هنا القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية تدخل التاريخ من جديد من بابه الواسع.. عاشت عاصمة الأغالبة يوم اول أمس الخميس عرسا بهيجا في حدث اختتام تظاهرة العاصمة الإسلامية لسنة 2009. كان الحفل سيكون حدثا عاديا كسائر الحفلات ولكن الرئيس زين العابدين بن علي ابى الا ان يواصل رعايته لهذه المدينة الخالدة فأهداها زيارة سامية وأشرف بنفسه على عرس القيروان . ما جعل الأنظار تتجه مشتاقة لنظرة على هذه المدينة الخالدة. عشرات الضيوف العرب والأجانب حضروا حفل الاختتام ووقفوا على الخطاب المرجعي للرئيس بن علي بالمناسبة وهو الذي ما فتئ يرعى القيروان ويوليها عناية مخصوصة. حفل الاختتام الذي شهده الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام للايسيسكو شهد تسليم السيد وزير الثقافة عبد الرؤوف الباسطي درع تظاهرة القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية الى السيد وزير الثقافة اليمني الدكتور محمد أيوب بكر المفلاحي. «الشروق» حضرت عرس الاختتام والتقت عددا من الضيوف واستمعت الى سامي الوزراء والمدير العام للايسيسكو... في حديث الذكرى والذاكرة عن عاصمة كانت يوما شامخة واليوم تستعيد شأوها وإشعاعها على يدي رئيسها. وفي حفل الاختتام الذي اقيم بالمركب الثقافي اسد بن الفرات بالقيروان بحضور السيد والي الجهة ووزير الثقافة عبد الرؤوف الباسطي ووزير الثقافة اليمني والمدير العام للايسيسكو وثلة من ضيوف الدول الإسلامية. كان حفلا مميزا بحضور الجماهير لمتابعة حفل بحور العشق.. عشق القيروان. السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة التونسي الذي سلم درع القيروان عاصمة 2009 ليمرر بذلك مشعل التظاهرة الى عاصمة 2010 وهي مدينة تريم اليمنية الى الوزير اليمني. مؤكدا ان تحول التظاهرة الى اليمن من القيروان جاء بعد ان نهضت تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية 2009 بأعباء المسؤولية وبعد ان أشعت عربيا وإفريقيا وإسلاميا واضطلعت مدينة القيروان بدورها فى إشاعة الثقافة الإسلامية وسارت على نهج المؤسسين وأعلامها البارزين فى مد جسور الحوار مع الثقافات الإنسانية. وأضاف السيد الوزير ان عاصمة الأغالبة حاولت خلال التظاهرات التى أقيمت فى أوروبا إبراز صورة الإسلام المشرقة معربا عن شكره وتقديره لكل من ساهم فى إنجاح احتفالية القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية التى تضمنت 150 تظاهرة خاصا بالذكر منظمة «الايسيسكو» وعلى رأسها مديرها العام السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري. من القيروان الى اليمن معالي وزير الثقافة اليمني. وفي حديث خاص ل«الشروق» استهل حديثه بتقديم التهاني للتونسيين وللرئيس بن علي على حسن التنظيم الذي شهدته التظاهرة التي أنجزت أكثر من 150 تظاهرة نرجو أن نبلغ ما بلغت. مؤكدا أن القيروان مدينة جميلة تعبق بالتاريخ. وانه شعر بمشاعر خاصة تجاه هذه المدينة مشددا على صلة التواصل بين اليمن وتونس وهناك علاقات تعاون ثقافي القائمة وبعد هذه الزيارة ستكون العلاقة امتن. وبين في الختام أنهم في اليمن يبذلون جهودا كبيرة لتحقيق المستوى الذي تحقق في القيروان 2009. من جهته أكد الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام للايسيسكو في لقاء خاص للشروق ايضا ان القيروان تميزت في سنة احتفالها عاصمة للثقافة الإسلامية 2009 بعدد كبير من الأنشطة والفعاليات التي نظمت طوال العام شاركت فيها عديد الشخصيات الرسمية والفكرية الدولية والمنظمات الاقليمية وهذا ما ميزها عن التظاهرات التي عقدت في دول العالم الإسلامي. وقد ابرز التويجري ما للرعاية الرئاسية التي خص بها القيروان وما للمؤتمرات الدولية من دور في إعطاء دفع قوي لهذه الأنشطة والتعريف بها على نطاق واسع لتاريخ هذه المدينة ولاعلامها وبمكانتها في هذا العهد الزاهر. وشدد التويجري على ان صلة الايسيسكو بالقيروان لن تنقطع فهي حاضرة من حواضر العالم الإسلامي لها تاريخ عريق وبصمات متميزة في الحضارة الإنسانية والإسلامية. مبينا أن الايسيسكو بصفتها منظمة متخصصة وبحكم ان الجمهورية التونسية دولة مؤسسة في الايسيسكو وخاصة برعاية الرئيس بن علي لهذه المنظمة ومؤتمراتها فان صلتها بالقيروانوبتونس بصفة عامة ستكون بصفة دائمة والعلاقات متنامية خاتما قوله «لا يسعنا الا ان نتقدم للرئيس بن علي ولكافة المسؤولين بالشكر ونتمنى أن تتواصل هذه الجهود لتعطي من ثمار العمل المشترك». عروس المدائن تمجيد القيروان وتأكيد إشعاعها وتميزها أكده أكثر من ضيف. من يزور القيروان الخالدة لن يقوعلى تحمل سحرها ولا إنكار مجدها. وقد أكد بعض الضيوف تعرضهم لنفحات وسحر القيروان.. ماذا بقي في الأذهان من الذكرى؟ عبد الله بن عبد الرحمان الدوسري (مدير عام المعهد الثقافي الإفريقي العربي الذي يزور القيروان للمرة السادسة): أكد أنه بقي في الذهن الكثير من الذكريات والصور الجميلة عن القيروان التي بدأت شعلة وقنديل يشع بالعلم والفكر القادم من الحجاز. مضيفا أن القيروان ستبقى عروسا ورمزا للثقافة والشعر والادب والعلم. كما أعرب الدوسري عن امنياته بأن تتطور القيروان بعد التظاهرة وان تكون العاصمة الإسلامية بداية لانطلاقة قوية جدا للقيروان كمركز علمي وثقافي مؤثر. وختم قوله «انا اليوم سمعت خطاب الرئيس بن علي الذي يعطي للقيروان الكثير التي يجب ان تكون عاصمة لتونس. حفل الختام أعطى اشارة انطلاق لاشعاعها في مختلف المجالات. كانت القيروان المعين لفن العمارة والكتبة والشعر للإسلام كافة. وستكون القيروان اذا اعتني بها هي الشعلة التي تستفيد منها افريقيا وجنوب الصحراء. وانه ولا بد ان تكون القيروان واحدة من العواصم المتواصلة. ولقد كان الفضل لسيادة رئيس الجمهورية التونسية». إرث حضاري عريق من جهته اكد الدكتور محمد صالح قزدر (أمين عام الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالسعودية): «تابعت بعض العروض. وقد وجهنا دعوة لحضور عرس القيروان. هذه العاصمة تختلف عن بقية التظاهرات هذه حفلة ثقافية تعطي روح الثقافة. وقد كان خطاب الرئيس عن القيروان شاملا. والقيروان هي وريثة مكةالمكرمة وتستحق الدراسات وتعقد فيها مشاريع كثيرة وندعو ان تكون التظاهرة انطلاقة جيدة. واعرف من زمان ان القيروان مدينة ثرية والفضل للايسيسكو في إبراز العواصم الإسلامية». جواد الشمقدري ( مساعد وزير الثقافة الإيراني ): « في الحقيقة، لقد استمتعت بخطاب السيد رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن علي الذي قال فيه كلاما جميلا حول الثقافة وخاصة الجانب السينمائي، وهو ما يدل على أهمية الثقافة والسينما في تونس، والتي نرحب بها كإيرانيين, كما أعجبت بالحديث عن المولد النبوي الشريف وعلى اعتبار أن تونس مهتمة كثيرا بالحب الديني ورمز الوحدة الإسلامية ألا وهو النبي الكريم . وقد جاءت شهادة أخرى تخص جامع عقبة ابن نافع الذي يتميز بخاصية معمارية فريدة من نوعها تميل إلى اليوناني وكل قطعة فيه بنيت بصفة مدروسة وممتازة ...لقد أعجبت بمدينة القيروان التي استحقت لقب عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2009 ونرجو لها المزيد من الازدهار والتقدم». رمز الوحدة والتضامن الدكتور حسن عصمتي ( الملحق الثقافي لسفارة إيرانبتونس ): «نحن سعداء بإبراز مدينة القيروان حتى يشاهدها العالم ..هذه التظاهرة مهدت الطريق للصورة الحقيقية لهذه المدينة التاريخية، لذلك اشكر وزارة الثقافة التي أتاحت لنا لأول مرة فرصة ظهور أنشطتنا في هذه التظاهرة الهامة وشاركنا في الأسبوع السينمائي الإيراني في القيروان، ثم معرض الخط التونسيالإيراني وكذلك فرقة الإنشاد الصوفي، وكل هذا بفضل المرحوم جعفر ماجد الذي كان يحب المشاركة الإيرانية . وصورة الاختتام اليوم تدل على أهمية القيروانللإيرانيين, ونرجو لهذه المدينة العريقة أن تواصل إشعاعها وتكون رمزا للوحدة والتضامن الإسلامي». فاتحة المهدوي ( ممثلة قيروانية): «دون الدخول في تفاصيل التاريخ الكبير للقيروان، أقول أنها احتضنت عديد التظاهرات بمختلف أشكالها، ونفضت الغبار على أشخاص كانوا في غياهب النسيان، كما «أحيت» بالذاكرة الأولياء الصالحين . عموما أتمنى أن لا تقف الأنشطة وتواصل وزارة الثقافة دعمها خاصة وأننا نملك «دار ثقافة» ممتازة . وفي المقابل لنا الأسف الشديد عندما لم نشاهد أي عمل قيرواني يتوج في هذه التظاهرة، ولست ادري عن الخيط الذي كان لابد أن يربطهم». بلا مجاملة من جهة ثانية أشار البعض من المثقفين والإعلاميين من أبناء القيروان الى الفارق الكبير بين عرض الافتتاح وعرض الاختتام. كما أشاروا الى ان مدينة القيروان لم تشارك برمتها وكافة هياكلها وشوارعها في التظاهرة فاكتفت العروض بأماكن متكررة واحدة في جانب من المدينة رغم كثرة العروض. هنا القيروان في عرسها الثقافي الإسلامي تستقبل ضيوفها وفي الوقت الذي تكرم فيه القيروان أبناءها الذين بذلوا العرق في سبيل انجاح عروضها من خلال دعوة من بذل الجهد لمتابعة حفل الاختتام اتصل بنا السيد علي المحمدي عضو احد اللجان المتطوعة واحد المشرفين البارزين على متابعة العروض وقد ابلغنا أسفه على عدم تلقيه دعوات للحضور وهو ما حز في نفس ابن القيروان الذي كان من جنود الخفاء طيلة عام كامل يعمل دون كلل ولا تذمر وبلا مقابل. فهل كان من الإنصاف مكافأته بالتجاهل من قبل المشرفين على حفل الاختتام ربما في الأمر سوء تفاهم وتنسيق. وفي الختام فان القيروانالمدينة الإسلامية المشعة عبر القرون ستظل فضاء للحوار بين الحضارات والأديان ورمزا للفكر المستنير.. بفضل علماء أفذاذ ساهموا في بناء صرح الحضارة العربية الإسلامية بشمال افريقيا. ولعل المسؤولين الوطنيين والجهويين مطالبون اليوم ان تتواصل العناية بالقيروان وتتواصل مشاريعها الثقافية وخاصة الإسراع بإتمام القسط الثاني من أشغال توسعة المتحف الإسلامي برقادة وتهيئة فسقية الأغالبة وتنفيذ مختلف المشاريع الرئاسية التي اقرها في المجلس الجهوي في زيارته يوم 27 افريل 2009. تحقيق ناجح الزغدودي وعبد المجيد الجبيلي