انطلقت منذ يوم أمس اللجنة الاستشارية لاصلاح وتطوير كرة القدم في عملها من أجل وضع خطة «إنقاذ» لكرة القدم التونسية التي تعيش حالة موت سريري منذ مدة طويلة بعد العجز عن الترشح للمونديال والانسحاب من الدور الاول لكأس افريقيا الماضية ورغم أن هذه اللجنة جاءت لحظات بعد «الكارثة» فإن خطواتها ستكون محسوبة ودقيقة جدا لأننا نبحث دائما عن التقدم والمضي قدما نحو الاصلاح وانطلاقا من هذه اللجنة تتفرع ملفات عديدة لكن هل ستنغمس اللجنة كثيرا في التقييم وتغيب علينا البرمجة الواضحة مرة أخرى ليبقى عمل هذه اللجنة مجرد جعجعة فارغة من دون طحين، ثم من أين ستبدأ العمل وأي الملفات أجدر بأن تُفتح بداية من تكوين الشبان الى حالة الملاعب الى هيكلة الاندية وعلاقتها بما يسمى الاحتراف في تونس وصولا الى هيكلة الجامعة وتركيبتها بما أنها المسؤولة الاولى عن كرة القدم؟... من هنا يمكن أن نستنتج أن الامر لا يتعلق بمجرد صياغة حزمة من القرارات قد تبقى حبرا جافا على ورق أصفر وتمر عليها الشهور والسنون دون أن تطبق فوسط هذا المشهد الذي يبدو معتما تشعّ نقاط مضيئة تجعلنا نتفاءل بداية بسلطة الاشراف التي يبدو أنها مصرّة على إصلاح ما أفسده الزمن والايادي لأنها تعلم أهمية الرياضة عامة وكرة القدم خاصة في هذا البلد، ثم إن العناصر التي تكوّن هذه اللجنة لا يمكن لأحد أن يطعن في خبرتها أو كفاءتها أو درايتها ببعض التفاصيل الدقيقة التي تغيب عن البعض لكنها هي التي تحرّك العصب الاساسي في الكرة التونسية. عملية الاصلاح عادة ما تنطلق من فترة تقييم يجب أن لا تطول وليس القطع مع الماضي بصفة نهائية لأن ذلك سيجعلنا نقع في أخطاء سابقة أصبحت ضمن ثقافتنا وهضمناها الى درجة قد تجعلها من الثوابت وبالتالي علينا البناء على أنقاض الماضي لتحصيل ما نرغب فيه في المستقبل. «الشروق» تناولت في هذا التحقيق مع المختصين والمسؤولين في المجال الرياضي الاسئلة التي يمكن أن تثار حول هذه اللجنة، فما هي الملفات الاجدر بالبحث فيها؟ ومن أي مستوى يبدأ الاصلاح؟ وماذا يمكن لهذه اللجنة أن تقيّمه؟ وما هي آفاق نجاحها وسقف سلطتها؟ محمد الهمامي الأستاذ زين العابدين الوسلاتي (النادي الافريقي): الشبان قبل كل شيء... من أول وأوكد الملفات التي يمكن تناولها من قبل اللجنة الوطنية هو ملف الشبان الذي يبقى هو الأهم باعتبار ان هذا الصنف هو العمود الفقري لضمان نجاح المستقبل وبالتالي لابد من احترام النسبة المالية المخصصة للشبان والمتأتية من الدولة والمؤسسات العمومية، كما يجب البحث من الآليات التي تمهد سبل الاشراق لهذه الأصناف الشابة. ومن جهة ثانية اعتقد ان استقلالية اللجنة الفنية عن المكتب الجامعي وترسيخ عنصر الاستمرارية لها اقتفاء بالتجربة الفرنسية حتى تصبح اللجنة الفنية قادرة على تعيين المدربين الوطنيين في مختلف الأصناف بما في ذلك الأكابر وذلك على المدى المتوسط والمدى الطويل فضلا عن مسألة الاحتراف وتقييمها من جديد بعد بروز بعض الهنات فيها وتضخم رواتب اللاعبين... كما بالامكان النظر في عملية انتداب اللاعبين الاجانب دون التأثير على الأندية المشاركة في الكؤوس الافريقية على أن يكون الانتداب للقادرين على تقديم الاضافة فقط حتى لا تهدر الأموال... كما لابد من النهوض بقطاع التحكيم وبعث لجنة فنية مستقلة عن المكتب الجامعي لقطاع التحكيم ويجب ايضا دعم المنح للحكام والبحث عن سبل التغطية والاحاطة بالحكام وغير ذلك من الملفات الجوهرية التي يمكن فتحها وتناولها من قبل هذه اللجنة الوطنية التي اعتقد أنها وبقدر ما تتضمن الشخصيات الرياضية المرموقة والمحترمة والمشهود لها بالكفاءة فإنني أرى أنه ليس لها عصا سحرية لتغيير المشهد الكروي بين عشية وضحاها وبالتالي فإننا جميعا نعتبر أنفسنا اعضاء في هذه اللجنة الوطنية ومن الضروري جدا الالتزام والانصهار في المنظومة بما يرتقي بكرتنا ويعيد اليها اشعاعها واعتبارها. الخميلي بادين التلمساني (الترجي الرياضي) : المنتخب... والتحكيم «... الأكيد ان الشخصيات الرياضية التي أوكلت لها مهمة انقاذ الكرة التونسية وتطويرها بما يفيدها وطنيا وقاريا ودوليا هي شخصيات معروفة ولها من الخبرة والقدرة على ما يؤهلها للنجاح في مهمتها خاصة انهم برهنوا على ذلك في أكثر المناسبات ومن الناجع جدا ان تختارهم سلطة الاشراف باعتبار ان مثل هذه المسائل تبقى لأهل مكّة الذين نعرف جيدا انهم أدرى بشعاب كرتنا التونسية. ... ومن المنتظر حسب نظري تناول أو فتح ملفات عديدة وجوهرية من أجل البحث عن الحلول الناجعة لكرتنا التونسية لعل منها اقتراح المدرب الذي يمكن له الاشراف على حظوظ منتخبنا الوطني وكيفية الاحاطة به على المدى القصير والمتوسط والطويل ايضا فضلا عن الاضافة التي يمكن ان يتم تقديمها للأندية بعيدا عن الألوان والانتماءات... وأيضا التحكيم والدعم المالي وغيره من الملفات التي لا شك انها في حاجة الى الدرس والتعمق بأكثر جدية في ثناياها مثل الشبان والتكوين والرسكلة وما شابه ذلك من الجوانب المفيدة لكرتنا والتي حان الوقت لتناولها من قبل لجنة وطنية في حجم هذه اللجنة التي تضم أبرز الشخصيات». علي شكري شيخ روحو (رئيس فرع كرة القدم بالنادي الصفاقسي): ملف الاحتراف أولا أنا شخصيا لي ثقة كبيرة في هذه اللجنة التي لها دراية شاملة بوضع كرة القدم في تونس فالسادة سليم شيبوب وسليم علولو وعثمان جنيح وحمودة بن عمار وبقية الاعضاء يعرفون كل كبيرة وصغيرة عن أسباب تراجع كرتنا في السنوات الاخيرة لكن اقترح ان تكون البداية بفتح ملف الاحتراف في تونس الذي لا يتماشى والظروف المالية التي تعاني منها أغلب الاندية التونسية وبالتالي تحديد سقف أدنى لأجور اللاعبين كما اقترح على هذه اللجنة فتح ملف التحكيم ومراجعته من جذوره واعطاء الثقة التامة للمدربين التونسيين وفرض شروط معينة قبل جلب اي مدرب أجنبي. أما في ما يتعلق بتطوير الكرة التونسية فاقترح مزيد العناية بمراكز تكوين الشبان واعطاء الاولوية لهذا القطاع الذي من المفروض ان يكون المرآة العاكسة لتطور الكرة التونسية. البكوش مختار النفزي (رئيس الأولمبي الباجي): التمويل والتكوين... شخصيا أرى أن ملفيّ التمويل والتكوين هما الأجدر بالفتح من منطلق أن المال قوام الأعمال في منظومة الاحتراف فبالنسبة إلى الملف الأول وعلى امتداد المواسم المنقضية لاح جليا أن أغلب الأندية إذا استثنينا الرباعي التقليدي تعيش من موسم إلى آخر تضخما مبرحا على مستوى ملف الديون مما يصعب معه مجاراة نسق الاحتراف وبالتالي الحديث عن الأمور الفنية في النادي وأبرزها توفير مستلزمات تكوين الشبان والمحافظة على اللاعبين المتألقين.. وهذا يقودنا آليا للحديث عن التكوين لنفهم أنه مرتبط ارتباطا عضويا بملف التمويل فبدون موارد قارة لا يمكن انتداب مدربين ومكونين أكفاء وإذا وفقنا في انتدابهم نعجز عن توفير ظروف عمل ملائمة لهم والمجال هنا لا يسمح بالدخول في جزئيات أخرى للملفين المذكورين. ومن خلال ما ورد ذكره فإن أبرز المقترحات يمكن حوصلتها في تغييرات جذرية على مستوى التسيير داخل النوادي المحترفة لتتماشى الصفة مع الموصوف.. فزمن التطوع قد ولى مع منظومة الهواية وبات من الضروري أن يكون لكل ناد مجلس إدارة المكان فيه للأجدر والأكثر كفاءة. كما بات من الضروري مراجعة منظومة الاستشهار وحقوق البث التلفزي حتى تشهد عدالة أكثر دلالة بين مختلف النوادي. وفي خصوص ملف التحكيم فلا بد من تحسين ظروف الحكام وخاصة منها المادية مما يغنيهم عما يعيشه القطاع حاليا من تبادل للاتهامات ويدفعهم إلى التكوين المستمر والمحافظة على لياقتهم البدنية ويدفع الشبان الى الإقبال على هذا القطاع مما يخلق تنافسا أكثر نزاهة على تقمص هذا الزي فلا يبقى حكرا على بعض الأسماء. وفي النهاية يبقى الحديث عن الإصلاح والقفزة النوعية وتحسّن نتائج المنتخبات ورفعة المستوى الفني والأداء الإداري في مجال الكرة رهين البرمجة الموضوعية والتقنين السليم لكل الأمور من جذورها وفق منظومة احتراف متكاملة الأطراف لا مجال فيها للقوانين الظرفية والاجتهادات الفردية أو الشخصية ولنا في العالم أكثر من نموذج يمكن اعتماده بالحد الأدنى المتوفر في بلادنا خاصة أن أعلى هرم في السلطة بتونس لم يمانع يوما من توفير المستلزمات المالية والبنية التحتية اللازمة والضرورية للتألق محليا وقاريا في قطاع الرياضة خصوصا وبقية القطاعات عموما. إيهاب النفزي الجمهور الرياضي: مراجعة قواعد الاحتراف... تمويل الجمعيات... التحكيم... وفتح كل الملفات لا يختلف اثنان في قيمة الاسماء التي ضمتها «لجنة الانقاذ» التي عيّنتها وزارة الاشراف قصد إيجاد الحلول الكفيلة للنهوض بكرة القدم التونسية في الفترة القادمة خاصة بعد خيبة «المونديال» والتي تلتها مباشرة خيبة ال«كان» مما جعل سلطة الاشراف تبادر ببعث هذه اللجنة وقد نجحت في جمع عدة شخصيات بارزة وتوافقية الى أبعد الحدود في ظل انتماءاتها الرياضية المختلفة من جهة وشموليتها من ناحية ثانية حيث بإمكانها معالجة كل المستويات، سواء التصرف الاداري أو المالي أو الرياضي وأيضا قطاع التحكيم. «الشروق» نزلت الى الشارع ورصدت الآراء فكانت كالتالي: فتحي جبر الله: ملف التحكيم يبقى من الأولويات «أظن أنه حان الوقت لفتح ملف البيع والشراء في قطاع التحكيم خاصة بعد إعلان السيد عبد السلام شمام عن وجود تسجيلات صوتية تدين الحكام وينبغي أيضا على لجنة الانقاذ العناية بالشبان خاصة على مستوى تفعيل لجان الاستكشاف للمواهب الكروية في مختلف أنحاء الجمهورية ويجب مراجعة قوانين الاحتراف والقضاء على ظاهرة المسيرين الاجانب التي شهدتها كرتنا خلال الفترة الماضية على غرار ما حصل في فريق الترجي بعد تعيين جون جاك تيزيي كمرافق للفريق وكأننا أصبحنا نفتقد حتى الى المسؤولين». مهدي بن خضر: تحويل الجمعيات الى شركات تجارية «أظن أن هذه اللجنة جاءت في الوقت المناسب وينبغي أن تتطرق الى عدة مواضيع مهمة خاصة المتعلقة بالتحكيم وتكوين الشبان ومراجعة قواعد الاحتراف حتى تصبح الجمعيات عبارة عن شركات تجارية ولماذا لا يقع تحديد ميزانيات محددة ومضبوطة يتم السماح من خلالها للفرق بالبقاء ضمن الرابطة الاولى مثلما هو معمول به في البطولات الاجنبية هذا إضافة الى العناية بالبنية التحتية وخاصة على مستوى الصيانة». زياد بن شويخة (مدرب درجة أولى): العناية بتكوين المدربين المحليين «أعتقد أنه حان الوقت لتوجّه هذه اللجنة الاهتمام الكامل بالكفاءات التدريبية المحلية وخاصة المتحصلين على الشهائد العليا من المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية حتى نتخلص نهائيا من ظاهرة تستفحل يوما بعد يوم وهي التعاقد مع المدربين الاجانب وينبغي كذلك توجيه العناية المتواصلة بالشبان وتكوينهم تكوينا قاعديا». زياد الفرشيشي: تمويل الجمعيات «أعتقد أن هذه اللجنة ضمّت أفضل الاسماء التي بإمكانها خدمة الرياضة التونسية وهذه اللجنة مطالبة بفتح كل الملفات المتعلقة بكرة القدم على غرار التحكيم وقطاع التحكيم وتمويل الجمعيات وتكوين الحكام الشبان وهي دعوة نتوجه بها الى السيد رشيد بن خديجة وكذلك النظر في مسألة اللاعبين المحترفين وغيرها من الملفات». أحمد بن ابراهيم: بطولة ب16 فريقا «أظن أن هذه اللجنة جاءت في الوقت المناسب لانقاذ الكرة التونسية من الازمة الخانقة التي تمر بها طيلة السنوات الاخيرة وأظن أنه حان الوقت لاضافة فريقين في الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم حتى تشتد المنافسة وترتقي بمستوى البطولة التونسية». محسن البرهومي: فتح كل الملفات العالقة... «إنها فعلا نقطة تحسب لوزارة الاشراف خاصة في ظل الازمة الحقيقية التي تمر بها الكرة التونسية فبعد خيبة المونديال وبعدها خيبة ال«كان» حان الوقت لفتح كل الملفات دون استثناء عسى أن ننهض مجددا بكرة القدم التونسية».