برغم عدم ادراجه بصفة مسبقة في جدول أعمال الجلسات البرلمانية فقد تأكد ل»الشروق» ان مجلس النواب سينظر قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية في نص المشروع المتعلق بتنقيح واتمام المجلة الجنائية بخصوص زجر الاعتداءات على الأخلاق الحميدة والتحرش الجنسي، وهو المشروع الذي أثار جدلا كبيرا منذ بدء الحديث عنه منذ فترة سابقة وتفاعلت بشأنه عديد الآراء من النواب ومختلف الاحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية والمدنية. وثبت ل»الشروق» ان اللجنة البرلمانية قد أنهت أمس كل الاجراءات والاشغال المتعلقة بالمشروع المشار اليه وتمّت إضافته الى محفظة النواب مع منتصف نهار أمس الثلاثاء وينتظر ان يتم نقاش المشروع في جلسة اليوم بعد تعديل جدول الأعمال. ويهدف مشروع القانون المعروض على البرلمانيين الى تدعيم عناصر حماية كرامة الأشخاص وحرمتهم المعنوية، عبر الحفاظ على الأخلاق العامة من كافة مظاهر الاعتداء والتصدي لسائر أشكال التسيّب والانحلال وضمان مقومات الكرامة لكافة التونسيين بما يكفل حماية واسعة لحقوق المواطنين وحرياتهم في مختلف مجالات الحياة. وقد تناول المشروع بالخصوص، إلغاء الامر المؤرخ في 25 أفريل 1940 المتعلق بزجر جرائم الاعتداء على الاخلاق الحميدة باعتباره لم يعد مواكبا لتطور بنية المجتمع التونسي التي تختلف عما كانت عليه في ظل التشريع المشار اليه اذ أن اخلاقيات المجتمع قد تطورت وبرزت قيم جديدة وزالت أخرى في حين بقي التشريع على حاله لا يشمل الظواهر الاجتماعية الجديدة ولا يساير ما شهدته المنظومة الجزائية ببلادنا من تطور. كما يشمل المشروع اضافة الفصل 226 مكرر الى المجلة الجنائية وتخصيصه لزجر شتى أشكال الاعتداءات على الاخلاق الحميدة التي كانت تنظمها احكام امر 25 أفريل 1940، وكذلك اضافة الفصل 226 ثالثا الى المجلة الجنائية وتخصيصه لزجر التحرش الجنسي الذي يشكل مظهرا جديدا من مظاهر النيل من كرامة الفرد في ظل علاقات يسودها في بعض الاحيان ظاهريا الرضاء والحال أنها تخفي علاقات غير عادية مبناها انسياق احد الاطراف الى رغبات غيره الجنسية تحت تأثير الخوف او الضغوط وغيرها من أشكال الاكراه التي تغيب الارادة وتتأكد اهمية وضع الاطار القانوني للتصدي لهذه الظاهرة خصوصا اذا كانت للجاني سلطة على ضحيته قد تكون المبرر الوحيد لانسياق الضحية الى نزواته أو نزوات غيره الجنسية. تجريم وعملا بالنص المقترح يشمل التجريم الافعال التالية: 1 الاعتداء على الاخلاق الحميدة بالقول: ويقصد به التلفظ بعبارات واصدار أصوات تنال من الاخلاق العامة وتخدش عاطفة المستمع اليها سواء تعلق الامر بكلام ذي مدلول مخل بالاخلاق الحميدة او بأصوات لا تصنّف ضمن الكلام لكنها تخدش عاطفة الحياء. 2 الاعتداء على الاخلاق الحميدة بالاشارة: ويقصد به كل حركة أو إشارة فاضحة ووقحة لا تراعي عواطف الآخرين وقيم المجتمع الأخلاقية وتتجاوز حدود اللياقة والادب من قبل الفاعل ويشترط المشروع لتجريم المضايقة ان يصدر عن الفاعل فعل ماس بالحياء ومناف للحشمة التي يقتضيها منطق التعايش الاجتماعي وآدابه. 3 لفت النظر الى وجود فرصة لارتكاب فجور: وهي تتمثل في القيام بأفعال تدل الغير على أنه بامكانه ارتكاب فعل فاجر وغير أخلاقي وهي فرصة ما كان لذلك الشخص أن يعلم بوجودها لو لا ان الفاعل لفت نظره او انتباهه اليها من خلال اعلامه بتلك الفرصة، وتختلف هذه الجريمة عن جريمة التحريض على الفجور التي تقتضي اسداء نصائح ملحة للقاصر وتوجيهه وحثّه على الفساد والالحاح واغرائه والتأثير عليه لحمله على اتيان فعل فاجر، والحال أن جريمة الفصل 226 مكرر لا تقتضي كل ذلك فلفت النظر او الانتباه يعني مجرّد الاعلام بوجود فرصة فساد دون الدعوة الصريحة الى ارتكابه وقد تكتسي ذلك عدة مظاهر كنشر اعلانات أو مكاتيب او صور او استعمال وسائل تكنولوجية للنشر والدعاية. تعريفات ولبيان كل ذلك اقترح المشروع وضع تعريف دقيق لجريمة التحرش الجنسي وخصوصية الفعل موضوع التجريم ونية الفاعل وأثر ذلك على المجني عليه ووجود عناصر تؤكّد الاصرار والعزم القاطع على الوصول الى النتيجة المرغوبة والتي يمكن أن تمسّ بكرامة الشخص وهيبته واحترامه. كما تضمن المشروع اشارة الى جملة من الاحوال والظروف التي تقع فيها مضاعفة العقاب المستوجب وعموما فهي الحالات التي يستغل فيها الجاني ضعف المتضرر ليستفيد من ذلك بشكل غير أخلاقي لاشباع رغباته والحالات التي تطرق اليها المشرع هي: صغر سن المتضرر والقصور الذهني والقصور البدني للمتضرر. واقتضى المشروع صراحة معاقبة مرتكب التحرش الجنسي بقطع النظر عن العقوبات الاخرى المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل اذا كانت أشدّ من العقوبات المقررة لهذه الجريمة وعمل المشروع على إرساء نظام متوازن يحفظ حق المتضرر في رفع التشكي ويكفل للمشتكى به الضمانات الضرورية للتصدي للشكايات الكيدية التي لا يقصد منها سوى التنكيل.