حينما تأخذ وسيلة اعلامية الكيل بمكيالين فإنها تجانب الحياد والموضوعية وتسقط في معاداة شعاراتها وادعائها التمسّك بميثاق الصحافة، وتصبح بوقا من أبواق جهات مشبوهة ذلك ما سقطت فيه قناة «الجزيرة» في قطر، حيث عمدت وتعمد باستمرار الى الاساءة لتونس دون مبرّرات مقنعة وآخرها برنامج «منبر الجزيرة» الذي تمّ بثه يوم السبت 22 ماي 2010 حول حجب مواقع الأنترنات بالدول العربية، إلا أن مقدمة البرنامج ومعديه حوّلوه الى محاكمة لتونس بدعوى أنها تقوم بحجب المواقع على الأنترنات، وكأن باقي الدول في العالم والخليج تحديدا «جنّات عدن» والحقيقة أن أصحاب قناة «الجزيرة» لو نظروا فقط خارج مكاتبهم لشاهدوا القواعد الكبرى الأمريكية.. ثم لماذا لم تتحدث «الجزيرة» ولو مرة عما يجري في قطر بالذات من انتهاكات لحقوق الأفراد والجماعات وهل أن كل المواقع على الأنترنات في قطر ودول الخليج مفتوحة على مصراعيها؟ إن تونس ورغم حالة الغوغاء التي تحدثها من حين إلى اخر قناة «الجزيرة» تمّ تصنيفها الثانية على الصعيد الافريقي في سرعة الارتباط والنفاذ الى شبكة الأنترنات وفق تقرير مؤسسة «AKAMAI TECHNOLOGIE» الأمريكية علما وأن تونس لم تبق مكتوفة الأيدي، بل اتخذت عديد الاجراءات لتعميم الأنترنات على جميع مواطنيها في مختلف المواقع والجهات وشجعت على نشر الثقافة الرقمية في كل الأوساط حتى بلغت الأرياف. كما أن تونس صنفت الأولى إفريقيا و30 عالميا في مجال تكنولوجيات المعلومات ضمن 133 دولة لسنتي 2009 2010 وأن هذا التقرير يعتمد في نتائجه على ثلاثة محاور أساسية أولا: المناخ السياسي والاقتصادي الملائم لتطوير تكنولوجيات الاتصالات ثانيا: درجة استعمال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال. ثالثا: مستوى التطور التكنولوجي، ناهيك أنه الى حدّ شهر مارس 2010 بلغ عدد مستعملي الانترنات 3 ملايين و600 ألف مستعمل للأنترنات، ثم ان نجاح قمة مجتمع المعلومات المنعقد بتونس في نوفمبر 2005 قد غاب عن وعي جماعة قناة «الجزيرة» ونداء تونس العالمي لتجسير الفجوة الرقمية بين الأمم والشعوب ودعوتها الى التضامن الرقمي على المستوى الأممي، ولعلم جماعة قناة «الجزيرة» فإن كل الجامعات والمعاهد الثانوية والاعدادية تتمتّع بالربط بالأنترنات ذي السعة وقريبا سيتم ربط كل المدارس الابتدائية بالشبكة، فلماذا التباكي على حجب بعض المواقع التي تهدد مكتسبات الشعب التونسي وتهدد أمنه وهويته وثقافته. هل تريدوننا أن نترك مواقع يوتيوب الإباحية المعادية لأخلاقنا وحضارتنا وثقافتنا، تصول وتجول، حتى أن بعض هذه المواقع من يشجع على الاستغلال الجنسي للأطفال الى جانب الدعوات الصريحة للعنف ومقاطعة السياحة التونسية مما يعني إحالة الآلاف من العمال على البطالة؟ لن نسكت على ذلك، فتونس بلد الحرية والديمقراطية وهي أيضا بلد القانون والمؤسسات، لها هيبتها ولها مسؤولية الحفاظ على مصالحها الحيوية وأمنها ولن تجبرنا لا قناة «الجزيرة» والمنظمات المشبوهة عن التراجع عن الموقف العام الذي أجمع عليه الشعب والمتمثل في مواصلة البناء التنموي ونشر قيم التسامح والعقلنة والحداثة والانخراط في قضايا عصرنا بعيدا عن الوصفات المشبوهة التي تدرّ بها علينا جماعة قناة «الجزيرة» ولعلمكم في «الجزيرة» فإن أكثر من مليون و550 ألف تونسي منخرط في شبكة «الفايس بوك» (41٪ منهم إناث) أي حوالي 15٪ من التونسيين وهي أعلى النسب في العالم (إحصاء أخير ماي 2010). إن ما تتعمّده قناة «الجزيرة» من دسّ رخيص وتحريض ضد تونس ومنجزاتها لن يربك مسيرتنا ولن يعطل تكريس مشروعنا الحضاري، والأولى بجماعة «الجزيرة» أن يحدّثونا عما يجري في خليجهم والأحرى أن يحدثونا ولو قليلا عما يجري في الحدائق الخلفية هناك وقديما قالت العرب: «إذا عادت العقرب عدنا لها بالنعال».