يصدر في الأيام القليلة المقبلة كتاب ألفه خبير الشؤون الأمنية في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية غوردن توماس، يكشف فيه صاحبه تفاصيل مثيرة حول عمليات الموساد الاسرائيلي، وقد بدأت «الاندبندنت» أمس نشر أجزاء منه تتعلق بعملية اغتيال مهندس عمليات «حزب الله» اللبناني عماد مغنية عام 2008. ويأتي الكشف عن هذه المعلومات بعد أن أعادت عملية اغتيال القيادي في «حماس» محمود المبحوح، جهاز الموساد الاسرائيلي وعملياته القذرة الى دائرة الضوء. لم يكن جهاز الموساد يملك الكثير من المعلومات حول «الشبح» عماد مغنية باستثناء صورة يعود تاريخها الى عام 1983. سنوات من التعقّب ويشير غوردن توماس الى أن الموساد ظل لسنوات طويلة يتعقب القائد العسكري ل«حزب الله» لكنه لم ينجح في تحديد هويته أو رصده، فالرجل كان شديد الحيطة والحذر، فضلا عن تخفيه وتغيير تقاسيم وجهه. النقطة الفاصلة حسب كتاب توماس كانت في عام 2007، فقد نجح الموساد في تجنيد فلسطينيين اثنين معارضين ل«حزب الله». ويقول غودرن توماس إن العميلين حصلا على معلومات تفيد بأن مغنية سافر الى أوروبا وعاد منها الى دمشق بعد أن أجرى عمليات تجميل لتغيير ملامحه. والتقط الموساد تلك المعلومة وباشر في إجراء تحقيق موسع قاده في النهاية الى أن «الشبح» أجرى بالفعل عمليات تجميل على مدار نصف عام في أوروبا. وعبر عميل له في ألمانيا يدعى «رؤوفين» حصل الموساد على 34 صورة لعماد مغنية في هيئات مختلفة في الفترة التي أجرى فيها عملياته التجميلية أو بالأحرى عمليات تغيير الملامح في عيادة اتضح أنها تابعة لوكالة الاستخبارات في ألمانياالشرقية وذكر غورد توماس أن المصدر سلم الصور لوكيل الموساد مقابل مبلغ كبير، وتبين للموساد أن شكل مغنية الحديث يختلف كليا عما ظهر في آخر صورة له في عام 1983، كما تلقى معلومات عن تواجد مغنية في دمشق. وفي الثالث من فيفري من عام 2008، أي قبل تسعة أيام من الاغتيال، دعا رئيس الموساد مائير داغان قادة الجهاز ورئيس جهاز «الشاباك» ومستشار الأمن القومي والمستشار السياسي لرئيس الوزراء آنذاك أيهود أولمرت، وقائد وحدة الاغتيالات في الموساد «كيدون» ورئيس قسم العمليات في الموساد، الى اجتماع تقرر خلاله اغتيال مغنية بسيارة مفخخة. وكانت احدى الاشكاليات التي واجهت متخذي القرار هي أن مغنية يتخذ اجراءات أمنية واعتاد السفر في سيارة حراسه الذين لم تعرف هوياتهم. وفي الجلسة ذاتها، أوصى داغان بالانتظار حتى يوم 12 فيفري لتنفيذ الاغتيال، وهو اليوم الذي ستنظم فيه احتفالات للذكرى 29 للثورة الاسلامية في إيران في المركز الثقافي الإيراني في العاصمة السورية، مرجحا مشاركة مغنية في الاحتفالات. وتولى رئيس وحدة «كيدون» (وحدة الاغتيالات) اختيار 3 عناصر (من الوحدة) لتنفيذ المهمة في دمشق التي دخلوها لاحقا منتحلين هويات يهود يعيشون في أوروبا، وهم بحسب الرواية البريطانية: بيار (ميكانيكي سيارات فرنسي) وعما نوئيل (مرشد سياحي من إسبانيا) ولودفيك (كهربائي من ميونخ الالمانية). ويعرض فصل من الكتاب الى تفاصيل التحرك وصولا الى تنفيذ العملية، فالعناصر التي أوكل إليها الموساد اغتيال مغنية درست الخطة جيدا وانتظرت الضوء الاخضر للتنفيذ. في 10 فيفري سافروا من أوروبا الى دمشق من باريس ومدريد وميلانو وصولا الى العاصمة السورية. وحسب الصحيفة البريطانية فإن العملاء الثلاثة تلقوا مساعدة من عملاء من بيروت أوصلوهم الى المكان السري الذي أوقفوا فيه سيارة مستأجرة وسلموهم المتفجرات. وفي الليلة ذاتها زرع العملاء العبوة الناسفة في دعامة الكرسي بجانب السائق ليتم تشغيلها عن بعد. وأوضحت أنه يوم 12 فيفري وفي تمام الساعة السابعة عاد العملاء الى مكان الالتقاء السري، وباشر لودفيك وعمانوئيل المراقبة فيما قام بيار بنقل السيارة المفخخة الى جانب البناية التي جرى فيها الاحتفال، وانضم الى العميلين في انتظار لحظة الضغط على زر الانفجار في حال مرور مغنية. وأشارت الى أنه في تمام الساعة التاسعة وصل مغنية الى الشارع بسيارة «ميتسوبيشي باجيرو» وأوقف سيارته بين سيارتي لودفيك وعمانوئيل، وخرج من سيارته ببدلة سوداء، وفي طريقه الى قاعة الاحتفال انفجرت بجواره السيارة المفخخة وأودت بحياته، فيما فر العملاء الثلاثة من المكان الى عواصم أوروبية.