يتجه العديد من المواطنين لاقتناء سيارات جديدة من الوكالات المعتمدة في بلادنا للشركات الأم، في مسعى منهم للحصول على راحة البال وتفادي مشاكل السيارات القديمة المتمثلة في تكرّر أعطابها، وما ينجرّ عن ذلك من مصاريف إضافية لإصلاحها والبحث عن قطع الغيار، لكن غالبا ما يصطدم هؤلاء بواقع غير ذاك المنشود، خاصة في ما يتعلق بخدمات ما بعد البيع التي مثلت مصدر تذمّر المواطن. وفي محاولة منا لتقييم هذه الخدمات، اقتربنا من بعض المواطنين وسألناهم عن تجاربهم في هذا المجال، فجاءت أغلب الإجابات معبّرة عن حالة عدم الرضا عن مستوى الخدمات التي يقدّمها وكلاء السيارات المعتمدين للشركات الأم في بلادنا على مستوى خدمة ما بعد البيع التي جزم عدد كبير ممّن تحدثوا إلينا أنها تبقى مجرد تسمية لمصلحة غير موجودة أصلا في بلادنا. دون المأمول! أول الأشخاص الذين التقيناهم، كان السيد فريد غانمي الذي تعرّض من خلال حديثه إلينا الى عديد الاشكاليات التي تعاني منها خدمات ما بعد البيع التي تؤمنها الوكالات المعتمدة من طرف الشركات الأم لبيع وتسويق السيارات في بلادنا، وقد لخّص رأيه في قوله إن هذه الخدمة لا ترقى الى مستوى تطلعات المواطن، فهي تقدم خدمات لا ترضي الحريف في أغلب الأحيان، ولا تهتمّ إلا بالكسب المادي على حساب هذا الأخير الذي يتحول الى مصدر رزق مدرّ للأموال بالنسبة للوكلاء. ويقول انه اشترى سيارة جديدة فكان أن تعرّضت لحادث بسيط على مستوى الباب، وحين قصد خدمة ما بعد البيع التابعة للوكالة التي اقتنى منها السيارة، بقي ينتظر مدة خمسة عشر يوما كاملة حتى تمّ اصلاح العطب، وهي مدة طويلة تتسبّب في تعطيل الحريف عن عمله خاصة إذا كانت السيارة تمثل مورد رزق له، ولكن هذا الاشكال يبقى هيّنا على حدّ تعبيره مقارنة بالاشكاليات الأخرى التي يتذمر منها كل من يقصد مصالح الصيانة بخدمة ما بعد البيع التابعة لوكالة السيارات والمتمثلة خاصة في «تضخّم» أسعار فواتيرها كثيرا لأن المواطن لا يمكنه مراقبة عملية الاصلاح وفي كثير من الأحيان تكون الفواتير مضخمة كما أشرنا سابقا ومحتوية لمعاليم إضافية لعمليات اصلاح خيالية لم تتم إلا في مخيلة القائمين على الورشة التابعة لخدمة ما بعد البيع. وبدوره يقول السيد طارق أنه اقتنى سيارة جديدة وظن أنه ربح راحة البال لكنه اكتشف أن مشاكله بدأت عندما تعرضت سيارته الى عطب، وعندما توجه بها الى خدمة ما بعد البيع التابعة للوكالة التي اشترى منها السيارة بدأت متاعبه مع المماطلة في تحديد موعد لإصلاح العربة، وهنا، لا بد أن يمرّ كل حريف عبر بوابة «أعطيني حقّ قهوة» (تتكلّف 20 دينارا على الأقل) ليظفر بطلبه وهو تحديد موعد قريب لإصلاح السيارة.. الى غير ذلك من المعاملات المماثلة. ويضيف محدثنا قائلا: «إن أهم مشكل يبقى في أن الحريف لا يمكنه مراقبة عمل فريق الصيانة وتكون النتيجة فاتورة خيالية كبديل لاصلاح عطب بسيط وأشياء إضافية أخرى يحددها القائمون على خدمات ما بعد البيع حسب مزاجهم وعلى هواهم على حساب الحريف الذي يضطر لدفع معاليم اضافية حتى ولو كانت سيارته بفترة الضمان. مجرّد تسمية هكذا، عبّر بعض المواطنين عن تقييمهم لخدمة ما بعد البيع التي يقدمها الوكلاء المعتمدين لشركات السيارات في بلادنا، فقد اعتبروا أن ما يسمّى خدمة ما بعد البيع غير موجودة أصلا ببلادنا، في رفض واضح للمستوى المتدني للخدمات التي تقدمها تلك المصالح للحرفاء والتي طالما مثلت مصدر تذمرهم وعدم رضاهم. وفي هذا السياق، يقول السيد بزّع الصادق أن المواطن العادي عندما يفكّر في اقتناء سيارة، فإنه يفضل التوجه الى الوكالات ويشتري سيارة بالتقسيط، لأنه لا يملك ثمنها، وعند حدوث العطب، تبدأ رحلة المصاريف الاضافية، فهذه الوكالات تصلح السيارات التي تتعرض الى عطب بسيط بأثمان مرتفعة جدا لذلك، يتجه بعض المواطنين الى المكيانيكي عوض التوجه الى الوكالات، يكونون قادرين على مراقبة الميكانيكي وتقييم عمله ومناقشة السعر الذي يقترحه. ومن ناحيته، يرى السيد ابراهيم أن الوكلاء لا يهتمون إلا بتحقيق أرباح قياسية على حساب الحريف الذي يجدون فيه مصدرا لزيادة هامش أرباحهم وهو أمر يبعث على الاستياء من هذه الخدمات التي أصبحت تثقل كاهل المواطن كثيرا وحان الوقت لتحسين أدائها ومراقبة عملها.