هل حقا رحل فيصل القروي عن هذه الدنيا الفانية؟ هل حقا لن نراه ثانية لا في ابن رشيق ولا في المسرح البلدي ولا في مقاهي باب البحر ومطاعمه؟ هل حقا اختفى ذلك الفنان الأنيق الباسم الودود وصمت «السكسفون» إلى الأبد؟ كانت هذه الأسئلة تجول في خاطر كل الذين حضروا أربعينية الفنان فيصل القروي التي نظمتها بامتياز دار الثقافة ابن رشيق بدعم من المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بتونس واللجنة الثقافية الوطنية. كلّهم كانوا هناك جميل الجودي، محمد القرفي، البشير الدريسي، عبد العزيز المحرزي، عبد المجيد الأكحل، صالح وكمال معاوي، محمد بوعمود، ظافر ناجي، رضا الخويني، الهاشمي غشّام، ونّاس خليجان، تلميذته زينب عبد النبي ومنية جدو عازفة القانون ومجموعة العازفات وعائلته وفي المقدمة السيدة أمينة الصرارفي وأبناؤه وأشقاؤه وقد قدم أوركستر الناشئين من تلاميذ فيصل مقطعين موسيقيين من تأليفه كما أدّت مجموعة العازفات نشيد تونس وطن ومجد من ألحانه الى جانب تسجيلات صوتية ومرئية لفيصل القروي من عرض «صفاء» و«لمّة وزهو» و«صالح الخميسي» واختتام أيام قرطاج السينمائية 2002 حتى كأنّ فيصل لم يرحل! شهادات كثيرة قيلت عنه وأجمعت على تميّز المسار الموسيقي لفيصل كقائد أوركستر وملحن وأستاذ وعازف سكسفون هذه الآلة العجيبة التي جعلها فيصل تتحدث بلغة عربية. لقد كانت معزوفات فيصل القروي على آلة السكسفون تملأ الفضاء، فضاء دار الثقافة ابن رشيق التي بدأ فيها القروي مساره الموسيقي قبل أكثر من ثلاثين عاما مع مجموعة ابن رشيق للموسيقى التصويرية التي أسّسها سنة 1980 وقدم معها مجموعة كبيرة من الأعمال الموسيقية والحفلات في المهرجانات والفضاءات الثقافية والجامعية. وبمناسبة الأربعينية أصدرت اللجنة الثقافية الوطنية كتيبا رصد مسيرة فيصل القروي فنّانا وإنسانا. أمسية جميلة في ذكرى فنان كبير أحب الحياة والموسيقى وسيبقى في الذاكرة الثقافية لتونس وكأنه لم يرحل.