قرار مهم لكل تونسي: كيفاش تتصرف مع ''الكنام'' إذا عندك مرض عادي أو مزمن    التوانسة معادش يحبّوا يعرسوا: انخفاض في حفلات الزواج    وزارة التربية: زيادة عدد المدارس الابتدائية الخاصة    تأجيل اضراب موزّعي الأدوية بالجملة    الدينار يطيح قدّام الأورو: توّا الأورو الواحد يساوي 3.4 دينار!    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    هام/ رابط مباشر لمتابعة حركة سفن أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة.. #خبر_عاجل    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    رسميًا للتوانسة: أي طرف يكرر أو ينشر مباريات الرابطة بدون إذن سيُقاضى...شنيا الحكاية؟    الرابطة الأولى: تشكيلة مستقبل قابس في مواجهة النادي البنزرتي    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    وزارة التعليم العالي تدعو طلبة بكالوريا 2025 الى الدخول الى تطبيقة "مساري" لتأكيد التسجيل الجامعي    محرز الغنوشي يُبشّر بالأمطار خلال الأسبوع القادم    عاجل/ انقلاب حافلة تقل عملة..وهذه حصيلة الجرحى..    مكتبات الشاذلي القليبي ومحمد مزالي وآخرين تنضم إلى رصيد دار الكتب الوطنية    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    وزير التجهيز والإسكان يؤكد على تفعيل الدور الرقابي للتفقدية العامة بالوزارة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    الرابطة الأولى: تشكيلة الترجي الجرجيسي في مواجهة الإتحاد المنستيري    سبالينكا تنسحب من بطولة الصين المفتوحة للتنس بسبب الإصابة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    رابطة أبطال اوروبا : يوفنتوس ينتزع التعادل 4-4 من دورتموند في الوقت بدل الضائع    رابطة ابطال اوروبا - مبابي يحرز ركلتي جزاء ليقود عشرة من لاعبي ريال للفوز على مرسيليا    عاجل: الصوناد تدعو التونسيين للتبليغ عن الإخلالات والإشكاليات    عاجل: تعرف على نسب الفائدة الفعلية والمشطّة لكل نوع من المساعدات    قطاع التربية يحتج اليوم: ساعتان من الغضب داخل المؤسسات وأمام المندوبيات    الإحتلال يقصف مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    11 جريحا في حادث مرور بين سيارتين.. #خبر_عاجل    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    الدورة 28 من تحديات الشط: حدث رياضي وثقافي استثنائي في قلب الجنوب التونسي    أمل جديد لمرضى القلب.. تشخيص مبكر ينقذ الحياة في دقائق    عاجل: الكشف عن إصابة نجم الأهلي المصري ''بفيروس خطير''... هل انتقلت العدوى إلى باقي اللاعبين؟ نتائج التحاليل تكشف المفاجأة    جريدة الزمن التونسي    جريدة الزمن التونسي    إيران تنفذ حكم إعدام بجاسوس للموساد    فيينا.. مقتل شخصين وإصابة آخرين بإطلاق للنار في مبنى سكني    بعد 140 عاما.. العثور على "سفينة أشباح" غرقت في بحيرة ميشيغان الأمريكية    مرصد الفلاحة: تراجع صادرات تونس من التمور ب6%..    مولود ثقافي جديد .. «صالون الطاهر شريعة للثقافة والفنون» ملتقى المثقفين والمبدعين    طقس الليلة    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    مشاركة تونسية لافتة في الدورة 13 من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة    لأوّل مرة: هند صبري تتحدّث عن والدتها    راغب علامة عن زوجته: لم تحسن اختياري    يوم وطني الخميس 18 سبتمبر الجاري لتقييم موسم الحبوب 2025/2024    من 15 إلى 19 أكتوبر: تنظيم النسخة السادسة من الصالون الدولي للسلامة الإلكترونية    حجز 4،7 أطنان من الفرينة المدعمة لدى إحدى المخابز المصنفة بهذه الجهة..    بنزرت: توجيه واعادة ضخ 35.2 طنا من الخضر والغلال والبقول بسوق الجملة بجرزونة    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    "غراء عظمي".. ابتكار جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق..    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة عادلة ل«المخلوع» وبطانته وفق المعايير الدولية ضمانة لاسترجاع أموال الشعب المنهوبة (4)
نشر في الشروق يوم 24 - 06 - 2011


شفوية اجراءات المحاكمة واحترام مبدإ المواجهة
تتجلى شفوية اجراءات المحاكمة في جلسة محاكمة المخلوع وزوجته انطلاقا من الجلسة الافتتاحية وانتهاء بجلسة النطق بالحكم علنا. وعلى المحكمة احترام مبدإ شفوية اجراءات المحاكمة لما تحققه من ضمانات لهما، ولقد كرس المشرع التونسي مبدإ المواجهة في المحاكمة الجزائية بالفصل 151 من م ا ج الذي جاء به: «لا يمكن للحاكم ان يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتم النقاش فيها امامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم»، وهو امر اقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات اذ تقول: «لا يمكن للقاضي أن يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا بمحضر الخصوم وتأسيسا على ذلك فان الحكم الذي يستند على وثائق ويبني قضاءه عليها في حين ان النيابة العمومية لم تتمكن من الاطلاع عليها ومناقشتها يعتبر مخالفا لقواعد الاجراءات الاساسية الوارد بها الفصل 151 اجراءات جزائية التي يقع التمسك بها في كل درجة من درجات المرافعة لمساسها بقواعد النظام العام ويبطل بها الحكم».
كما جاء بقرار اخر في المعنى نفسه: «لا يمكن للحاكم أن يبني حكمه إلا على حجج قدمت أثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه شفويا وبمحضر جميع الخصوم وذلك عملا بأحكام الفصل 151 من مجلة الاجراءات الجزائية.
إهمال المحكمة الرد على الدفوعات الجوهرية التي أثارها لسان الدفاع دون تعليل ذلك وإهمالها ذكر صفة المتهمين ومقراتهم وسوابقهم العدلية بكيفية واضحة يعتبر نقصا في الاجراءات الأساسية المنصوص عليها في الفصل 168 من مجلة الاجراءات الجزائية وإخلالا جوهريا له ارتباط بالنظام العام تثيره المحكمة تلقائيا على معنى الفصل 269 من المجلة المذكورة».
كما ورد ايضا بقرار اخر في السياق نفسه: ولئن اقتضى القانون أن القاضي يحكم حسب وجدانه فمن الواجب أن يبني حكمه على حجج ووثائق قدمت أثناء المرافعة وتم النقاش فيها دون إهمال لقرائن تخالف النتيجة التي انتهى إليها مما يجعل حكمه عرضة للنقض.
وجاء ايضا بقرار اخر في المعنى نفسه: لئن كان الحاكم يقضي حسب وجدانه الخالص فان الاحكام لا تبنى نهاية على التخمين والظن بل على اليقين والجزم ولا يمكن للحاكم ان يبني حكمه الا على حجج قدمت اثناء المرافعة وتمّ التناقش فيها امامه شفويا وبمحضر جميع الاطراف.
حق «المخلوع» وزوجته في المثول أمام محكمة محايدة ومنصفة
ذلك أمر لا نزاع فيه وليس محل جدل من أحد فلا أحد يمكن ان يشكك في نزاهة الدائرة الجنائية المحال عليها المخلوع وزوجته وذلك المبدإ في المحاكمة الجزائية كرسته التشاريع الوضعية ومن قبلها الشريعة الاسلامية فحق المتهم في محاكمة منصفة أمر على غاية من الاهمية، ولقد ورد ذلك في العديد من الآيات القرآنية اذ يقول عز شأنه في محكم تنزيله: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ} {وَإِنْ حَكَمْتُمْ فَأَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِين} {فَأحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِن الحَقِ} {وَلاَ يَجَرمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَومٍ عَلَى أَنْ لاَ تَعْدِلُوا، إِعْدِلُوا هُو أَقْرَبُ لِلْتَقْوَى}.
ويقول احد شراح القانون عن حرص الاسلام على الحق في محاكمة عادلة انه ورد التأكيد على عدالة القضاة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «القضاة ثلاثة: قاض في الجنة، وقاضيان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار».
ولا نزاع في استقلالية المحكمة المتعهدة بالبت في القضية المحال فيها المخلوع وزوجته كما لا أحد يمكنه مطلقا ان يطعن في حيادها الذي هو ركيزة أساسية من شأنها ان تنصف المشتبه به، فالقاضي محمول على النزاهة والحياد في قضائه، وهو امر نص عليه المشرع بالفصل 23 من القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الاعلى للقضاء والقانون الاساسي للقضاة الذي جاء به: «على القضاة ان يقضوا بكامل التجرد وبدون اعتبار للاشخاص او المصالح وليس لهم الحكم في قضية استنادا لعلمهم الشخصي ولا يمكنهم المناضلة شفويا او كتابة ولو بعنوان استشارة في غير القضايا التي تهمهم شخصيا».
حق «المخلوع» وزوجته في إنابة محام للدفاع عنهما
ان احترام المحكمة المتعهدة بملف القضية حقوق دفاع «المخلوع» وزوجته يحتم عليها قانونا تمكينهما من انابة محام للمناضلة عنهما علما ان ذلك الاجراء ووفقا لاحكام الفقرة السادسة من الفصل 141 من «م ا ج» يعد وجوبيا في الجنايات سواء كانت القضية منشورة بالطور الابتدائي او الاستئنافي. ولقد ورد بالقرار التالي في ذلك المعنى: «المحامي المسخر لفائدة المتهم عن طريق هيئة المحامين التي أفادت إعلامه بتسخيره ودعوته للحضور بجلسة الحكم للدفاع عن منوبه القانوني ولم يكن المحامي أمضى بجذر التعيين والتبليغ ولم يحضر بالجلسة فلا يعتبر على علم ولا يحاكم المتهم بتلك الجلسة بدون دفاع من أحد المحامين. فالحكم عليه بذلك يكون خارقا للقانون وهاضما للدفاع فيستوجب النقض».
واحترام المحكمة حقوق الدفاع يحتم عليها تمكين المتهم ودفاعه من الاطلاع على كامل وثائق ملف القضية تطبيقا لاحكام الفصل 193 من «م ا ج» فضلا عن الاستجابة لطلب التأخير الذي قد يتمسك به المحامي بجلسة المحاكمة لاعداد وسائل دفاعه تحت طائلة نقض القرار محل الطعن، اذ تقول محكمة التعقيب: عدم استجابة المحكمة لطلب لسان الدفاع المتمثل في تأخير الجلسة لتعذر الحضور على المتهمة بسبب اقامتها بالمستشفى يعد هضما لحقوق الدفاع ومساسا بمصلحة المتهم الشرعية .
ولقد كرست المواثيق الدولية حق المتهم في التمتع بجميع الضمانات اللازمة التي تكفل له محاكمة عادلة من ذلك حريته في اختيار محام للدفاع عنه ويمكن ان نشير في ذلك الى ما نصت عليه المادة 14 (3) (د) من العهد الدولي والمادة 7 (1) (ج) من الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب والمادة 8 (2) (د) من الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان والمادة 6 (3) (ج) من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل للمخلوع وزوجته انابة محام للمناضلة عن مصالحهما رغم عدم حضورهما الجلسة وهو ما يجرنا الى التطرق الى ذلك ؟
إنابة محام للدفاع عن المخلوع وزوجته في غيابهما
أثارت هذه المسالة نقاشا قانونيا حادا وهو ما يتضح مما يلي:
ان اجتهاد محاكم الموضوع مستقر على عدم امكانية حضور المحامي للترافع وتقديم تقرير او مؤيدات في حق منوبه المحال كمتهم ما دامت العقوبة المنصوص عليها بقرار الاحالة والتي يمكن ان تسلط عليه اذا ثبتت الجريمة عقوبة سالبة للحرية وذلك تطبيقا الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي جاء بفقرتيه الاولى والثانية: «على المظنون فيه الواقع تتبعه من اجل جناية او جنحة تستوجب العقاب بالسجن ان يحضر شخصيا بالجلسة .
ويمكنه في الجنح التي لا تستوجب العقاب بالسجن وفي كل الصور التي وقعت فيها مطالبته مباشرة من القائم بالحق الشخصي ان ينيب عنه محاميا. ويسوغ دائما للمحكمة ان تأذن بحضوره شخصيا ان رأت في ذلك فائدة».
ولقد سار على المحاكم على عدم قبول اي تقرير او وثيقة كما سلف ان تخلف المظنون فيه عن الحضور بجلسة المحاكمة.
ان المشرع التونسي لم ينص صراحة على منع المحامي من الحضور للمناضلة على موكله المتهم ان تخلف عن الحضور.
وان محكمة التعقيب قد اقرت حق المحامي في اضافة تقرير للمحكمة في دفاعه عن موكله حتى وان لم يكن حاضرا بالجلسة فلقد جاء في ذلك المعنى بفقه القضاء: «عدم حضور المتهم بالجلسة مع محاميه لا يمنع هذا الأخير من تقديم تقرير كتابي في دفاعه يناقش فيه التهمة جزائيا ومدنيا ولا حق للمحكمة في رفض قبوله عليه بدون تعليل فرفضه والحالة تلك فيه هضم لحقوق الدفاع يوجب نقض الحكم».
كما ورد بقرار اخر في المعنى نفسه: «ولئن لم يحضر المعقب بالجلسة رغم بلوغ الاستدعاء إليه شخصيا فقد استقر عمل المحاكم على عدم السماح للمحامي الترافع في حق منوبه المتهم الذي لم يحضر بالجلسة لكن لا شيء يمنعه من تقديم مرافعته في شكل تقرير كتابي يناقش فيه التهم».
وفي اعتقادي الشخصي ولنبرهن على اننا في محاكمة عادلة وشفافة تضمن للمخلوع وزوجته كافة حقوقهما وان القانون هو السيد في تونس بعد الثورة المجيدة وان القضاء مستقل اتم الاستقلال فأحبذ ان تتوسع المحكمة في تلك الضمانات وان تتجاوز النقاش القانوني حول مدى امكانية اضافة تقرير من عدمه في حق المخلوع حتى وان تخلف عن الحضور وتخول لاي محام ومهما كانت جنسيته الحضور في حق المخلوع وليقدم ما يشاء وفي ذلك دلالة ايضا على ان محاكمنا منصفة وتنصر الحق والمظلوم وانها ليس اداة في يدي أيّ كان .
يتبع
بقلم الاستاذ مصطفى صخري
(محام لدى التعقيب ومدرس جامعي
بالمعهد الاعلى للمحاماة وكلية العلوم
القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.