عندما ظهرت المسلسلات المكسيكية وغزت الفضائيات العربية كان المشاهد وقتها مستمتعا بتلك القصص الرومانسية وحكايات العشق والغرام وصراعات العائلات البرجوازية... هذه المسلسلات كانت تقدم الى المشاهد العربي في نسخة مدبلجة الى اللغة العربية وهو ما زاد في شد المتلقي أكثر فأكثر، وكان لتلك اللغة وقعها وتعلّم منها الصغار وأضافت للكبار وأثرت الحوار داخل العائلات فكنا نشاهد ونستمتع ونستفيد... وزادت تلك الترجمة في ثبات لغتنا وتوحيد هويتنا والتقريب بين شعوبنا وانتشارها في سائر دول العالم. كل هذه المزايا حصلت بتلك الترجمة خاصة وأن هذه المسلسلات كانت تدخل بيوتنا وتشدّ آلاف المشاهدين... وكنا في حاجة الى ذلك في زمن طغت فيه اللغات الاجنبية على لغتنا الاصل. فدخلت الفرنسية على الجمل العربية لتأخذ مكانها في شوارعنا التونسية وداخل الاسرة وفي المؤسسات... حتى أن الخطر بدأ يحدق بلغتنا في هذا الزمن... وما أحوجنا لتلك اللغة في ترجمة تلك المسلسلات والتي حلّت محلها اللهجات. فبعد أن كانت اللغة العربية هي الاصل في ترجمة المسلسلات الاجنبية تحوّلت اليوم الترجمة الى لهجات عربية مختلفة فنجد مسلسلات باللهجة السعودية وأخرى بالسورية واللبنانية وربما في الايام القادمة تدخل اللهجة التونسية والجزائرية... هذه الترجمة شوّهت اللغة العربية واستحوذت على مكانها وزادت في طمسها وقلّصت من أداء مهامها وقلّلت من حضورها على شاشاتنا... إن هذه اللغة التي تعدّ القاسم المشترك بين هذه الشعوب العربية في حاجة لنا جميعا فبدلا من الوقوع في ترجمة للهجات متعددة قد لا تفهمها عديد شعوب هذه البلدان لابد من الحرص على الترجمة باللغة العربية التي يفهمها الجميع وهذا لا يقتصر على المسلسلات فقط بل لابد من تعميم الترجمة على الافلام والاشرطة الوثائقية والصور الكرتونية حتى تأخذ اللغة العربية مكانها المستحق.