كشف الأستاذ فوزي الحمداني، الناشط العراقي والأمين العام المساعد لاتحاد المعلمين العرب السابق في لقاء مع «الشروق» بتونس حقائق خطيرة عن واقع التعليم في العراق مشيرا الى اغتيال وتهجير آلاف الأساتذة منذ الاحتلال الأمريكي. الأستاذ فوزي الحمداني أكد أن الاحتلال الأمريكي لا يستهدف فقط أجساد المعلمين والمدرّسين بل أيضا عقولهم وعقيدتهم وهويتهم. وفي ما يلي هذا الحديث: بداية، كيف توصّفون أستاذ واقع التعليم في العراق اليوم بعد مضي أكثر من 7 سنوات على الاحتلال.. وأين طلبة العراق اليوم من الديمقراطية المزعومة التي وعدتهم بها أمريكا عشية الغزو؟ حتى نعطي الصورة واقعيتها وحقيقتها لا بدّ أن نشير إلى واقع التعليم قبل الاحتلال.. فقد كان التعليم بالعراق يحظى برعاية خاصة واهتمام كبير حتى أن المنظمات الدولية اعترفت بتطوّر النظام التعليمي في العراق الذي حصل عام 1980 على جائزة اليونسكو بمناسبة نجاح الحملة الوطنية لمحو الأمية والتخلّص من الأميّة تماما في العراق.. وما ظاهرة كثرة العلماء في العراق إلاّ دليل على نجاح النظام التعليمي وتطوّره ولكن كما يعرف الجميع أن من أهداف الاحتلال هو تجهيل المجتمع وتحويله الى مجتمع متخلف ليتمكّن من السيطرة عليه وهذا ما حصل فعلا بخطوات منظمة بدأت باقصاء آلاف الكفاءات العلمية والتربوية وتصفية المئات من الأساتذة. كما تمّ إحداث فوضى منظمة في المؤسسات التعليمية حتى أصبح الدوام في المدارس غير منتظم واستشرى الفساد الاداري والمالي في المؤسسات التربوية وبرزت ظاهرة الشهادات العلمية المزوّرة.. وأيضا ظاهرة الاعتداء على المدرسين والمعلمين.. ولك أن تتصور ماذا يحدث.. فبمجرد أن يرسب طالب في امتحان ما.. يصبح عاديا جدا أن يجلب هذا الطالب أقاربه وأصدقائه ويعتدون على المعلم. أشرتم الى ظاهرة الاعتداء على الأساتذة..برأيكم، من يقف وراء هذه العمليات.. وما المقصود من ورائها.. ثم هل أن لديكم أرقاما عن عدد ضحاياها؟ منذ اليوم الأول للاحتلال مورست عمليات التصفية ضد العلماء والأساتذة والكفاءات العلمية في مؤسسات الدولة.. وقد شاركت فيها جهات عديدة في مقدمتها المخابرات الأمريكية والصهيونية والايرانية وقد أشارت الاحصائيات الأولية الى تصفية أكثر من 1000 أستاذ جامعي وأكثر من 900 مدرس ومعلم بينهم 48 مدير مدرسة تمّت تصفيتهم في محافظة البصرة في وقت واحد، بالاضافة الى تهجير الآلاف منهم نتيجة التهديدات التي تعرضو لها من جهات مجهولة. هذا في ما يتعلق بالمعاملة الأمنية، لكن كيف يتعامل الاحتلال مع هذا الملف، سياسيا وفكريّا؟ أكيد أنّ الاحتلال تعامل مع ملف التعليم باهتمام كبير حتى أنّ وزارة التربية والتعليم كانت تخضع بعد الاحتلال الى مستشار أمريكي وكان ضباط الجيش الأمريكي موزعين على المدارس ويشرفون بشكل مباشر على العملية التربوية وعلى مراقبة حركة المعلمين والطلبة وبدأت عملية توأمة للجامعات العراقية مع الجامعات الأمريكية وخصصت السفارة الأمريكية عددا من المقاعد الدراسية للطلبة العراقيين في الجامعات الأمريكية، وعلى سبيل المثال تم تغيير مناهج الرياضيات من اللغة العربية الى اللغة الانقليزية وهذا ما أحدث إرباكا كبيرا بين الطلبة والمدرّسين بكونه يشكل منهاجا غريبا. تمّ مؤخرا اعداد منهج جديد للتربية الاسلامية بالمدارس الابتدائية العراقية... ما دواعي مثل هذه الخطوة... وما هي مقاصدها؟ نعم لقد تمّ ذلك فعلا... وتمّت طباعة الكتاب ووزّع على الطلبة والآن يدرّس في المدارس الابتدائية والمؤلم والمحزن في هذا المنهج أنه يتضمّن دعوة صريحة للطائفية وتكريسها في أذهان الاطفال والتلاميذ من خلال تدريس العبادات وفق مبدأ الطائفتين (العبادات السنية والشيعية) مما يغرس في أذهان التلاميذ منذ عمر الست سنوات العقلية الطائفية ويزرع بذور الفتنة في المجتمع. الهدف إذن هو تغيير عقلية الشاب العراقي لكي تتواءم مع النموذج الامريكي وتهيئته نفسيا لتقبّل الاحتلال. وبالنتيجة هو تحقيق الهدف الصهيوني بجعل الشاب العراقي يتقبّل مسألة التعايش مع الصهاينة ويقبل بالمخطط الصهيوني القاضي بفرض الأمر الواقع على المجتمع العراقي والمجتمعات العربية الأخرى... كما أن هناك نية لتغيير تسمية الخليج العربي في جميع المناهج التعليمية في العراق واستبدالها بكلمة الخليج الفارسي... وهذا الهدف الأساسي من ورائه هو تحويل العراق من منهج قومي عروبي الى منهج أمريكي إيراني اسرائيلي. كأساتذة ومدرّسين... كيف تقاومون هذه الهجمة... ثم ماذا عن دور المنظّمات الطالبية في فضح مثل هذه الممارسات والتصدّي لها؟ الشعب العراقي بشكل عام والمعلمون بشكل خاص يقاومون كلّ هذه الظواهر السلبية وإذا كانت مثل هذه الأشياء تحدث في ظل هذا الظرف المعقّد الذي يمر به العراق فنحن واثقون من أن الشعب سيصحّح مثل هذه الانحرافات وستعود العملية التربوية في العراق الى سابق عهدها عندما تحقق المقاومة العراقية أهداف العراقيين بالتحرر الكامل من الاحتلال. أما من جهتنا فنحن جادون في سعينا الى فضح مثل هذه الممارسات... ونطالب كل الفعاليات العربية الحزبية والشعبية والجماهيرية بدعم نضال الشعب العراقي ومقاومته الباسلة حتى يصل الشعب الى أهدافه الشريفة ويتحرّر العراق من نير الاحتلال ومن كل إفرازاته سواء في مجال التربية والتعليم أو في المجالات الأخرى.