دون كهرباء تصبح التنمية عمياء ولا تنفعها العصا البيضاء دليلا مهما كان بياضها ناصعا ولمّاعا. ما كنت لأقول هذا لولا ظهور ثلّة مارقة من قراصنة الضوء وقطاع طرق التنمية. وثنايا النور ومعابره ومداخله ومخارجه إنهم أولئك الذين باتوا يشكلون شبكة لنهب الشبكة الكهربائية من أسلاكها وبيعها نحاسا في السوق السوداء الظلماء التي نتمنى أن يصلها الضوء قريبا حتى نراها ونزيح سوادها من ساحتنا الوطنية. أما النتيجة فخسائر لا تحصى. وتعطيلات للمصالح لا تُعدّ. وأتعاب لا تنتهي. «كانت تشخر..» وزادها اللقلق المعروف ب«البلاّرج» لدى العامة وب«الحاج قاسم» في الشمال الغربي ليّا للرقبة وضيقا في التنفس. نعم هي هكذا شبكة الكهرباء في أكثر من اقليم اليوم إذ لا يمر يوم دون انقطاع للكهرباء هنا أو هناك نتيجة سرقة للأسلاك أو لكثافة اللقالق في حضائر بناء أعشاشها على رؤوس أعمدة الشبكة. «الستاغ» اجتهدت منذ سنوات فأقامت على رؤوس أعمدة الشبكة بعض الأعشاش لهذا «الحاج» المهاجر وما كان أهلها يدركون أن عش «الحاج» الواحد هذا الموسم يستوجب في الموسم الموالي بناء أعشاش لصغاره عند عودتهم إلى «الحج» إلى مسقط الرأس. وهو ما لم يحصل وهكذا تكاثر عدد المهاجرين دون مأوى في مخيّم الشبكة. وتكاثرت صراعات اللقالق على السكنى وتكاثرت ضحاياها بين قتلى وجرحى بالكهرباء الذي ينقطع في كل صعقة، وما على الشركة إلا أن تعيده لينقطع ثانية وهكذا دواليك طيلة مدّة إقامة اللقالق عندنا. هل تكفي لجان يقظة لقطع الطريق على قطّاع الشبكة في كل عمادة؟ كل ما أعرفه أن لا صلح بين «الحاج قاسم» و«الستاغ» إلا ببناء عش على رأس كل عمود كهربائي. فما رأي وزارة البيئة والمحافظة على المحيط في هذا المقترح الذي يرضي ويحمي زوّارنا وعشاق بيئتنا من الطيور المهاجرة إلى أرضنا الرائعة الآمنة لتتمسك فيها بحبل التواصل في الحياة في موسم الهجرة إلى شبكة الكهرباء..؟