النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    برنامج مباريات اليوم و النقل التلفزي    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    إعادة انتخاب محرز بوصيان نائبا لرئيس الإتحاد العربي للجان الوطنية الأولمبية    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    دربي العاصمة: الإفريقي والترجي نهار الأحد.. 142 مواجهة وهذه الأرقام    أغرب عملية سرقة: سارق رقد في عوض يهرب!    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    عاجل: اليوم تنطلق الدفعة الأولى من مباريات الجولة 14.. شوف القنوات الناقلة!    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    النيابة العامة في إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    ارتفاع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بنسبة 8 بالمائة سنة 2026    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    عاجل : فضيحة في مسابقة ملكة جمال الكون 2025: شنية الحكاية ؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حصاد سنة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية: «الظلال تلعب الغُمّيضى» في القيروان
نشر في الشروق يوم 27 - 02 - 2010

تمّ رسميا يوم الخميس 25 فيفري الجاري اختتام سنة الاحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية وكانت التجربة على قدر طيب من الثراء فعلى مدار سنة العرس انهمر عشق القيروان غيثا نافعا جميلا، انهمر ندوات ورسوما ولوحات وآدابا شتّى.. تزايد عدد العشاق والمدينة الظاهرة الاستثنائية لم تزل ولاّدة شعر لا يكاد ينقطع منها عنه جيل.. الرجال في رحم هذه المدينة يمارسون القصيدة والنساء يرثن نفس الهواية كذلك.
من المناسب إذن أن نطلّ وإن على عجل على بعض القطاف، على قصائد شاعرة قيروانية عن عروس الشعر مدينة القيروان، قصائد قد تكشف إحساس نساء من المدينة بالمدينة.
سندس بكّار أصدرت بمناسبة الاحتفال بسنة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية مجموعتها الشعرية الثانية «الظلال تلعب الغُمّيضى» بعد المجموعة الأولى «شهقة البدء».
المجموعة الجديدة يكتنفها غلاف توزعت عليه الأضواء والعتمة على نحو مخصوص: أنوار تلفها غشاوة ضباب، وعتمة تغشاها ظلال الأضواء والنتيجة جدل لافت بين التجلّي والتخفّي، لعلها «الظلال تلعب الغُمّيضى».
الخلاف أيضا يحمل صورا تبرز اتصالا بين معالم مدينة عقبة وبين صورة صاحبة الكتاب سندس بكّار، وعلى كلّ حال المشهد في الغلاف لا يدع مجالا للشكّ في أن محرّك الخطاب في قصائد المجموعة سيكون جدلا ما بين ذات الشاعرة وإيحاءات المكان، مدينة القيروان.
قصائد المجموعة لا تخلو أصواتها من نبرة قيروانية تعلو صريحة أو ترد مكنية ضمن لازم من لوازم القيروان وما يشير إليها من معالم وأعلام القيروان تلتبس بالخطاب في كلّ تفاصيله لأنها ببساطة يسكن تفاصيل مخيال الشاعرة وشخصيتها الباطنة ولأنها الأيقونة الجوهر والهيولى الأولى التي تصوغ منها سندس بكّار صورها وأشكالها حتى لكأنها هي هي ف:
«وجهك يرتدي وجهي
وأنا في شوارع جسدك أو
جسدي
القيروان
أقتات هاجسا
يرسم وجه
القصيدة»
الجامع الكبير، الفسقية، صبرة، رقادة، باب الصالحة، باب الريحانة، باب الخوخة، باب القدّة، باب تونس، باب الجلادين والمدفع القديم.. عقبة، الإمام سحنون والحصري وأروى القيروانية.
أنطولوجيا قيروانية حقيقية للأعلام والمعالم تطفو على سطح الخطاب وتؤثث زواياه زواياه لكن بعد أن تمر عبر أغوار ذات الشاعرة وجدانا وذهنا وعبر ظلال أنثى هزتها المدينة هزّا، حركت أنوثتها وحاصرت تدفقها.
هيأتها للجمال وأقفلت في وجهها الأبواب، فالتجأت إلى مقام «الولية ريحانة» فإذا نار الشموع من جلدها.
سأمرّ من باب «الريحانة» لأشم رائحة جلدي
يفوح من تلك الشموع المضيئة بي
صور القيروان إذن تطفو في كل زوايا الخطاب لكن بعد أن ترشح من سجف ذات شاعرة ربما لا تعرف أصلا أهي تعشق القيروان أم هي تتمرّد عليها ولعلّها حقيقة تعيش جدليا هذا وذاك معا:
تقول الشاعرة:
«تلك المدينة حبيبتي
هي الماء والروح والنفس
أشرعي أبواب الجامع
سأمرّ من باب الماء
وأنسج حُبيباته
زخرفا يشبهني
ويشبهك»
وتقول أيضا:
على تخوم الغربة
مدينة!!
المدينة التي
يطبق عليها الموت
كالحكمة
مدينة أنهارها
كرنافالات جنازة
والنتيجة: معالم القيروان وعلاماتها تصلنا مشوبة بكيمياء ذات الشاعرة الأنثى العلقة المثقلة بوطأة مجتمع سعى جاهدا إلى كبح تدفقها ماء مخصبا شاعرة عشقت القيروان لكنها أحبّت أن تكون القيروان قيروانا بوجه أكثر خصبا وأحبّت أن تكون هي «أروى» تختار مصيرها وتفرض شروطها الخاصة على الخليفة العباسي.. معان كثيرة وصور تغشاها ظلال الذات والمجاز، مدّ تمرّدوجزر عشق في سياق استعاري.. هي «الظلال تلعب الغُمّيضى».
بقي أن نقول: أما القيروان فتلك مدينة شأنها شأن مدن الحضارة شحنها التاريخ بالمعاني الثواني فهي لا تنفتح بقدر ما تنغلق تغويك ولا تشفيك لتبقى مثيرة للسؤال والدهشة مؤسسة للحكمة ربّما وللشعر بالتأكيد.
وأما الشاعرة سندس بكّار فقد حملت السؤال الحائر أصلا واستنارت فيه بظلال الاستعارة لتبحث في ظلال القيروان الملغزة عن الجواهر والحقائق.. وأما النتيجة فهي استعارة مضاعفة لا تنكشف فيها المعاني بقدر ما تحتجب وتتلاقى الظلال لننخرط معها جميعا في ما يشبه لعب الغُمّيضى..
ختاما: ما أصعب الكلام عن الكلام خاصة إذا كان يطارد المعنى بين سجف ذات أنثى وظلال مدينة تلعب الغُمّيضى!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.