التأمت أمس بنزل المهاري بمدينة طبرقة أشغال الاستشارة الوطنية الموسعة حول واقع وآفاق القطاع التجاري الخاصة بإقليم الشمال الغربي الذي يضم ولايات جندوبة وباجة والكاف وسليانة، وقد أفضت الاستشارة التي ترأسها السيد منذر الزنايدي وزير التجارة الى تشخيص واقع القطاع بهذه الولايات والكشف على مجمل الاشكاليات العالقة به وأيضا الى طرح جملة من الاقتراحات والتصورات الرامية الى تعصيره واصلاحه. وكشف التشخيص ان الاسعار المعتمدة في ولايات اقليم الشمال الغربي حرة بنسبة في مستوى الانتاج وبنسبة في مستوى التوزيع وان هوامش الربح ضعيفة في قطاع التغذية العامة اذ لم تدرك هذه الهوامش النسب المتفق عليها مع الادارة وهو ما يخلّف شعورا عاما بغلاء المعيشة. ويعد التقدم في برنامج تحرير الأسعار بالنسبة الى تجار الاقليم حاجة متأكدة ليس فقط على مستوى الانتاج وانما وبصفة خاصة على مستوى التوزيع. وتشكو بعض القطاعات من كون هامش الربح يتم ضبطه بمبلغ محدد على القطعة الواحدة وذلك رغم ارتفاع كلفة الشراء بالنسبة الى عديد المواد مثل قوارير الغاز والاسمنت. وتعتبر هوامش الربح من أبرز العوامل المؤثرة على مستوى الأسعار والتضخم. كما يُعتبر التخزين من العناصر التي تؤثر على الاسعار. وتعتبر كذلك مسألة عدم انعكاس التفكيك الديواني على أسعار البيع للعموم من أبرز الاشكاليات التجارية المطروحة في الاقليم. نظام الجباية وبينت عملية تشخيص واقع القطاع التجاري بولايات الشمال الغربي ايضا ان أغلب التجار ينضوون تحت النظام التقديري وإن كان هذا لا يشكل عقبة أمام الانتصاب فإنه يظل من الاشكاليات العالقة بنظام الجباية. وفي علاقة بنظام الجباية ايضا تطرح معضلة تأثير الاداءات غير المباشرة على الأسعار ومردودية القطاع، والمقصود بالاداءات غير المباشرة الاداء على القيمة المضافة الذي يتسم بتعدد نسبه والمعاليم على الاستهلاك التي تم اعتمادها بصفة ظرفية سنة والاداءات الأخرى مثل المعاليم الديوانية والمعلوم الظرفي والأداءات المحلية. كما تطرح تساؤلات أخرى بشأن تعميم الأداء على القيمة المضافة والعقبات والاشكاليات التي قد يثيرها هذا التعميم. وما يعاب على النظام الجبائي أيضا هو عدم مراعاة العقوبات التي نصت عليها مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية للمقدرة المالية لصغار التجار بالنسبة الى المخالفات الجبائية الجزائية. كما ان نُظم المراجعة الجبائية تبقى لدى المهتمين بالقطاع التجاري في اقليم الشمال الغربي مجحفة وتفتقر للمقاييس العلمية. مبدأ الحرية ويرى تجار الشمال الغربي ان مبدأ حرية تعاطي الانشطة التجارية ليس مطبقا بالقدر الكافي في الاقليم اذ هناك استثناءات في عديد القطاعات كالمشروبات الكحولية وبيع التبغ والمقاهي والاعلاف وتجارة الزيت بالجملة وغيرها. ويعيب التجار في هذا السياق نقص التنظيم بسبب غياب كراسات الشروط وممارسة الاجانب للنشاط التجاري. كما يتساءل العديدون عن جدوى الفصل بين الانشطة الانتاجية والانشطة التجارية وتأثير هذا الفصل على كلفة الانتاج والمنتوجات وعن جدوى الفصل أيضا بين البيع بالجملة والبيع بالتفصيل كما يثيرون تساؤلات تهم حرية التوريد ومدى التقيد بها وكيفية مجابهة حالات اختلال وضع السوق. وكشفت عملية تشخيص واقع القطاع التجاري التي تم تضمينها في تقرير تأليفي مستمد من تقارير واردة من ولايات الشمال الغربي عن طبيعة العلاقة التي تربط الناشطين في القطاع التجاري بالادارة والتي تشوبها عديد الاشكاليات حسب ما جاء في التقرير وحسب ما نقله وطرحه التجار أمس في الاستشارة. وأبرز ما يؤاخذ عليه هؤلاء الادارة هو طول وتعقد الاجراءات الادارية عند الانتصاب وطول هذه الاجراءات خلال ممارسة النشاط وما تطلبه الادارة من رخص للتوريد ومصادقة على الأسعار والتصاريح الجبائية والمراقبة الفنية وغيرها بالاضافة الى تعدد الاجهزة الرقابية وبعض المآخذ الاخرى ذات الصلة بمركزية القرار ونقائص خدمات الارشاد والتوعية وتوتر العلاقة مع أجهزة المراقبة الاقتصادية ومصالح الجباية ومصالح حفظ الصحة والبيئة وغيرها علاوة على توتر العلاقة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وارتفاع كلفة الضمان التي أثقلت التجار الصغار والباعثين الجدد على وجه الخصوص. مساهمة البنوك ومن اشكاليات القطاع التجاري في ولايات جندوبة والكاف وباجة وسليانة ايضا تطرح مسألة ضعف مساهمة القطاع البنكي في تمويل الاستثمار والنشاط التجاري ومستوى العمولات البنكية الى جانب نقائص قروض الاستهلاك ودفع النشاط التجاري. كما تطرح بالنسبة الى البنوك كذلك مشكلة ارتفاع المصاريف البنكية المتعلقة بدفع وخلاص الشيكات علاوة على ارتفاع الفوائض الموظفة على القروض والتسهيلات البنكية. وكشفت الاستشارة من ناحية أخرى النقاب عن جملة من المعضلات الأخرى التي تحد من تطور قطاع التجارة في اقليم الشمال الغربي من بينها قلة الفضاءات المهيأة لتعاطي النشاط التجاري وتفاقم ظاهرة المحلات التجارية بالمحلات المخصصة للسكنى ومحدودية انتصاب المغازات متعددة الاجنحة ونقص التجهيزات خصوصا لدى صغار التجار وعدم استخلاص الديون المتخلدة بذمة الحرفاء كنتيجة مباشرة لاعتماد نظام البيع بالتقسيط وهو ما يدعو الى مراجعة هذا النظام وفاعليته في متابعة حالات عدم الخلاص. هذا الى جانب ضعف الحرفية في بعض أصناف التجارة والتحديات التي يطرحها انتشار المساحات الكبرى على التجارة الصغرى وضعف قدرة القطاع على تنويع العرض والخيارات المتاحة للمستهلك. هذا بالاضافة الى عدم تنظيم العلاقة بين المنتجين وصغار التجار وتجار الجملة بالشكل المطلوب. ومن الاشكاليات التي تواجه القطاع التجاري بولايات الشمال الغربي ايضا ضعف الاحصائيات حول تطور النسيج التجاري وحجم الاستثمار والعمالة فيه وقلة الاستبيانات المتخصصة وغياب الاحصائيات المدققة حول حالات الافلاس والتوقف عن النشاط او تغييره. ** وزير التجارة: قريبا استبيان لاستطلاع رأي المستهلك في قطاع التجارة طبرقة الشروق شدد السيد منذر الزنايدي لدى اشرافه أمس على افتتاح الاستشارة الاقليمية حول القطاع التجاري بولايات الشمال الغربي على أهمية هذه الاستشارة التي أذن بها رئيس الدولة والتي تمثل فرصة لتدارس المستجدات والتحديات التي تواجهنا وللوقوف على واقع القطاعات ومشاغل مختلف الأطراف والصعوبات التي تعترضها. وقال أمام المهنيين والمهتمين بالقطاع التجاري باقليم الشمال الغربي ان الاستشارة تتيح المجال لتبادل الرأي حول أهم الاصلاحات الواجب التدرج في تنفيذها على المدى المتوسط والبعيد. وأفاد السيد منذر الزنايدي من جهة ثانية أنه يجري العمل على انجاز سبر لآراء المستهلكين بالتعاون مع معهد الاحصاء وفريق من الأساتذة الجامعيين ومنظمة الدفاع عن المستهلك. وسيشمل هذا السبر تقييم المستهلك لأداء القطاع التجاري وما ينتظره من حركة لتعصير القطاع وسيغطي في مرحلة أولى عينة تضم 720 مستهلكا من تونس الكبرى ثم سيعمم لاحقا على كافة مناطق الجمهورية.