كشف الدكتور عصام نعمان الوزير اللبناني السابق وعضو الأمانة العامة لمنبر الوحدة الوطنية بلبنان وعضو لجنة المتابعة في المؤتمر القومي الإسلامي أن الاندفاع الأمريكي وراء المزاعم الصهيونية عن نقل سوريا لصواريخ «سكود» إلى «حزب اللّه» اللبناني هو محاولة منها لاقناع كيان الاحتلال بمدى التزام إدارة أوباما بأمنه مبينا أن ذلك جاء بقصد الضغط على رئيس حكومة الاحتلال من أجل تقديم تنازلات وتشجيع الفلسطينيين على استئناف المفاوضات معها. واستبعد الدكتور نعمان في حديث مع «الشروق» عبر الهاتف أن تكون الهجمة الأمريكية والمزاعم الصهيونية الأخيرة تحضر لعدوان صهيوني جديد في المنطقة مشيرا إلى أن موازين القوى لم تعد تتيح لكيان الاحتلال الدخول في مثل هذه المغامرات. ومن جانب آخر أكد النائب والوزير اللبناني الأسبق أن جامعة الدول العربية هي من وقع بالفعل في المأزق الأمريكي الصهيوني وأن المقاومة اللبنانية والفلسطينية ليست في حاجة إلى الدعم العربي بقدر ما هي في حاجة إلى الابتعاد عن الضغوطات العربية وفي ما يلي نص الحوار: دكتور كيف تقرأون المزاعم الصهيونية الأخيرة عن قيام سوريا بنقل صواريخ «سكود» إلى «حزب اللّه» اللبناني؟ من المعلوم أن هناك اختلافات وليس خلافات بين الولايات المتجدة وحكومة الاحتلال حول مسألة استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ذلك أن واشنطن تحاول اقناع الصهاينة بالقبول بوقف الاستيطان ولو لفترة وجيزة لتمكين الفلسطينيين من ظروف القبول بالعودة إلى المفاوضات. وفي المقابل ترفض حكومة الاحتلال التجميد وخاصة في القدسالغربية والشرقية بدعوى أنها عاصمة «إسرائيل» وبالتالي كل الحكومات الاسرائيلية كانت تقوم بالبناء في المدينة وهو ما يجعل حكومة نتانياهو غير مستعدة لخرق هذا التقليد. ولم تتمكن الولاياتالمتحدة من اقناع رئيس حكومة الاحتلال الأمر الذي دفع الفلسطينيين إلى رفض استئناف المفاوضات، لذا تسعى إسرائيل إلى إقناع أمريكا بأن الأزمة الأساسية ليست في مسألة عودة المفاوضات مع الفلسطينيين من عدمها وأن الخطر الأول هو البرنامج النووي الايراني لذا يجب من هذا المنطلق صب جميع الجهود في هذا الإطار. وفي هذا السياق يقوم الصهاينة بالادعاء بأن إيران وسوريا تقومان بتزويد «حزب اللّه» في لبنان و«حماس» في الأراضي المحتلة بصواريخ بعيدة المدى تطال جميع أنحاء فلسطينالمحتلة، وهو ما ينتج عنه تغيير في وجهة الضغط الأمريكي. كيف تفسرون التمسك الأمريكي بتهديد سوريا يوميا، وتحذيرها من صحة ما تقر هي نفسها بأنها مجرد مزاعم؟ الولاياتالمتحدة تقر بأن الأمر لم يخرج عن كونه مزاعم وكان هذا الاقرار واضحا خاصة من خلال تصريحات فيليب كراولي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية حين قال انه «لا نستطيع التأكيد بأن الأسلحة وصلت إلى حزب اللّه». لكن لماذا قاموا بكل ذلك الضغط؟ هناك تفسير واضح وهو أن جميع مراكز الدراسات والتفكير الأمريكية هي إما صهيونية أو تميل إلى «إسرائيل» وقامت بتقديم دراسات تشير إلى أن هذا الأمر حصل، في حين أن كل ذلك غير صحيح أو مؤكد. ويمكن هنا أن نؤكد أن الاستخبارات الأمريكية «السي اي ايه» تعلم جيدا أن إيران لا تملك سلاحا نوويا وأن صواريخ «سكود» لا تشكل خطرا كما تم تصويرها، فقد استعمل «حزب اللّه» في حرب 2006 أربعة آلاف صاروخ سكود وقد أقر الاحتلال بذلك بعد عشرة أيام من توقف الحرب. وقال أحد القيادة العسكرية الصهيونية أمام الكنيست ان «حزب اللّّه» أطلق 4 آلاف سكود «من صنع سوري» وليس إيراني، وعندما استغرب النوابب كيف تستخدم المقاومة اللبنانية صواريخ سورية قصيرة المدى في حين انها تملك صواريخ ايرانية بعيدة المدى قال ان ذلك صحيح وان حزب اللّه لم يستخدم ما لديه من صواريخ ايرانية بعيدة المدى في الحرب. إذن أمريكا تعلم جيدا أن المسألة لم تخرج عن إطار المزاعم لكنها أرادت أن تقول لسوريا إنه إذا لم تفعل ذلك فيجب أن لا تفعل أبدا من منطلق أن حزب اللّه لا يجب أن يمتلك صواريخ أرض جو التي يمكن أن تصيب الطائرات الصهيونية الأمر الذي سيمنعها من المشاركة في أي عدوان. هذا النصف الخاص بسوريا من الرسالة الأمريكية، فما الذي تريد أمريكا إصاله من خلال تبني المزاعم الصهيونية للاحتلال؟ أمريكا تريد أن تقول لكيان الاحتلال إن أمنك مضمون وأنظر كيف هددنا سوريا فلماذا لا تتنازل قليلا حتى نجعل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين أمرا ممكنا. إدارة أوباما تحاول خرق الاجماع السياسي في حكومة نتانياهو الذي مازال قائما وإنما بدأ يتصدع قليلا، وقد أطلق رئيس حزب العمل إيهود باراك تصريحات مضمونها أنه لا يجوز ل«إسرائيل» أن تختلف مع الولاياتالمتحدة. وبالتالي إذا ما أصر نتانياهو على عدم الوصول إلى اتفاق فيمكن أن يخرج حزب العمل من الائتلاف الحكومي ويلتحق بحزب كاديما المعارض في سبيل الاطاحة بنتنياهو. الأمريكان يحاولون الضغط على رئيس حكومة الاحتلال وكل ذلك يجب أن يحصل قبل أكتوبر المقبل بسبب الانتخابات النصفية الأمريكية وعادة لا يضغط الرؤساء الأمريكان على الحكومات الاسرائيلية في فترة الانتخابات لكي لا تضعف حظوظ حزبهم. هل يمكن أن نعتبر أن المزاعم الصهيونية تدخل في مرحلة الاعداد لعدوان جديد في المنطقة؟ لا أعتقد ذلك على الاطلاق في المستقبل المنظور على الأقل حتى الانتخابات النصفية الأمريكية لأنها أيضا قد تضر بحظوظ الأحزاب. ومن ناحية أخارى هناك توازن في القوى وكيان الاحتلال لن يقدم على حرب إلا إذا كان متأكدا من أنه سيكسبها، هذا إضافة إلى حقيقة أن سوريا وحزب اللّه أصبحوا قادرين على إلحاق أضرار كبيرة بجيش الاحتلال في أي مواجهة مستقبلية. هل يمكن أن تؤثر المزاعم الصهيونية على الوفاق الداخلي اللبناني؟ لا أعتقد ذلك أيضا فميزان القوى بعد تشكيل الحكومة الحالية مال إلى القوى المتحالفة مع سوريا وفي طليعتها حزب اللّه ويمكن التأكد من ذلك من خلال تصريح قائد الجيش اللبناني الذي دافع عن سوريا وعن علاقتها مع لبنان كما دافع عن المقاومة وهو ما قطع الطريق على الصهاينة. كيف تقيمون الموقف العربي من المزاعم الصهيونية ومن التصعيد الأمريكي تجاه دمشق؟ سوريا والمقاومة في لبنان وفلسطين لا تعتمد على العرب وهم يريدون من العرب فقط أن لا يحاولوا الضغط عليهم. كل ما يقوم به العرب هو تأجيل القرارات إلى مؤتمر جامعة الدول العربية المقرر عقده في سبتمبر المقبل. العرب يشعرون بأنهم هم في مأزق وليس سوريا، لأنه إذا ما وصلنا إلى سبتمبر دون أن تجد أمريكا نتائج تعطيها للعرب لتكون قاعدة لقراراتهم فسيخسرون معركتهم خاصة مع إيران وسيجدون أنفسهم يصارعونها لمصلحة الولاياتالمتحدة وكيان الاحتلال فقط. ما يمكن تأكيده هنا هو أن العرب يواجهون مأزقا كبيرا في القمة المقبلة.