لأنه صاحب قضية اختار الاعلام مهنة، في داخله إيمان بالانسان والوطن ودون أدنى شك كان لهذا الايمان الفضل في نجاحه مهنيا ليصبح اليوم اعلاميا محترفا بارعا في استدراج المشاهدين الى البيت ليمكثوا أسرى أشهر البرامج التلفزيونية العربية «خليك بالبيت» دون تردد. لكن ورغم نجاحه المهني فإن الشعر عند زاهي وهبي يتبوأ المرتبة الأولى وهو يوازي الحياة عنده، هذا هو زاهي وهبي الاعلامي والشاعر والانسان التي توجت مسيرته الابداعية مؤخرا ليصبح أول شاعر لبناني ينضمّ الى أكبر مكتبة شعرية بالعالم العربي ب«روتانا» التي رأت فيه الشاعر المبدع والنجم المتكامل فأرادت من خلالها أن يبث أجمل كلمته الى كل جمهوره وعن هذا الحدث وأهم مراحل مسيرته الشعرية والاعلامية لم يتردد زاهي وهبي في أن يخصّ «الشروق» بأهم التفاصيل هاتفيا فتحدث إلينا بوجدان شاعر صادق وبخبرة اعلامي محترف فاجأنا من خلالها بمدى تواضعه ورقيه الانساني.. كيف تصف لنا بدايتك الشعرية؟ أنا دائما أردد أنني ولدت شاعرا أؤمن بأن الناس يتوارثون مثل هذه الأمور ويشربون الشعر من أثداء أمهاتهم فجدي لأمي كان شاعرا. شهد يوم الخميس الفارط حدثا استثنائيا بتوقيعك عقد انتاج مع شركة «روتانا» لتصبح أول شاعر لبناني ينضم الى أول مكتبة شعرية بالعالم العربي فماذا ستضيف هذه الخطوة لمسيرتك الشعرية؟ أنا أعتبر أنني شخص مأمور بإيصال تجربتي الشعرية لكل الناس وإذا كانت هناك شركة إنتاج كبيرة تريد تسليط الضوء على الشعراء والمبدعين وتسعى للاستثمار في الثقافة وتقدم تعاونا يستفيد منه الشاعر حتى تمكنه من الوصول الى المتلقي فلماذا نغلق الباب المهم عندي حريتي كشاعر وكإعلامي وأنا حريص على هذا في كتاباتي فلا سلطة تفرض غير سلطة النص. تتجه «روتانا» نحو الشعر وتكون الطرف المبادر في هذا التعاون حسب رأيك لماذا وقع الاختيار على زاهي وهبي؟ ربما شركات الانتاج تهتم بالانتشار وبالشهرة وتعتبره مقياسا لضمان رواج الأعمال مع العلم أن هذا الباب انفتح أيضا لتبني شعراء آخرين من لبنان حتى أنه طلب مني المساعدة في اختيار الشعراء لذلك أشجع هذه الخطوة وأعتبرها في مصلحة الشعر. هل أصبح «السي دي» (CD) اليوم الوسيلة الأنجع للوصول الى المتلقي بدلا عن الكتاب؟ أنا من أنصار الكتاب فالكتاب لا غنى عنه لكن في نفس الوقت مصادر المعرفة تغيرت ففي السابق كان الكتاب هو المصدر الوحيد أما اليوم فمصادر المعرفة متعددة كالصوت والصورة وأصبحت تحتل مرتبة أساسية لكن على الشعراء الاستفادة من هذه التقنيات لكي يصل الشعر الى الناس وقد يشجع «السي الدي» على اقتناء كتاب بعد الاستماع الى القصائد بصوت الشاعر. لمن ستكون الموسيقى المرافقة لأدائك الصوتي وما هي القصائد التي سيقع اختيارها؟ الموسيقى ستكون خاصة وجديدة قد تكون لظافر ويوسف من تونس، مرسال خليفة أو مروان خوري المهم أن يكون هناك تواصل بيني وبين الموسيقى حتى تتماشى موسيقاه مع روحية النص أما القصائد فسأختار القصائد المعروفة التي لمست من خلالها استحسان الجمهور بأمسيات شعرية بعدة دول عربية أو بالبرامج التلفزيونية وسيكون البعض منها جديد ومعظمها من شعر الحب لكن الحب بشكله العام. كيف تتوقع أن تكون ردود فعل فناني «روتانا» بعد انضمامك للشركة؟ إدارة الشعر ب«روتانا» هي فرع مستقل عن قطاع الموسيقى فلذلك العقد مختلف وطبيعة الوضع مختلف أيضا فالشاعر عندما يقرر أن يخطو خطوة لا يفكر في الجانب المادي ولن يكون هاجسه الوحيد المهم أن تكون الخطوة مدروسة لكي يصل الشعر الى الناس وليست مجرد ضجيج إعلامي. رغم إيجابيات التكنولوجيا فهل سيفقد الشعر مكانته في زمن الانترنات والقنوات الفضائية؟ الشعر لن يفقد مكانته فطالما هناك ابتسامة هناك شعر، طالما هناك ولادة وموت هناك شعر، طالما هناك عناق وفراق هناك شعر طالما هناك عاشق يحمل وردة الى حبيبته سيظلّ هناك شعر. المرأة في شعر زاهي وهبي تغيب كأنثى وتحضر كإنسان هل هذا انتصار منك للذات ورغبة في الابتعاد عن المرأة كجسد؟ أنا أنظر للمرأة دون أن أنكر أنها أنثى لكنني انتصر للإنسان بمعزل عن جنسه وعرقه ودينه لذلك اعتبر ان المرأة هي أولا إنسان لكن لا ينبغي للإنسانية أن تطمر أنوثتها. قلت في محاضرة لك في جامعة البتراء في عمان تحت عنوان »من الطين الى النور ان كل عطور الدنيا لن تنسيني الضوء الشحيح الذي كان ينبعث من قنديل الكاز في غرفتنا العتيقة» اليوم زاهي وهبي الاعلامي والشاعر المعروف هل تنتابه لحظات حنين الى تلك الغرفة؟ طبعا فتلك الغرفة المتواضعة فجرت بداخلي هذا الوجدان والانتماء للشعر فطفولتي كانت المخزون الحقيقي التي تفتح وعيي من خلالها ونشأتي الوجدانية كانت من خلال تلك الغرفة وعالم الريف الساهر المحيط بها من أشجار وينابيع ولعل هذا المخزون الذي منحني اياه هذا المكان تكمن عظمته في مدى بساطته لقدرة هذه البساطة في النفاذ الى الأعماق الى الجوهر. ما يمثل الشعر لزاهي وهبي؟ الشعر بالنسبة لي نمط حياة وأسلوب عيش ونظرة الى الوجود من خلال الكلمات وليس مجرد كتاب ينشر انه حياة كاملة لذلك اعتبر ان شاشتي الخاصة هي الورقة البيضاء. هل سيكون لك لقاء شعريا مع الجمهور التونسي؟ ان شاء الله في الصيف سأشارك في أمسية شعرية بجزيرة جربة أما حاليا فسألتقي الجمهور الجزائري في 21 من الشهر الجاري عرفك الجمهور العربي من خلال برنامجك الشهير خليك بالبيت ونلت نجاحا كبيرا من خلاله فهل هذا البرنامج له مكانة خاصة بداخلك وهل سيوثق في كتاب خاص مستقبلا ؟ طبعا هذا البرنامج له مكانته الخاصة وقد بلغ عامه الرابع عشر وأنا أحب هذا النوع من البرامج لأنني انحاز الى البرامج الانسانية وقد صدر حاليا «حبر ملح» في جزئه الأول فيه انطباعاتي الشخصية حول ضيوف البرنامج وصدر الجزء الثاني أيضا بعنوان «جهة الصواب» وهي مجموعة نصوص خاصة بفلسطين عن فلسطين واليها. في أواخر سنة الفين وخمسة يمنحك الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجنسية الفلسطينية فكيف كان احساسك في تلك اللحظة؟ أنا انتمي الى فلسطين منذ ولادتي أو قبل ولادتي واعتقد ان الانتماء الى فلسطين هو الانتماء الى الانسانية لانها قضية عادلة تتوفر فيها كل عناصر الحق في مواجهة الباطل لذا اعتبر منحي الجنسية الفلسطينية بمثابة تكريس رسمي لانتمائي الوجداني الى فلسطين. هل نحتاج نحن العرب اليوم الى جنسية فلسطينية او عراقية لندرك ما معنى ان تسلب الأرض؟ ينبغي ان تكون فلسطين والعراق حاضرين في الوعي والوجدان ولا يجوز ان يرتبط منسوب اهتماماتنا بفلسطين او العراق بمنسوب الدم الذي يسكب خلال كل عدوان ليتوقف هذا الحيز من الانتماء بتوقف العدوان فالتضامن يجب ان يكون وثيقا لانه تضامن مع الحق. هل ترك استشهاد الرئيس رفيق الحريري فراغا سياسيا كبيرا كان له الأثر السلبي الواضح في لبنان؟ نعم اغتيال الرئيس الحريري كان من أجل احداث هذا الفراغ و اشعال نار الفتنة والتفرقة حيث كان الرئيس الحريري بمثابة سد منيع لمثل هذه الحالات وكان حريصا على اعادة بناء لبنان لذلك ان اغتيال الرئيس الحريري هو محاولة لاغتيال لبنان لبنان الى اين؟ كمواطن لبناني هناك بعض البشائر الايجابية لأن لبنان في طريقه الى التخلص من سنوات العجاف التي مر بها وأولى شروط التخلص هو الخروج من الطائفية والدخول الى مرحلة المواطنة اي الانحياز التام للوطن للبنان.