أصدر الكاتب والاعلامي التونسي محمود الحرشاني كتابا جديدا يحمل عنوان «فيض الوجدان» ضمن سلسلة كتاب مرآة الوسط وهو يقع في نحو 120 صفحة من الحجم المتوسط، وتضمن الكتاب مجموعة من المقالات والفصول سبق للكاتب ان نشرها بعدة صحف ومجلات تونسية وعربية ومواقع الكترونية تجمع بين الأدب والسياسة والثقافة. وهو في هذا التوجه وفيّ للنهج الذي سلكه في عدد من كتبه السابقة، ولا عيب في ذلك، طالما ان أدب المقالة جنس قائم الذات في المدونة السردية العربية والغربية، حيث خرجت العديد من الكتب من بطون الصحف والمجلات، ذلك ان الكتاب باق والصحيفة او المجلة سيارة ... ومن هنا يعمل الكثير من الكتاب الى جمع مقالاتهم او بطاقاتهم الصحفية في كتب بعد نشرها في الصحافة ... الشابي وحوار الحضارات والأديان يستهل المؤلف كتابه بمقال مطول عن شاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي وذلك بمناسبة الاحتفال بمائويته التي احتفل بها في تونس خلال سنة 2009، ويبرز الكاتب في هذا المقال المطول مكانة الشابي وريادته الشعرية وثورته على القوالب الجامدة وقدرته على التجديد في الشعر، وحضور البعد الرومنطيقي في شعره، الى جانب البعد الوطني الذي تختزله العديد من قصائد الشابي، ثم يطالعنا فصل اخر عن حوار الحضارات والأديان هو في الواقع نقل لفعاليات ندوة كبرى تم تنظيمها في اطار الاحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الاسلامية. ونقل لفعاليات ندوة ثانية نظمتها جريدة الحرية التونسية بعنوان الاعلام وحوار الحضارات وشهدت مشاركة عدد من رموز الفكر والثقافة من تونس والعالم العربي وأوروبا. وينقل المؤلف آراء عدد من المشاركين في الندوة ورؤيتهم لموضوع حوار الحضارات والأديان، والدور المطلوب من وسائل الاعلام في تحقيق التقارب بين الحضارات والشعوب. للوطن .. ويخصص المؤلف مجموعة من الفصول للحديث عن الشأن التونسي، فتجده يحلل ابعاد البرنامج الانتخابي الذي تقدم به الرئيس زين العابدين بن علي الى الشعب بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية 2009، ويستعرض في مقالات اخرى ما عرفته تونس من تقدم خلال السنوات الأخيرة تتجلى مظاهره في حياة المواطن العادية وما يشعر به من أمن وأمان واطمئنان على حاضره ومستقبله. وفي فصل آخر يحدثنا عن دواعي اختيار الرئيس زين العابدين بن علي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وذلك انطلاقا من قناعته بثراء البرنامج الانتخابي الذي تقدم به الى الناخبين، استنادا الى رصيد الانجازات الكثيرة التي تحققت في تونس خلال السنوات العشرين الأخيرة. وظيفة التربية في زمن التحولات ونجد في الكتاب مجموعة من الفصول التي تتحدث عن موضوع التربية والتعليم وأداء الجامعات العربية وصياغة العقل البشري حتى يكون قادرا على مواكبة المتغيرات العالمية ومن هنا نفهم ثورة الكاتب على تراجع مستوى التدريس والضعف الملحوظ في تكوين اجيال اليوم بالمقارنة مع أجيال الأمس ويتساءل في حيرة هل أن ذلك يعود الى تراجع وظيفة المدرسة والمؤسسة التربوية أم الى تغيير المناهج التربوية وعدم استقرارها بما يوفر لها مجالا أكثر للنضج وتحقيق النتائج المرجوة. كما نجده في حديثه عن الجامعات، يبرز لنا انه من خلال تقييم لأفضل 500 جامعة في العالم لا ترد جامعة عربية واحدة. الكتاب ومشاكل النشر والتوزيع ويستأثر الجانب الثقافي وصناعة الكتاب وترويجه باهتمام الكاتب من خلال عدة فصول يتضمنها الكتاب الصادر حديثا، فنجده يتحدث في فصل مطول عن مزاحمة الكتاب الالكتروني او الرقمي للكتاب الورقي وتراجع الإقبال على الكتاب من قبل جيل اليوم بالخصوص أمام الإقبال المبالغ فيه أحيانا على كل ما هو رقمي والكتروني. وثير في مقال آخر قضية دعم الكتاب من قبل مؤسسات الدولة وأتعاب الكاتب الذي ينشر كتابه على حسابه الخاص وما يلاقيه من صعوبات في توزيع كتابه. نحن أبناء الإذاعات ويتضمن الكتاب مجموعة من البطاقات الصحفية الخفيفة فنجد الكاتب يحدثنا عن دور الإذاعات في تشكيل وعي الإنسان المعرفي وكذلك دور الصحف والمجلات العريقة التي ارتبط معها الكاتب بعلاقة عاطفية ووجدانية منذ مطلع شبابه الى جانب عديد البطاقات الطريفة الأخرى كالبطاقة التي يتحدث فيها عن ولعه بشراء الأقلام الجديدة .. ونجد في الكتاب فصلا يتحدث فيه الكاتب عن علاقته بأشياء حميمية، قريبة اليه مثل الحديث عن الحافلة التي كان يركبها عندما كان يعود الى قريته أثناء العطل المدرسية، وصبادري غزالة، الذي كان يلبسه في حصة الرياضة. كتاب خفيف وطريف ان كتاب «فيض الوجدان» للكاتب والصحفي محمود الحرشاني كتاب خفيف وطريف وهو كتاب أنيق في شكله واخراجه تحلي غلافه لوحة معبرة جدا تختزل مضمون الكتاب للرسام الفنان عبد الرحمان بلخشين، ولنا وقفة اخرى مع كتاب فيض الوجدان لمزيد تحليل مضمونه. يقول الكاتب في مقدمة هذا الكتاب : «لقد أدخلتني الصحافة الى الأدب وفتح لي الأدب مجالات رحبة في عالم الصحافة». لذلك جاءت فصول الكتاب مزيجا بين الأدب والصحافة.