وقدّر ما يمكن أن يعمل في مثله من جليل الأعمال ونافعها لهالهُ الأمر ورأى شيئا عظيما. كما أنها لم تتعلم وهذه علة أخلاقية أخرى، إطاعة القانون واحترام النظام تقديرا للمصلحة العامة ولم تتعللم أيضا احترام الواجب والاستقامة والاصغاء إلى صوت الضمير. ان هذه السلوكيات الطيبة الواجب اتباعها هي روح نهضة الشعوب والأمم، فحري أن تتحلى بها هذه الجماعة وأمثالها ممن يرتادون مؤسسات تربوية هي منارات للسلوك القويم. وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هُمُو ذهبت أخلاقهم ذهبوا