لا يكاد يمرّ أسبوع دون أن تعلن اسرائيل اعتزامها بناء وحدات استيطانية جديدة... وهو ما يعد استرسالا لسياسة التهويد التي تمضي في تنفيذها رغم ما تتبجّح به من تجميد صوري للاستيطان لمدة عشرة أشهر.. وذلك من باب إيهام العالم بأنها معنية بتوفير أجواء ملائمة لاستئناف مفاوضات السلام. لكن السؤال المطروح يقول: هل تريد اسرائيل فعلا استئناف هذه المفاوضات؟ وهل هي معنيّة بالتالي بتهيئة أجواء ملائمة بعودتها؟ وللإجابة نقول ان اسرائيل التي تعودت خداع الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي.. والتي دأبت على بيع الأوهام واعتماد المناورات لتوفير عامل الزمن الذي تحتاجه لاستكمال مشاريعها الهادفة الى رسم الحل النهائي بالاعتماد على غطرسة القوة من جهة وعلى غول الاستيطان ودعم الادارات الأمريكية وعجز العرب من جهة أخرى. وقد شجعتها هذه العناصر مجتمعة ليس على التمادي في إدارة ظهرها لقرارات الشرعية الدولية فحسب، بل وكذلك اطلاق غول الاستيطان يهوّد الأرض، ويغيّر ملامحها وعلى السطو على المقدسات، وهو ما تجلّى في الخطوة الأخيرة باعتبار الحرم الابراهيمي ومسجد بلال الاسلاميين «تراثا يهوديا».. هذا علاوة على ما يعانيه الأقصى من مؤامرات باتت تهدّد بانهياره نتيجة الحفريات التي لا تتوقف.. وما تعانيه مدينة القدسالشرقية برمتها من إجراءات تهويد متسارعة.. لكل هذا، فإن اسرائيل تبدو غير معنية باستئناف مفاوضات السلام..وهي تجد نفسها في وضع مريح جدا وأمام خيارين يخدمان نفس الهدف: إما مفاوضات، تحوّلها الى حصص للترويح السياسي وفرض إملاءاتها على الطرف الفلسطيني الضعيف والعاجز. وإما لا مفاوضات،وهي لا تعدم التعلاّت ولا الأسباب للتمادي في فرض تصورها الأعرج للحل النهائي.. هذا التصور الذي يبقي الأرض تحت سيطرتها ويحوّل الفلسطينيين الى مساجين داخل محميات بشرية تطلق عليها تعسّفا صفة «دولة فلسطينية». لذلك فإن الطرف الفلسطيني وكذلك النظام الرسمي العربي الذي صاغ المبادرة العربية وطرحها كصفقة سلام متكاملة مطالبان، في القمة القادمة، ببلورة تصور جديد يقطع مع عقلية وضع كل البيض في سلّة واحدة.. ويعمل على تطوير بدائل تساعد على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ذلك أن سياسات العقود الماضية قد أوصلت القضية الى طريق مسدود.. والمطلوب هو إيجاد مخرج يعيد الحقوق لأصحابها.. قبل أن تضع القضية في سراديب السياسة والحسابات الخاطئة.