عاشت الأسرة التربوية بجهة زغوان مؤخرا نشاطا مميزا استفاد منه مدرسي مادة اللغة العربية أشرف عليه السيد سهيل عروس متفقد المادة تمثل في حضور الباحث الجامعي الدكتور «محمد صلاح الدين الشريف» أستاذ اللسانيات واللغة العربية بالجامعة التونسية مدير مدرسة الدكتوراه ورئيس هيئة تحرير حوليات الجامعة التونسية ففي نطاق برنامج التكوين الجهوي في مادة اللغة العربية ثم تنظيم حلقة تكوينية في موضوع «تعلمية اللغة» استضاف لتنشيطها وتأثيث محتوياتها الأستاذ الدكتور «محمد صلاح الدين الشريف». «الشروق» واكبت فعاليات هذا اليوم التكويني والتحسيسي فكانت مداخلة الأستاذ الشريف متصلة بدرس اللغة بين عمليتي التعلّم والاكتساب، وبالفرق بين النحو الضمني والنحو الصريح فبيّن في هذا الصدد أن الإنسان يولد مجهّزا بيولوجيا بجهاز يتضمن القوانين اللغوية الكبرى وهو ما يُعرف بالنحو الكلي، وهو النحو المتصل بالخاصية اللغوية المميزة للجنس البشري فالإنسان دون غيره من الكائنات، مجهز بيولوجيا لتعلم الألسن عبر مجموعة من الاستعدادات ترجع إلى خصائص التشكل البيولوجي لدماغه، وهذا التجهيز هو ما سماه اللسانيون بالملكة اللغوية فالوليد يولد مبرمجا لتعلم الألسن وهو ما يفسّر تمكنه بسرعة من تعلم لسان محيطه واكتسابه قبل اكتسابه مهارات أخرى، من دون مدرسين ولا مدارس أو كتب. بمعنى أن للطفل برنامجا نحويا أساسيا مودعا بدماغه يتيح له أن يلتقط من المحيط جملة من الأبنية والعناصر اللسانية يؤقلمها مع نظامه الطبيعي ليبني النظام المميز لنحو محيطه، ولهذا يمكن للطفل في هذه الفترة أن يكتسب أكثر من لسان (إذا كان أبوه وأمه يتكلمان لغتين مختلفتين). ولهذا السبب أوضح الأستاذ الشريف أن أهم ما يمكن أن يُنجز في تدريس اللغة هو مساعدة المتعلم على اكتساب اللسان عبر إنجازه للكلام مشافهة ثم كتابة لذلك يتعين على المدرس التكثيف من التطبيقات والأنشطة المحفزة على استخدام اللسان على نحو عفوي بما يتيح للمتعلم اكتسابه كما يتعين عليه عدم الإفراط في التعقيد مما قد يضر بالجهاز الطبيعي للمتعلم ويحدث الاضطراب على نظامه. تفاعل جمهور الحاضرين تفاعلا كبيرا مع مداخلة الأستاذ «الشريف» وخصص القسم الثاني من الجلسة للاستماع إلى استفسارات الأساتذة والرد عليها وقد طرحت على الأستاذ الشريف جملة من الأسئلة التي تشغل المدرسين بخصوص درس اللغة تولى الإجابة عليها جميعا بما شفى غليل الحضور وفي النهاية ختم اللقاء بتثمين الإضافة القيّمة التي قدمها الأستاذ المحاضر سواء في مداخلته أو في ما تفضل به من ردود على استفسارات المدرسين وشواغلهم، مؤكدا أهمية هذا التكوين في تجويد أداء المدرسين وتطوير ممارستهم الصناعية.