أشرف الموسم على النهاية واقترب موسم الحصاد وبعيدا عن التتويجات الجماعية (البطولة والكأس) كان لا بد من قراءة في المردود الفردي لنحاول البحث عن اكتشافات الموسم ولا بد من الإشارة في هذا المجال أن الاكتشافات كانت شحيحة جدا وباستثناء النادي البنزرتي الذي قدم لنا شبانا بالجملة هذا الموسم فإن بقية الأندية رفضت المغامرة وكان المدربون في حاجة إلى «جرعة مغامرة» والتخلص من هاجس النتائج. النادي البنزرتي قدم لنا شبانا بالجملة مثل إيهاب المباركي وهتان البراطلي وغيرهما الكثير أما بقية الأندية المعروفة بالتكوين وتقديم الاكتشافات كل موسم مثل شبيبة القيروان فقد قطعت مع هذه العادة الحميدة والتحقت بقافلة المدافعين لشعار الانتدابات. ابراهيما كامارا (الأولمبي الباجي): يعتبر الأولمبي الباجي من أفضل المدارس الكروية في تكوين الشبان في كرة القدم التونسية وقد ساهم في تكوين عديد اللاعبين الذين تألقوا مؤخرا ولكنه شهد ركودا في السنوات الأخيرة وأصبح مستوردا هو الآخر ويمكن القول إن قدوم المدرب الجزائري رشيد بلحوت قد ساهم ولو نسبيا في استعادة قدرة هذا النادي على تكوين الشبان وذلك ببروز بعض اللاعبين هذا الموسم رغم أنهم مازالوا لم يقتلعوا مكانا كأساسيين. أما اللاعب الذي كان بمثابة اكتشاف الموسم فعلا فهو الغيني ابراهيما كامارا الذي ينشط في مركز وسط الميدان الدفاعي والذي يعد تقريبا أفضل لاعب في مركزه رغم صغر سنه ورغم عدم وجود الحوافز الكبيرة إذا قارنا الامتيازات التي يتحصل عليها بالمقارنة مع لاعبي الأندية الكبرى. ويتمتع كامارا بعديد الخصال التي من الصعب أن توجد لدى نفس اللاعب إذ أنه لاعب دفاعي يعول على الصلابة وعلى القوة البدنية لكنه لاعب مهاري وله قدرة كبيرة جدا على التمرير السريع والسليم كما أنه يمتاز بالبساطة في اللعب وهذا هام جدا من المركز الذي ينشط به عكس ألكسيس مثلا وخالد القربي اللذين يفضلان أحيانا الاحتفاظ بالكرة والمجازفة بالمراوغة غير المسموح بها ويمكن القول إن ما ينقص كامارا هو مواصلة الهجمة أو المساهمة في إتمامها إذ عادة ما تنتهي مهمته بافتكاك الكرة وتسليمها في الوقت والمكان المناسبين. لمجد الشهودي (النادي البنزرتي) مهاجم ممتاز جدّا بالمقارنة مع المهاجمين المحليين الناشطين في البطولة التونسية لأن له كل الخصال مثل سرعة الوصول إلى مرمى المنافس بفضل تكوينه السليم عكس المهاجمين التونسيين الذين يعانون كثيرا على هذا المستوى لأن الهجمة قد يتم إجهاضها في جزء من الثانية إذا لم يحسن المهاجم أخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب والشهودي لاعب متكامل. يجيد إنهاء الهجمة دون تعقيد ويعرف طريق المرمى ولا يرتبك ويعد فعلا من اكتشافات البطولة هذا الموسم لأنه كان ينشط بعيدا عنها (البطولة القطرية مع نادي السيلية) وهو لاعب تونسي / سويسري. فاروق بن مصطفى (النادي البنزرتي) أفضل حارس في البطولة إلى جانب رامي الجريدي حارس الملعب التونسي ورغم أنه حارس معروف منذ مواسم لكن بالإمكان اعتباره من اكتشافات الموسم لأنه أصبح أساسيا هذا الموسم وقدم مردودا متميزا رغم بعض الإصابات وكان تألق بن مصطفى لافتا خاصة بالمقارنة مع عديد الحراس الآخرين الذين أكدوا بأن هناك أزمة حراسة مرمى واضحة وجلية في البطولة التونسية وأن مسألة عدم التعاقد مع الحراس الأجانب في حاجة إلى المراجعة. مروان تاج (الملعب التونسي) لاعب الوسط الهجومي للملعب التونسي بالإمكان القول إنه من صنع المدرب لوفيغ لأنه كان موجودا في «البقلاوة» ولكن المدرب الفرنسي هو الذي غامر به فأصبح لاعبا أساسيا بل أكثر من ذلك من أفضل لاعبي البطولة ويمتاز بجمعه العديد من الخصال مثل السرعة والنجاح دفاعا (في التغطية) وهجوما وهو قادر على المراوغة والتوزيع والتصويب ومن نقاط قوته أنه لا يرتبك أمام المرمى وهو قادر على التنويع في طريقة اللعب حتى لا تصبح مألوفة عند المنافس. محمود بن صالح(النادي الصفاقسي) من أفضل اكتشافات البطولة حسب رأيي رغم أن الإطار الفني لم يغامر به إلا في نهاية الموسم وهو لاعب له عديد الخصال وقد كان أفضل من كل مدافعي النادي الصفاقسي رغم الخبرة التي يتمتعون بها وهو مدافع ينشط في محور الدفاع لكن المدرب يعول عليه أحيانا في مركز لاعب وسط ميدان دفاعي وهذا يعني أن له عديد الخصال الأخرى سيكشف عنها لاحقا. مروان بالغول (الترجي الجرجيسي) يمتاز مهاجم الترجي الجرجيسي الذي اكتشفناه هذا الموسم بالسرعة والقدرة على المراوغة والتسرب من كل الأروقة المؤدية إلى مرمى المنافس ولكنه في حاجة إلى عمل تكتيكي أكبر ولا بد أن يوليه الإطار الفني عناية أكبر في التمارين لأن تكوين المهاجم أصعب بكثير من تكوين المدافع أو لاعب الوسط. ولهذا المهاجم كل خصال المهاجم العصري. أين الأندية الكبرى؟ كان لا بد من طرح هذا السؤال ذلك أن الأندية الكبرى أصبحت عاجزة تماما عن التكوين وحملت شعار الاستهلاك فقط إذ لم تقدم لنا أي لاعب جديد هذا الموسم باستثناء محمود بن صالح ورغم أنه كانت هناك محاولة في بداية الموسم من طرف النجم الساحلي عندما تولى لطفي رحيم تدريب الفريق وحاول دعم بعض الشبان ونذكر أيضا بالنسبة إلى الأندية الكبرى وسيم نوارة الذي غامر به الترجي الذي كان يخطط للاعتماد على العربي الماجري أو وسام النوالي أصحاب الخبرة لكن البنزرتي فرض نوارة وكان على صواب كالعادة كما برز في الترجي خالد العياري الذي استغل فرصة رحيل هنري بيان فوني وأصبح أساسيا.