مع بدء العد التنازلي لتقديم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري نتائج سنوات من البحث والتمحيص في هذه القضية المعقدة يحبس اللبنانيون انفاسهم وفي نفوسهم قلق وخيفة وريبة مما ستؤول اليه الأوضاع بعد أن تنكشف النتائج التي قد لا تعكس بالضرورة الحقائق. لكن الوزير السابق وئام وهاب استبق النهايات وبادر بدق ناقوس الخطر وجدد تحذيراته من التأثيرات السياسية لعمل المحكمة الدولية قائلا انها تهيئ فتنة جديدة في لبنان وقد تدخل البلد في دوامة حرب أهلية ستكون نتائجها كارثية على الجميع. تحذيرات وهاب استندت بالأساس الى ما ذكره هو دون الكشف عن مصادره من أن لجنة التحقيق الدولية تستدعي منذ أيام مسؤولين وعناصر في «حزب الله» للاستماع الى شهاداتهم وانها تجري تحقيقات بوتيرة متسارعة تصل الليل بالنهار وان كل هذه التحركات في تقديره قد تفضي الى اتهام «حزب الله» بالضلوع بشكل ما في جريمة اغتيال الحريري وهو ما سيعيد البلاد الى المربع الأول، مربع الفوضى وانعدام الثقة بين مختلف الأطراف السياسية وبصرف النظر عن مدى صحة هذه المعلومات ودقتها فإن تسريبات سابقة كانت تسير في هذا الاتجاه كادت تفجر أزمة سياسية في البلد خصوصا قبل الانتخابات الأخيرة الذي جاءت بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري. ومع أن المعمول به في القضاء الدولي هو ان يظل سير التحقيقات في قضية بهذا الحجم طي الكتمان حتى تتبين الحقائق وتتحدد المسؤوليات فإن صمت «حزب الله» عن كل ما ذكره وهاب وعدم تأكيد ولا نفي ما ذهب اليه الوزير السابق يثيران مخاوف حقيقية من أن المحكمة الدولية سائرة نحو توجيه اتهامات الى جهات لبنانية أو الى فئات سياسية بعينها في الداخل اللبناني لا «حزب الله» وحده لأن القلق لا في تحديد الجهة المتهمة داخليا وانما مجرد الادعاء ان جريمة اغتيال الحريري دبرت ونفذت من الداخل اللبناني سيكون كارثيا على الوضع السياسي في هذا البلد لأن المنطق يفرض القول انه لا مصلحة لاية جهة لبنانية في التخلص من الحريري في ذلك الظرف بالذات، كما ان تقديرات المراقبين والعارفين بشأن مثل هذه العمليات ذهبت الى أن طريقة تنفيذ الجريمة ومخلفاتها تؤكد أن المنفذ يبلغ من القوة والخبرة مبلغا عظيما قد لا تقدر عليه أية جهة لبنانية. واستنادا الى هذه الحقائق يبدو توجيه الاتهام الى جهة لبنانية بعينها في هذه القضية أمرا غير منطقي واذا كانت لجنة التحقيق الدولية سائرة فعلا في هذا الاتجاه فإن سيرها هذا ليس بريئا وان مخاوف الوزير اللبناني السابق لها ما يبررها لأن جميع هذه المؤشرات تنذر ب «ربيع ساخن» في بلد يأبى ان ينعم بالسلام والسكينة والدعة والطمأنينة.