انطلقت أمس في واشنطن أشغال قمة نووية حضرتها 40 دولة وسجلت غياب اسرائيل... وهو غياب يطرح أكثر من سؤال حول مصداقية هذه القمة في غياب طرف يمتلك النووي ويحتل أراضي الغير ولا يعترف بقرارات الشرعية الدولية... وكذلك حول المفارقة العجيبة التي يطرحها هذا الغياب لجهة كونه يعفي من المساءلة ومن أي تتبع وهو ما يعطي مثالا سيئا لباقي الدول التي سيكون مشروعا لها ان تنسج على منواله... علاوة على ازدواجية المكاييل والموازين التي يطرحها هذا الغياب، وغياب المساءلة... قد نتفهّم هواجس الإدارة الأمريكية التي تستضيف هذه القمة... وهي هواجس تحوم حول سبل منع «دول مارقة» من حيازة هذا السلاح الفتّاك... وكذلك سبل منع تسربه الى «حركات إرهابية»... لكن هواجس أمريكا يجب أن تكون هواجس من ضمن هواجس أكبر تعتمل في المجتمع الدولي... وتتمثل أولا في انفراد دول النادي النووي بحيازة هذا السلاح المدمّر بما يمثل خطرا على السلم والأمن الدوليين... ويمثل تهديدا مباشرا للحياة البشرية على وجه كوكب الأرض عموما.. حيث تكفي الترسانات النووية لهذه الدول لتدمير الكرة الارضية عديد المرات. كما تتمثل هذه الهواجس ثانيا في امتلاك دول مثل اسرائيل لهذا السلاح الخطير... وهو ما يشجعها على التمادي في تمردها على قرارات الشرعية الدولية واحتلال أراضي الغير والتمترس خلف غطرسة القوة في محاولة فرض الأمر الواقع ورسم معالم «الحل» على الأرض بالاعتماد على حجّة القوة وليس على قوّة الحجة. ومن هنا يطرح غياب اسرائيل عن هذه القمة مفارقة كبيرة أمام قمة واشنطن ويوجه الى مصداقيتها ضربة قاصمة: هل يعفي الغياب من أية مساءلة؟ واذا كانت هناك مساءلة أو ضبط للمسألة النووية فكيف يستقيم الأمر في ظل غياب دولة مارقة عن القانون الدولي وتمتلك ترسانة نووية هائلة. انها أسئلة تبقى ماثلة أمام إدارة أوباما التي دعت الى هذه القمة الأولى من نوعها... وهي أسئلة تدعوها الى نبذ أسلوب ازدواجية المكاييل والموازين في التعاطي مع القضايا الدولية... لأنه أسلوب يقوّض السلم والأمن الدوليان ولأنه أسلوب يشجّع على التمرّد على القانون الدولي... فكيف تشجع الإدارة الأمريكية التي تتحرك باسم القانون الدولي المتمردين عليه وعلى الشرعية الدولية؟