[email protected] ماذا أقول ونصف البلاد يبكي على ما آل إليه فريق في حجم النادي الإفريقي، ليس بسبب الخسارة فالذي انتصر مساء الأحد ليس نكرة ولا هو من حضيض الأقسام بل اسمه النادي الصفاقسي كان ولا يزال يقدّم دروسا كروية من الطراز العالي لمن يدّعون في الكرة فلسفة... ولكن الدموع سببها الحالة المزرية التي أضحت عليها القلعة الحمراء والبيضاء بعيدا عن الوعود الجوفاء والتبريرات الوهمية التي لم تعد تنطلي على الأحباء.. ولعل الحقيقة الوحيدة هي التي تقول إن الإفريقي خرج من الموسم الحالي بيد فارغة وأخرى فيها الهواء. يستوقفني الناس أحيانا ويحملونني رسالة لا تقدر عليها الجبال الرواسي عندما يقولون لي في صيغة الجمع «اكتبوا يا صحافة».. وتراني أخجل من نفسي ومن قدسية هذه المهنة عندما أعلمهم بحدود الكلام وحدود القلم وهم الذين يؤمنون بأن لا حدود للمداد... وجمهور الإفريقي من هذه الفئة التي تطالبنا دوما بكشف الحقائق أولا لأنها تعرف أن فريقها يضج بالخفايا... وثانيا لأنها لا تخشى لومة لائم وثالثا لأنها تحب الإفريقي أكثر من الذين يدخلونه لقضاء مآربهم ويغادرونه والبصاق وراءهم... لنسأل أنفسنا عمّا سنحبر في زمن انكشفت فيه المغالطات وسقطت فيه الوعود وبانت عورة الإفريقي بالكامل.. ماذا سنكتب.. عن الانتدابات الفاشلة.. عن هيئة من أبرز أعضائها أحد المتيمين بفريق آخر... عن لاعبين «شبعوا» ولا يتحدثون إلا مالا... عن جماهير أصبح شغلها الشاغل إسقاط الهيئة على حساب الفريق... عن مداخيل يعجز الواحد منّا عن حصرها لكن فوائدها تغيب فترى المسؤولين يطاردون أنصاف وأرباع لاعبين عبر قنوات السماسرة ولا تراهم يتشددون في صنع المواهب وصقل المواهب واستغلال المواهب؟ عمّ سنكتب ورائحة احتراق الأوراق تفوح من كل جانب.. فأين الانضباط الذي يعتبر داخل القلعة الحمراء والبيضاء أول درس يرسخ داخل الرؤوس قبل الحديث عن البطولات والكؤوس.. فهل ب«السهريات» الماجنة تأتي الألقاب... أم بترك الحبل على الغارب للاعبين بعضهم أقرب للانحراف منهم إلى الاحتراف.. أم بهيئة «تعرف البير وغطاه» لكنها لا تقترب منه لأنها تخشاه؟ عمّ سنكتب وبعضهم يطل علينا بعد كل خسارة ليتحدث عن ضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية وكأن هذه الأمور يُمنع الخوض فيها إلا عندما ترتطم أنوفنا بالأرض ونخدش في العرض... والبعض الآخر مازال يبيع الكلام والأوهام عندما يؤكد على قدوم هذا وذاك وكأن التاريخ لا يشهد على حجم الفشل عبر صفقات لم يربح منها إلا الذين لهثوا وراءها.. فهذا يتحدث عن قدوم البلبولي وآخر يؤكد على عودة بن شيخة وثالث يقسم بأغلظ الأيمان بأن نجما كبيرا في طريقه إلى الإفريقي... ورابع.. وخامس وفي الأخير «حل الصرة تلقى خيط» لأنه آن الأوان ليتوقف بعضهم على بيع الأوهام بعد أن اكتشف الجمهور أنه يطارد خيوط الدخان.. فالإفريقي أكبر من الكلام... ومشكلته الخطيرة أن أغلب القائمين على شؤونه لا يفقهون غير الكلام...وأن لاعبيه الأشاوس تركوا ردّ الأقدام وتلهوا فقط بكل ما هو كلام... ليمر الإفريقي الكبير بجانب الأحداث الصغرى مرور.. الكرام...