تونس تؤكد تمسّكها بتعزيز التعاون الإفريقي وتدعو إلى مقاربة جديدة للتكامل بين دول القارّة    وزير التجهيز يتفقد أشغال تقوية الطريق السيارة A1 ويعلن قرارات جديدة لتحسين انسيابية المرور    تكريم الباحثة الكورية كريمة كيم بجائزة ابن خلدون 2025 لترجمتها "المقدمة" إلى اللغة الكورية    توزر - مدنين: نجاح عمليتي قسطرة قلب عبر منصة نجدة الرقمية    قبل مواجهة تونس والبنين.. تصريح غريب للركراكي مدرب المغرب    حماس.. ما حدث برفح يؤكد فشل آلية المساعدات المشبوهة    بسبب فضيحة.. استقالة قاض في محاكمة وفاة مارادونا    لتلاميذ بكالوريا 2025: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة    رئيس الجمهورية قيس سعيّد يتلقّى مكالمة هاتفية من رئيس جنوب إفريقيا    أنس جابر تودع رولان غاروس من الدور الأول    في سابقة هي الأولى من نوعها: نجاح عمليتي قسطرة قلب عبر منصة 'نجدة' الرقمية    أخبار الحكومة    عاجل: عيد الأضحى الجمعة 6 جوان في تونس    طقس الليلة    السعودية: وصول أكثر من مليون حاج من خارج المملكة    حريق يأتي على هكتارين ونصف من الحبوب بهذه الجهة.. #خبر_عاجل    ماني يغيب عن منتخب السنغال في وديتي أيرلندا وإنقلترا    حتى موفى أفريل 2025: ارتفاع في صادرات زيت الزيتون المعلّب ب 2 ر57 بالمائة    من 29 إلى 31 ماي : مهرجان جازيت لموسيقى الجاز العالميّة ينتظم في دورته الأولى.    بلجيكيا : مقتل شاب تونسي طعنا بسكين    مدنين: إقلاع رحلة حجيج الجهة الثانية والأخيرة من مطار جربة-جرجيس الدولي    عاجل: السعودية تُعلن الجمعة أوّل أيّام عيد الإضحى    عاجل/ هذه الدول تُعلن السبت 7 جوان أول أيام عيد الأضحى    ضبط شاب يزرع "الماريخوانا".. #خبر_عاجل    منظمة إرشاد المستهلك تدعو الى مقاطعة أسعار الأضاحي المرتفعة    عاجل/ هذا ما تقرّر في "قضية التآمر 2"    خبراء لغة الجسد يفنّدون رواية ماكرون عن الصفعة التي تلقّاها من زوجته    وزير الإقتصاد يلتقي بمدير مجمع Safran العالمي لصناعة مكونات الطائرات.    ب5 دنانير فقط: احجز مكانك لمتابعة نسور قرطاج ضدّ بوركينا فاسو في رادس!    وليد الركراكي يكشف عن لائحة المنتخب المغربي لمواجهتي تونس والبنين الوديتين    في يوم إفريقيا .. النفطي يؤكد التزام تونس بتعزيز علاقات التعاون مع كافة الدول الإفريقية    عاجل/ نسبة امتلاء السدود تتجاوز 41%    قفصة: توفّر 59 ألفا و500 رأس من الأضاحي    الحماية المدنية تدعو إلى التقيد بإجراءات السلامة خلال رحلات التنزه    جمعية "المسعف الصغير" تنظم يوم الأحد المقبل الدورة الثانية من مهرجان أوسكار المسعف الصغير للأفلام القصيرة    اليوم تحري هلال ذو الحجة..    نحو اقامة نهائي بطولة الرابطة المحترفة الثانية في 3 او 4 جوان القادم بأحد ملاعب ولاية سوسة    بعد 8 سنوات من التوقّف: استئناف نشاط قطار الفسفاط بأم العرائس    خلال لقاء بين وزير السياحة وسفير سويسرا: الاتفاق على تنظيم ملتقى يجمع كافة الفاعلين في القطاع    دراسة: الجلوس لفترات طويلة قد يسبّب الزهايمر    هل تعرف من يذبح أضحيتك؟ شروط الذابح الشرعي في عيد الأضحى حسب فقه المالكية    من هو والي جندوبة الجديد الطيب الدريدي ؟    عاجل/ تهم الانتدابات: رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات…    الكاف: استعدادا للامتحانات...حالة طوارئ لدى العائلات    5 نصائح لتلاميذ الباكالوريا من غير توتر ولا ضغط    وزارة الاسرة والمرأة تعلن فتح باب الترشح للجائزة السنوية لمنظمّة المرأة العربيّة للفتاة العربية والتكنولوجيا لسنة 2025    الكوتش وليد زليلة يكتب... طفولة على حافة القلق: من يُنصت لمَا لا يُقال؟    بطولة المانيا : هدف قاتل ينقذ هايدنهايم من النزول وينهي حلم إلفرسبرغ في الصعود    إقبال كثيف على سوق الدواب بقبلي وانخفاض في أسعار الأضاحي    باردو... في مسابقة التلاميذ سفراء المتاحف والمعالم الأثرية.. تتويج التلميذتين إسلام السياري من باجة ونهر الوحيشي من المهدية    توزر...الدورة الثانية ل«كتاتيب الجريد» إشعاع المستقبل    سيدي بوزيد...الملتقى الجهوي للكورال    "وول ستريت جورنال": ترامب يفكر في فرض عقوبات إضافية ضد روسيا    أميركا: قتيلان وجرحى في إطلاق نار في منتزه    محافظا البنكين المركزيين التونسي والعراقي يوقعان مذكرة تعاون لتعزيز أطر العمل المشترك وترسيخ مبادئ التكامل المصرفي    رئيس الدولة يؤكد لدى استقباله وزير الشؤون الاجتماعية إيفاء العمال حقوقهم كاملة سواء في القطاع العام او في القطاع الخاص    الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما البيئية بقابس من 31 ماي إلى 3 جوان 2025    تامر حسني يوجه رسالة تحذيرية إلى جمهوره    









مآثر المرافعة الممتازة
نشر في الشروق يوم 04 - 03 - 2010

وبعد انه من المؤكد وانه مما لا يحتمل اعتراضا ولا اختلافا على الاطلاق ان أيّا من التوظيف العمومي اوالخاص يقوم على ركيزتين أساسيتين متوازيتين: الكفاءة المهنية والتخلق باخلاقيات المهنة. فاذا ما توفرا وتضافرا بنفس الحجم والكيف تيسر التربع على عرش التميز والامتياز. واذا ما اختل احداهما اوكلاهما يظل الانسان يتأرجح ويتخبط في الدرجات الدنيا اعلاها المتوسطة. فيحول دونه والتمكن والتمركز في رتبة مهنية ممتازة سدا منيعا وحاجزا سميكا حديه الاقتدار العلمي وحسن التحمل والاداء. هذا عموما في المطلق. اما فيما يتعلق بمهنة المحامي على وجه الخصوص فان ابعاد هذه الرسالة وخصوصيتها والتصاقها بالعدالة وتخصيصها قانونيا بالتوكل على الافراد والمجموعات والهيئات ومساعدة اجهزة القضاء على بسط الشروح والتفاسير والملابسات ومناقشة الاشكال كتبويب وتاطير التداعي المدني بتفصيل مجمله وتقييد مطلقه وتوضيح المبهم فيه. ولما تنطوي عليه هذه المهنة من الشمولية وارتباطها الوثيق بالقضاء من اجل ضمان الحقوق وحفظ المصالح وتحقيق العدالة فان تقييم المحامي يخضع الى محكّين اساسيين:
1/ القضاء من ناحية
2/ والشرائح الاجتماعية من ناحية أخرى
فالقضاء العادل المثقل بفصل الاف القضايا على اختلافها وانواعها والتي تصب يوميا بمختلف الجرائم والنزاعات لم تعد به طاقة ولا وقت لتحمل سماع مرافعات لا زبد فيها ولا طائلة من ورائها ولا مبرر ولا تفسير لتكبد عناء مشقة الاستماع اليها وهدر الوقت قي سبيلها مما ينتج عنها استغراق الجلسة لضعفي الوقت الاصلي لها ان لم يكن ثلاثة اضعافه وتحميل الجهاز القضائي عناء ومشقة ما انزل الله بهما من سلطان , ناهيك ان كافة اجهزة القضاء صارت تتضجر وتتململ وتتثاءب احيانا. ويكون المحامي نذير شؤم على منوبه ومجلبة لزيادة تكدره وصرامة العقاب المنزل عليه.
اما فيما يخص محكّ المواطنين فرادى وجماعات وهيئات فهورهين اعمال المحامي ومجهوداته والنتيجة القضائية التي امنها بدفاعه.
ويحول حينئذ والمحامي نيل درجة التميز والامتياز وتحقيق الانتشار رهين عنصر
هوالأكثر تعريف به
المرافعات المتقونة مغانم مضمونة.
فالمرافعة تلعب دورا رئيسيا على غاية من الاهمية والاعتبار في نجاح المحامي وتالقه وشهرته ولن تكون كذلك الا اذا كانت متناسقة البناء متينة الترابط في تناسق عناصرها ومعطرة بمظاهر الزينة والدبلجة من حسن البيان والذكاء والتركيز متوجة بعرض صوتي جهوري شجيّ يثلج وجدان السامع والمستمع ويشدّ انتباه وحسن استماع القضاء الوقور فتتهلّل لها اساريره عندما يستشعر منها كانها قطرات الندى والمسك تلامس وجدانه وقد تكون جديرة بمحتواها وفحواها وقيمتها في اخذ المنوب باسباب الشفقة والتخفيف اوالبراءة.
اما ما لم يحدث به التاريخ وما لم ينزل الله به من سلطان ومما يتنافى والاداب الانسانية عموما واخلاقيات المهنة خصوصا كما انه ليس ن السلوك الحضاري في شيء وليس من الموضوعية بمكان ان يتجاهل الانسان اسباب عجزه ويتكلف احتساب وعدّ اعمال المثابرين في حين ان الاجدر والانفع والاهم ان ينصرف الى محاسبة نفسه ومراجعة الاسباب الواقعية والحقيقية لتدني نشاطه وركوده والمبادرة الى الحرص على تدارك مواطن الضعف في ادائه لمهنته عسى ان يرقى الى تحسين مردوده وتلميع صورته ازاء نفسه وازاء المواطن والقضاء فيضمن بذلك بحث الحرفاء على مكتبه وسعيهم واقبالهم عليه تقودهم شهرته ومواصفاته لانه ما من شك ان تالق المحامي مجلبة لانتشار اسمه لدى الخاص والعام من خلال مرافعاته الدسمة بناء وتحليلا وبيانا مرصعة ببنادق العبارات شرحا وتدليلا وتبقى هي المرآة العاكسة لوزن المحامي وثقله في الساحة. لا بسماع اجترار وتكرار بلغة جوفاء مملة ان لم تصمّ الاذان من المؤكد انها تخلف الانقباض والاستياء والامتعاظ لدى كل عناصر القاعة.وفي هذا ما يساهم بشكل هام وبدرجة كبيرة في ادبار الحرفاء وانصرافهم عنه وفرارهم منه.
وبالتالي فليس من باب المنة والفضل من احد ان يسجل محام مع كل مشرق جديد انتشارا اسميا وتزايدا ملحوظا في عدد حرفائه وتنوعهم وتفاقم نشاطه يستوي في ذلك بداية الاسبوع واواخره كمّا ونوعا لسبب بسيط انه كلما ترافع اقنع وابهر. وبالتالي فان الكمّ المتصاعد من القضايا والمنوبين ماهو الا نتيجة طبيعية منطقية وموضوعية للقدرة والاقتدار والالتزام بقواعد واخلاقيات المهنة والذكاء في معالجة قضايا المنوبين والانتظام والانظباط في اداء الرسالة بصورة طيبة يجمع عليها سائر اجهزة القضاء وعموم المواطنين وخاصتهم وزملاء القطاع المتعففون الذين يابى عليهم ذوقهم ومستواهم وصفتهم واخلاقهم القدح افكا وعدوانا والتشكيك في نجاح المتالقين بغية توريط احدهم في ممارسات لا دليل قانونيا عليها. ويبقى التفسير الوحيد لمثل هذه الدوافع والافتراءات انها من سموم اعداء النجاح لانهم لا يتورعون بدافع الحسد والبغضاء والشعور بالنقص والدونية وهي لعمري افرازات واضحة تترجم الاحساس بمركّب النقص والشعور بالعجز.
ولذلك ورد في الاثر: شرف نيل استحسان المنوب والقضاء لزملاء المهنة مطية للاساءة والاستياء.
والايات الكريمة عديدة في ذلك منها/
1/ يقول الحق سبحانه وتعالى: واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض.
2/ وقوله الكريم: يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات.
3/ وقوله تعالى: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.
4/ وقوله تبارك وتعالى: يا ايها الذين امنوا اذا استطعتم ان تنفذوا من اقطار السماوات والارض فانفذوا ولا تنفذون الا بسلطان.
5/ وقول الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم : بارك الله فيمن عمل عملا فاتقنه.
6/ وقول الرحمان الرحيم: ما جزاء الاحسان الا الاحسان.
7/ الأصل في كل إنسان الاستقامة وسلامة النية حتى يثبت العكس.
8/ الأصل في الأمور الصحة والمطابقة للقانون.
ويقابل كل ذ لك التعريف بأسباب وعناصر نجاح المحامي وتألقه:
1/ موقع المكتب :فمثلا لونأخذ مكتبا منتصبا بمدينة بوحجلة فهذه الاخيرة تضمّ في دائرة مرجع نظرها القضائي والترابي ثلاث معتمديات هي: بوحجلة ونصرالله والشراردة.
2/ تقتطع هذه المعتمديات الثلاث وتحتلّ حيزا هاما جدا من نشاط المحكمة الابتدائية بالقيروان
3/ انتشار اسم المحامي وتألقه في كامل ربوع الولاية بالاستماتة في الدفاع عن مصالح منوبيه ضمن مرافعات ممتازة يساهم بشكل كبير في سد المنافذ على زملاء المهنة بالقيروان المدينة وفي استقطاب الحريف من أي من المعتمديات المشار اليها .
4/ فتح مكتب المحامي يوميا من الاثنين الى الجمعة من الثامنة صباحا الى السادسة مساء عدا السبت الى الواحدة ظهرا.
5/ مجانية الاستشارة والبشاشة التلقائية وروح التواضع والرد الجميل عند الاقتضاء.
6/ الترافع بصوت جهوريّ شجيّ في طرح ذكي مركز مرصّع بجمال العبارة وغزارة المعنى وصواب الافادة.
7/ تقديس الواجب المهني واجتماع المواصفات الممتازة في شخص المحامي فكرا وسلوكا يجعل منه منارة في ساحة الدّفاع.
ولمّا كانت كل هذه المعطيات والمقومات تنتج قرارا، من أي جهة خصوصيّة، غير مراع لها فإن ذلك مبناه ومنتهاه أن أي جهة خاصّة يعهد لها بفصل نزاع فإنه من المؤكد لن ترقى مطلقا إلى الفصل والحسم بمثل ما أوتي القضاء من الحنكة والحكمة والاعتدال والحياد.
واعتبارا إلى عدم استناد جهة القرار إلى بيّنة أومستندات سليمة تثبت استدراج المحامي شخصيا أوبواسطة لأي حريف من قارعة الطريق أو من مؤسسات التداوي والعلاج أومن مراكز الأمن العمومي والوطني أو من ساحات العراك والاقتتال أو من المقاهي والسّاحات العامّة أومن مواطن الزفاف أومراسم تشييع الجنازات أو من مواكب الفروق والأربعينيات من جهة كعدم دحض قرينة إقبالهم على مكتبه عن اختيار وإقتناع وافدين عليه من كل أطراف وأعناق القيروان أفرادا وجماعات فإن صدور القرار المذكور على حالته تلك مجرّد عن أي دليل: لأنّ الدليل إذا تطرقه الاحتمال ضعف به الاستدلال.
السيد الجليل رئيس محكمة الإستئناف بتونس ومستشاريه الموقرين، أدام الله عدلكم وسلطانكم،
بلا مجاملة ومن دون رياء والمسك والريحان واسترخاء القضاء.
حيث أنه من الثابت تاريخيّا وعلى مر العصور أنّه منذ نشأة مهنة المحاماة نشأت معها الفروق والتفاوت والتباين في حجم الأعمال وكثافة النشاط من محام إلى آخر لأن ذلك محكوم فقط بمدى الشهرة الاسمية بين سائر الأوساط. وبالتالي فإن تسجيل المحامي لكمّ من الأعمال لم يكن من باب البدعة ليستنكره أيّ إنسان واع لأنه إذا سلمنا أن حجم أعمال المحامي تنقلب إثما وجرما في مواجهته. فإن هذا التشريع إن أحدث لا يعدوإلا أن يكون سنّة سيئة تصديقا لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
وحيث أنه لا يمكن واقعا وقانونا مؤاخذة المحامي بحجم أعماله طالما لم تستنهض أي جهة تشريعا قانونيا يتمّ وفقه وبمقتضاه إلزام المحامي بعدم التوكل على أي منوّب ما لم يكن مأذونا بذلك من الهيئة من جهة ويجرّم كثافة نشاط المحامي ويمنعه من التفوّق في الأداء والتحمّل على من عاداه من جهة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.