لم تخف الولاياتالمتحدة اهتمامها الكبير بالشأن الصومالي على امتداد الايام الماضية حين أعلنت مرارا استعدادها لدعم الحكومة الصومالية التي تستعد لعملية عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على العاصمة مقديشو وطرد مقاتلي حركة «الشباب». واشنطن بدت حريصة على المشاركة في هذا «الجهد» تحت عنوان محاربة الارهاب رغم ان قوات الاتحاد الافريقي مفوّضة للقيام بالمهمة ومساعدة الحكومة القائمة في الصومال على إرساء الاستقرار في البلد وتثبيت سيطرتها على معظم مناطقه وجهاته، وأولاها العاصمة. ويبدو ان الموقف الأمريكي مقدمة لعودة الاحتلال الى الصومال من بوابة محاربة الارهاب، هذه البوابة التي منها نفذت الولاياتالمتحدة الى بقاع عدة من العالم فغزت أفغانستان والعراق وتدخلت في الشأن اليمني وفي الشأن الباكستاني ولم تدع منطقة تنشط بها تنظيمات قريبة فكريا او عمليا بتنظيم «القاعدة» الا حشرت أنفها فيها وكانت في الصف الأمامي للمتدخلين في أمرها. ورغم ان الولاياتالمتحدة ذاقت الأمرين ولا تزال جرّاء غزو العراق وأفغانستان ورغم الورطة التي وضعت نفسها فيها جرّاء سياستها القائمة على مبدإ التدخل في شؤون الدول الأخرى تحت مسمى محاربة الارهاب فإنها لم تستخلص الدروس والعبر، بل لعلها نسيت تلك الإهانة التي تعرضت لها في الصومال في تسعينات القرن الماضي حين دفعت بقواتها الى هناك فخرجت مهرولة بعد مقتل أعداد كبيرة منها وسحل بعض الجنود الأمريكان في شوارع مقديشو. إدارة أوباما تعلم قبل غيرها ان وضعها في العراق وأفغانستان لا يسمح لها بالتحرّك عسكريا في اي اتجاه وأن سخط الرأي العام العالمي والعربي الاسلامي تحديدا سيتضاعف إن هي أقدمت حتى على مد الحكومة الصومالية بمعونات لوجيستية لتسيير هذه المعركة لأن جميع هذه التصرفات تندرج في خانة واحدة هي التدخل في الشأن العربي والاسلامي، وهذا ما يرفضه الجميع... باستثناء الحكومات الانتقالية او المنصّبة التي لا تضمن استمراريتها الا بالدعم الأمريكي كما هو الشأن في العراق وأفغانستان والصومال.