جرت الانتخابات العراقية ومر موعد 7 مارس على النحو الذي كان منتظرا .. صورتان لا ثالث لهما تلخصان هذه الانتخابات وتعاليق لا تخرج عن سياقين فمن المحللين العراقيين والأجانب من يقول ان موعد 7 مارس كان موعدا مفصليا في تاريخ الشعب العراقي ومحطة أساسية لبناء عراق مستقر ذي سيادة أو هكذا بدا لهم ومنهم من مر عليه موعد الانتخابات وكأن شيئا لم يكن لانهم يعتبرون ان كل هذه اللعبة التي تمسك طهرانوواشنطن بتلابيبها لا أساس ديمقراطيا لها ولن تغير من واقع العراق شيئا بل ستزيد من ارتهانه للمحتل وستصب الزيت على النار الملتهبة أصلا، نار حرب النفوذ في بلد ليس ككل البلدان. والحقيقة ان بروز هاتين الرؤيتين هو نتاج لما آلت اليه الساحة العراقية من انقسام وتطاحن بعد الغزو، وقد كانت الرؤية واضحة وبينة منذ البداية فمن سار في ركب الاحتلال وقبل به امرا واقعا بل جهة محررة وسلم بقدرته على تغيير العراق نحو الأفضل سيقول ان هذه الانتخابات تمثل لبنة أساسية من لبنات بناء العراق الذي يريده هؤلاء.. العراق الذي يحفظ مصالحهم وتحالفاتهم ويحميهم من غضب واشنطن وبطش ايران وان كانوا في خطاباتهم وحملاتهم الانتخابية يرفعون ويظهرون شعارات غير الشعارات التي يبطنون والقناعات التي بها يعيشون فيعمدون الى دغدغة الشعب العراقي بالعزف على وتر الوحدة والسيادة وتحقيق الديمقراطية الموعودة مع انهم طائفيون ذوو نزعة فردانية لا تراعي مصلحة هذا الشعب في شيء ولا يعرفون الى الديمقراطين سبيلا. والحقيقة الثابتة ايضا ان الشعب العراقي متفطن لأكاذيب هؤلاء وألاعبيهم ويعلم علم اليقين ان مشاريعهم قائمة بالأساس على التحالف مع المحتل وأنهم إنما يستمدون قوتهم من هذا المحتل الذي هو في النهاية باطل وزائل ومن ثمة فإن كل ما يُبنى عليه من مشاريع سيتخذ هاتين الصفتين بالضرورة ولا يبقى في النهاية سوى العراقيين الوطنيين الأحرار الذين وإن بدوا اليوم مستضعفين لا يملكون من القوة والنفوذ ما يملكه اولئك العملاء فانهم قادمون لا محالة وقادرون على بناء العراق الذي يريده العراقيون. هي اذن لعبة مكشوفة تبين فيها الأبيض من الأسود وبات من الواضح ان كل فريق قد اتخذ طريقا، فإما طريق التحرير واما طريق الارتهان والخضوع للاحتلال. والثابت ايضا ان الشعب العراقي لم يقل كلمته حتى الساعة رغم مزاعم اولئك المتراهنين على سلطة وهمية لا يملكون فيها صرفا ولا عدلا لأن كلمة الشعب لا تباع ولا تشترى في صناديق النفاق بل هي تعلو وترتفع في ساحات المقاومة والتحرير ولا شك ايضا ان هذا الشعب بات على قناعة بأن عملية الانتخاب هذه لن تدفع عنه شر الفتن والاحتراب ولن تكف بعدها الثكالى عن الانتحاب ولن ينتهي بعدها الألم والعذاب لانها ببساطة وصفة اساسها الوهم ونتائجها السراب.