كلام كثير يقال عن تعثر مسار الاتحاد المغاربي وتوقف قاطرته منذ أكثر من عشرية لعجز قمته عن الاجتماع لاختلافات وخلافات ظاهرة بين أكثر من أي طرف من اطرافه الخمسة. وتقدم دوما أرقام بأصفار عديدة عن كلفة اللامغرب تصاحبها تحاليل ودعوات عن ضرورة التكتل لمواجهات التكتلات الجهوية والاقليمية وسط توقعات وتخمينات بامكانية احداث هيكل مغاربي من الخارج ليكون المخاطب الوحيد للاتحاد الأوروبي الشريك الأقرب والأكبر للأقطار المغاربية مجتمعة ومنفردة. وبين هذا الكلام وتلك التحاليل والتوقعات بدأت تبرز على الساحة مؤشرات احياء الهيكل المتجمد أو الذي تعطلت مسيرته ويتوقف نموه بعد السنوات الأولى للبعث. البعث المغاربي الجديد ينبني على المصالح الاقتصادية التي لا يمكن أن تعطلها الاختلافات السياسية أو الايديولوجية، ويحركه القطاع الخاص الذي لا يبحث الا عن الربحية والمردودية والعوائد المرتفعة. ويلتقي رجال الأعمال ورجال السياسة المغاربيين في قناعة واحدة وهي ان الاتحاد المغاربي خيار ثابت وممتص صدمات أمام التحولات والأزمات الاقتصادية الوافدة، ويختلفان في طرق تجسيم هذا الخيار وإدارة الاختلافات والنزاعات ان وجدت، مثلما اختلافها في المنطلقات والغايات. هذه الاختلافات تبرز في لقاءات الشراكة والمبادلات التجارية والاقتصادية رغم وجود عراقيل تشريعية وادارية، إذ لا يتخلف أصحاب المشاريع والاستثمارات عن دخول أي بلد من الأقطار المغاربية اذا توفرت فرص ومناخ الأعمال أينما وجدت المصلحة وتأكدت الضمانات والمردودية. هذه الشراكة والتعاون بين الباعثين المغاربيين الخواص قد تشهد دفعا جديدا ببعث البنك المغاربي للاستثمار الخارجي الذي ستحتضنه بلادنا التي تعد الموفق بين المتخالفين المغاربة والذي سيمثل الذراع المالي للاتحاد من خلال تمويل المشاريع الاندماجية وتيسير انسياب الاستثمارات والسلع داخل الفضاء المغاربي والرفع من حجم المبادلات البينية. ويبقى الأمل أن يرتقي رجال المال والأعمال المغاربة الذين سيجتمعون قريبا بتونس فوق الخلافات السياسية لارساء قواعد شراكة وتكامل مغاربي خاصة وأن المصالح متوفرة وفرص الأعمال موجودة ولا تنتظر غير العزيمة والاصرار.