يبدو أن السيد أحمد منصور معد ومقدم برنامج «شاهد على العصر» في قناة الجزيرة قد اختص من خلال مداخلاته واسئلته وتدخلاته لتوجيه الحوار مع ضيوفه في ثلب وشتم القائدين الراحلين جمال عبد الناصر وصدّام حسين. فهو «يلح اصرارا» على التنقيب عن كل كبيرة وصغيرة حدثت في عهد حكم الرجلين... ويسعى بانتقائية غير عادية وباصرار واضمار محيّرين الى توجيه ضيوفه لكيل التهم لهذين القائدين... وكلما تمادى احد ضيوفه في ثلب هذا الرجل أو ذاك وفي سرد روايات مسيئة كلما تهلّلت أسارير السيد أحمد منصور... وكلما بدا في حالة انتشاء بما يسمع...وكلما روى غروره وحقده على القائدين وكأن بينه وبينهما ثأرات قديمة يريد أخذها وحسابات شخصية يريد تصفيتها... لماذا يصرّف أحمد منصور كل هذا الحقد على زعيمين عربيين قادا تجربتين كل في بلده، تبقيان تجارب سياسية لها ما لها وعليها ما عليها مثل كل التجارب السياسية التي شهدتها وتشهدها دول العالم؟ ولماذا يصرّ على رؤية الشطر الفارغ للكأس متعمّدا تجاهل الشطر الآخر للكأس وهو الشطر الملآن؟ أسئلة تلد الكثير من الأسئلة... لكنها تبقى أسئلة حائرة بلا أجوبة وقد لا تجد تفسيرها الا في مرض في نفس السيد أحمد منصور وفي عقدة شخصية يعانيها بحكم انتمائه او ماضيه العقائدي من كل ما هو عروبي... حتى وإن كان نقاطا مضيئة في تاريخ العرب. لنتفق أن تجربتي الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وصدام حسين ككل التجارب لها ايجابياتها ولها سلبياتها... وكل باحث أو مؤرخ منصف يعمد الى اخضاع أي تجربة الى غربال التصفية والتمحيص لتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود... متسلّحا في ذلك بأكبر قدر من الموضوعية والأمانة والنزاهة والمسؤولية... خاصة إذا كان في برنامج يزعم النبش في تاريخ العصر وتقديم شهادات على ما جرى في ذاك العصر. من هنا فإنه يحق للسيد أحمد منصور ان يكون له رأيه وموقفه وتقييمه للقادة لتجاربهم... لكنه رأي وموقف وتقييم يلزمه هو وعليه التجرد من كل هذا وهو يقارب التاريخ ويبحث عن الحقيقة... لأن التاريخ لا يكتب بالأمزجة والحقيقة لا تكشفها العواطف والرغبات الشخصية... ومن هذه الزاوية فإن تجارب الزعيمين عبد الناصر وصدّام ليستا تجارب كلها سواد وسجون واعتقالات...وهو ما يحاول كل مرة النبش فيه والتوجيه إليه تنفيسا عن عقدة استبدّت به وجعلته لا ينظر إليهما إلا من خلال سواد قلبه وحقده على الرموز العروبية التي قادت في وقت من الأوقات فأصابت أحيانا كثيرة وأخطأت أحيانا أخرى... ومع أنّ ايجابياتها تبقى أكبر بكثير من سلبياتها فإننا لا نرى منها شيئا ولا نسمع عنها شيئا في شهادات ضيوف السيد أحمد منصور التي يزعم انها شهادات على العصر. وبذلك فقد تحول ال «شاهد على العصر» الى «شاهد على الحقد».... وحتى ينسجم اسم معد البرنامج مع مضامين البرنامج فإننا قد نضطر الى تغيير اسم السيد أحمد منصور الى أحمد مقهور (من كل ما هو عروبي ومن الزعيمين جمال عبد الناصر وصدام حسين تحديدا) حتى ينسجم الاسم والمسمّى وحتى يدرك المشاهد العربي المسكين أنه بحق أمام شواهد على الحقد وليس أمام شهادات على العصر. والفرق بين هذا أو ذاك كبير... وكبير جدا!