لم تكن مهنة السيدة احلام القاضي مجرد مهنة تمنحها دخلا ماديا محترما بل انها ترجمة ونتاج حب وعشق كبيرين ولدا وترعرعا داخلها منذ الصغر. فالطب البيطري ظل الحلم الوحيد الذي يراود مخيلة السيدة احلام القاضي والطريف انها عندما تحصلت على شهادة «السيزيام» قررت ان تصبح بيطرية. **حكاية غرام تخرجت الدكتورة احلام القاضي من كلية الطب البيطري بتونس سنة 1999 وقامت بعديد التربصات مع بياطرة محترفين داخل الوطن وخارجه، وبدأت رحلتها مع هذا المجال بحب كبير للحيوانات وخاصة القطط والكلاب حيث سعت الى جمع كل الوثائق والمعلومات العلمية المتعلقة بعالم الحيوان وتحرص على متابعة كل الاشرطة الوثائقية بغية الغوص في تفاصيل حياة الحيوانات وتعتزّ الدكتورة احلام اعتزازا كبيرا باختصاصها الطبي الذي يعتبر من اصعب الاختصاصات الطبية نظرا لدقة وكثرة تفاصيله الدراسية هذا الولع الشديد بالحيوانات ترجمته السيدة احلام باختيارها لشعبة الطب البيطري كما اشرنا الى ذلك سابقا وفتح عيادة للحيوانات الأهلية وكان ذلك منذ سنتين بعد ان تحصلت على قرض من بنك التضامن. **رهانات جعلت الدكتورة احلام القاضي حياتها قائمة على مجموعة من الرهانات والتحديات لعل اهمها خلق علاقة خاصة مع الحيوانات الاهلية من القطط والكلاب فكانت تسعى الى ترويض هذه الحيوانات ومصادقتها حتى انها كانت تعرف جيرانها من خلال ما يملكونه من كلاب. اما الرهان الثاني فهو متعلق باجتهادها في الدراسة وحصولها على معدل ممتاز في الباكالوريا مما سمح لها بالالتحاق بكلية الطب البيطري بالاضافة الى مراهنتها على اكتساب ثقافة واسعة من خلال انكبابها المستمر على الاطلاع والبحث في كل ما من شأنه ان يثري ثقافتها ويزوّدها بمعلومات اضافية حول الخصائص البيولوجية والنفسية الحيوانية. **صعوبات ومخاطر لا تخلو مهنة الطب البيطري من المخاطر والصعوبات فالتعامل المباشر مع الحيوان ليس سهلا وعادة ما يتسبب للطبيب في عدة مشاكل وفي هذا الصدد تشير الدكتور احلام القاضي الى ان مهنة الطب البيطري محفوفة بالمخاطر وتسببت لها في العديد من المشاكل من ذلك مثلا تعرضها لبعض الامراض الجلدية المعدية كما تعرضت لبعض الاضرار الجلدية نتيجة هيجان بعض القطط والكلاب التي يتم فحصها ومعالجتها في المصحة الخاصة بها. أما الصعوبات فإنها تنحصر في المشاكل التي يطرحها التعامل المباشر مع الحيوانات ومعالجتها ناهيك وان هذا العالم يكتنفه الغموض في بعض الحالات ويصعب تشخيص المرض واعطاء العلاج اللازم نظرا لاختلاف نوعية الحيوان الواحد وتوضح ان نفس المرض يختلف من قط الى قط كما ان طريقة علاج ذلك المرض لن تكون نفسها. وتشكل المنافسة في مجال الطب البيطري مشكلا اساسيا وصعوبة لا يمكن التغاضي عنها نظرا لارتفاع عدد البياطرة بتونس. **طرائف المهنة تعدّ مهنة الطب البيطري من المهن التي لا تخلو من المفاجآت والطرائف خاصة اذا ما كانت تمارسها امرأة فلا يزال ذهن الدكتورة احلام القاضي يحتفظ بحادثة طريفة عاشتها اثناء فترة تربصها ومفادها انها عندما زارت ضيعة فلاحية لاجراء بعض الفحوصات الأبقار قدّمها الدكتور المصاحب لها على انها طبيبة متربصة الا ان الفلاّح استغرب مرافقتهم الى الاسطبل وقال لها لماذا تتعب نفسها فالاجدر ان تترقب الدكتور خارجا رفقة بناته. وتظل حادثة انقاذ الدكتورة احلام القاضي لعجوز من براثن كلب الجيران في غياب كل الجيران بفضل صداقتها لكل كلاب الاجوار من اهم الاحداث التي عاشتها خلال طفولتها لتبقى شاهدا على مدى ارتباطها الوجداني بهذا العالم. **واقع وآفاق تشير الدكتورة احلام القاضي الى تطوّر العقلية التونسية وتبدل سلوك التونسي الى الاحسن في ما يخص اهتمامه بالحيوانات الأهلية وتقول انها بمجرد مباشرتها للعمل في هذا المجال فوجئت بارتفاع وتزايد عدد التونسيين الذين اصبحوا يعتنون بحيواناتهم المنزلية ويحافظون على سلامة صحتها. فجميع الطبقات تقريبا باتت تهتم برعاية قططهم وكلابهم لاسيما وان هذه الحيوانات تتعرض لمختلف الامراض التي يصاب بها البشر كالسكري وضغط الدم والقلب بالاضافة الى الأمراض الخاصة بها. وفي معرض حديثنا عن واقع الطب البيطري في تونس اكدت الدكتورة احلام القاضي ان تونس وان عرفت في السنوات الاخيرة تحولا ايجابيا في علاقة الفرد بالحيوان الأهلي فإنها لازالت تعتبر في البدايات علما وانها متأخرة عن فرنسا وعن مجمل الدول الاوروبية بما يقدّر ب 5 أو 7 سنوات من حيث اهتمام الفرد بالحيوان الأهلي وتربيته وهذه الوضعية السائرة في طريق التحسن من شأنها ان تنعكس ايجابيا على اهل الميدان وتجعلهم يطمحون الى ما هو احسن وتضيف الدكتورة أ.ق انها تطمح الى مزيد النجاح والتألق وتطوير مشروعها الطبي وتؤكد ان النجاح يبقى رهين شروط متعددة متصلة بمدى حب المهنة والمثابرة والاصرار على العمل والعطاء نظرا لصعوبة هذه المهنة وحساسيتها بالاضافة الى ضرورة التحلي بسعة البال والصبر. وتختم الدكتورة احلام القاضي بقولها انها تعتبر نفسها حققت شوطا مهما في سلم النجاح وانها راضية تمام الرضا عن كل ما انجزته خلال مسيرتها المهنية.