تحيي تونس غدا اليوم العالمي للامتناع عن التدخين وقد خطت خطوات هامة على درب تقليص انعكاسات هذه الآفة المتوسعة، بفضل ما اتخذته من إجراءات وقائية ورادعة لعل آخرها حظر التدخين في الفضاءات العامة والمشتركة بعد أن تم إقرار السنة الماضية وبمبادرة من رئيس الدولة سنة لمكافحة التدخين ومضاعفة إعداد عيادات المساعدة على الاقلاع عن التدخين وحملات التوعية والتحسيس التي استهدفت كل فئات المدخنين. وما لا يدركه الجميع أن فاتورة التدخين ليست فردية، إذ أن التدخين تحوّل إلى مشكل صحة عمومية فهو أكبر الأسباب المؤدية للأمراض المزمنة والخطيرة والوفيات أيضا. والأخطر من ذلك أن التدخين ما انفك ينتشر في صفوف المراهقين والفتيات بدعوى التحرر والتحدي أو اكتساب الرجولة، وهو سلوك وظفه باعة السجائر وصناعها الذين كثفوا من استهداف هذه الفئة بما فاق جهود التحسيس والتوعية. وبات اليوم مطلوبا تفعيل قرارات المنع إذ لاحظنا ما يشبه التراخي في تطبيق عقوبات منع التدخين في المقاهي والمطاعم التي ظلّت في أغلبها تحت سحب دخانية تنفث من السجائر والشيشة. وقد تكون محدودية أعداد أعوان المراقبة المكلفين بتطبيق القانون وراء تمادي هذه السلوكات وهو ما يدعو إلى توسيع هذه الفرق والاستعانة بهياكل وأسلاك أخرى. كما يبقى العمل الجمعياتي مطلوبا في هذه الحالة وقبل جهود الهياكل الرسمية باعتبار أن المواطن يتعظ ويتحسس أكثر كلما كان المتصل قريبا منه ويقاسمه نفس الشواغل ويمكن الاستفادة في حملات التوعية والدعوة إلى الإقلاع ببعض المتضررين من التدخين المباشر أو السلبي لأن التونسي لا يرتدع إلا إذا لمس الضرر أو شاهده أو عندما يجد نفسه مجبرا على دفع خطية مالية وهو ما برز في مخالفات السياقة بسرعة. التدخين خطر عانينا منه طويلا ودفعنا فاتورة باهظة الثمن من أجله وتبدو مقاومته يسيرة في مجتمع متحضر ومثقف قادر على رفع التحديات مهما تعاظمت وتنوعت.