هل ستنجح اسرائيل في دفع باراك أوباما الى ما دفعت إليه جورج بوش رغم الاختلاف الكلي بين الرئيسين؟ هل ستتكفل الولاياتالمتحدة مرة أخرى بشطب اية قوة قد يشكل تناميها خطرا على اسرائيل ؟ أم ان اسرائيل ستتكفل بنفسها بتنفيذ ما تقصر عنه واشنطن هذه المرة؟ هل يعتبر صمت الجميع عن الموضوع النووي الاسرائيلي في مؤتمر واشنطن الأخير حول الاسلحة النووية، استجابة لضغط أمريكي ام نتيجة للغياب الاسرائيلي؟ وهل كان ذلك حرصا على اسرائيل فحسب ام حرصا على الا يؤدي الكلام عن اخلاء ا لشرق الاوسط من الاسلحة النووية شمول هذا الاخلاء للاسحلة النووية الأمريكية التي تحملها صواريخ او غواصات من تلك المرابطة في الخليج العربي؟ وهل تشكل هذه الرؤوس من جملة ما تشكل تهديدا لايران نفسها، مع ما نعرفه من الجدل الذي دار حول استعمال بعض انواعها في الحرب على العراق؟ السنتكوم، او قيادة القطاع الاوسط عبرت بلسان ديفيد بترايوس عن رفضها لاقحام قواتها في حروب جديدة في المنطقة، واسرائيل تخشى من خوض حرب كهذه وحدها سواء بدأت ضد حزب الله، ام بضربة للمنشآت النووية الايرانية ام بعدوان على غزة. ولكن ألم يكن هذا هو الحال ازاء العراق عام 1991 ؟ ألم يكن كولن باول رئيس الأركان يومها يعارض بشدة استعمال القوة العسكرية ضد العراق؟ ألم يكتب في الفورنغ افير بان هذا «اللجوء الى القوة سيؤدي الى تنامي الكراهية للولايات المتحدةالأمريكية والى نمو الحركات الاصولية في منطقة يتنامى فيها نفوذ ايات الله» حسب تعبيره. ولكنه في النهاية انصاع عندما «علق الرئيس هدفه على راداره» بحسب تعبيره أيضا؟ فهل سيكون ديفيد بترايوس أكثر ممانعة من كولن باول اذا ما تمكنت اللوبيهات المؤثرة في القرار السياسي من دفع اوباما الى تعليق هدفه الايراني على راداره؟ لكن الشرق الأوسط لم يعد ما كان عليه عام 1991 ، والأهم ان العالم لم يعد ما كان عليه في تلك السنوات التي شهدت بداية النظام العالمي الجديد، اي احادية الهيمنة والقرار الأمريكيين. في الشرق الاوسط، هناك فشل في العراق ، وشبكة عنكبوت في افغانستان، وهناك في الحسبة حرب تموز، وهناك سوريا مختلفة وتركيا مختلفة. وفي العالم هناك عودة للمشاركة الدولية في القرار . عودة لا يبدو ابدا ان اسرائيل تهمل أخذها في الحسبان، ولذلك جعلت من دعمها لقيادات جديدة في أوروبا ثمنا مسبقا لموقف أوروبي داعم لها ضد ايران، وها نحن نرى موقف ساركوزي أكثر تشددا من موقف أوباما. كذلك جعلت من المصالح التي وفرتها في «حصّالتها» ،(صندوق توفيرها)، الروسي والصيني ما يمكن ان تفاوض عليه لاضعاف تأييد هاتين القوتين لايران. بالمقابل لم تهمل ايران ذلك أيضا، ولديها اسهم في صندوق التوفير هذه لا يمكن الاستهانة بها ، خاصة تلك النفطية منها. وإذا كان الصينيون قد اعلنوا بصراحة تامة ان مصالحهم هذه مع ايران هي التي ترجح موقفهم، رغم رغبتهم في تأييد الموقف الدولي من السلاح النووي. فإن هذا التصريح يبدو مقلقا بقدر ما يبدو مطمئنا. لأن كل كلمة في تصريح دولي خطير كهذا هي كلمة مدروسة بكل دلالاتها، وما صياغته بهذا الشكل الا حاملة لوجهين: تقديم تبرير واستدراج عروض. تقديم تبرير للوقوف الى جانب تخفيض العقوبات على ايران، واستدراج عروض للمصالح، حتى اذا ما لباها احد غير ايران اختلف الموقف ومال الى الجانب الأمريكي الأوروبي الاسرائيلي. مساومة تبدو مثمرة للصين ومثلها لروسيا، وقد لا تنتهي إلا بثمن كبير جدا يتقاضاه كل من هذين الطرفين. وقد يفضل التاجر الذكي ان يترك الأمر معلقا ليستمر في الابتزاز بدلا من ان يقبض تعويضا كبيرا وتنتهي اللعبة. والنتيجة أيا تكن ان الغرب والشرق سيستمران في جني الأرباح من هذه الازمة، اما في المنطقة فإن اسرائيل تخوض حربها السياسية بكل ما لديها من اسلحة هي الاخرى، وايران تقاتل بكل ما لديها لتكرس نفسها قوة اقليمية عظمى، وهذا ما ستنجح فيه اذا ما عبرت رهانها، في حين تحقق تركيا امتدادها الزاحف بعباءة عثمانية ذهبية، ليرتسم شرق أوسط مثلث الاضلاع لا مكان فيه لضلع عربي يجعله مربعا.